الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التبرز اللاإرادي .. أسبابه وآثاره وعلاجه

السؤال

السلام عليكم.

أخي عمره 9 سنوات، لديه مشكلة، وهو أنه يتبرز أحياناً كثيرة في ملابسه، وعندما نكتشف ذلك يبتسم وكأنه مسرور! وهو كذلك غير اجتماعي، وليس له أصدقاء، ودائماً يتشاجر مع زملائه، ومع إخوته في البيت، وعندما تحدث له أي مشكلة أو شجار ينغلق على نفسه، وأحياناً يرسم أشخاصاً داخل أقفاص، أو سجن، أو يرسم شخصاً يضرب آخر، وأيضاً لا يستطيع التعبير عما في نفسه، مع أنه متفوق في مدرسته، ولا يعاني أي مشاكل في الدراسة.

فكيف نتصرف معه؟ وما هو نوع العقاب الذي يمكننا استخدامه معه؟ وهل يعاني من اكتئاب؟
وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فيعتبر التبرز اللاإرادي من اضطرابات المسلك المزعجة جدّاً، خاصة في هذا العمر، وهنالك أسباب عضوية بالتأكيد، ولكن الأسباب الغالبة هي الأسباب النفسية.

الأسباب العضوية تتمثل في حدوث إمساك مزمن، وهذا يؤدي إلى توسع في المستقيم، مما يجعل البراز يتراكم، وهذا التراكم يؤدي إلى خروج البراز بصورة لا إرادية، ويعالج هذا غالباً بالقيام بعملية إخراج كاملة، وتنظيف للمستقيم عن طريق الحقن الشرجية، وهي معلومة لدى الأطباء.

أما الأسباب النفسية فهي كثيرة، ومنها عدم الارتياح النفسي، الصعوبات الأسرية، أن يكون الطفل لم يجد حظه الكامل من التربية المتوازنة، وفي بعض الأطفال يكون هذا التصرف نوعا من الاحتجاج بصورة لا إرادية، أي أن يحتج الطفل على وضعه ويود أن يثبت ذاته، وقد رأى بعض العلماء أنه أيضاً – أي هذا التصرف – ربما يعادل نوعا من الاكتئاب النفسي لدى الأطفال، حيث أننا نعلم أن الاكتئاب النفسي يمكن يصيب الأطفال كما يصيب الكبار، ولكن في الأطفال لا يعبر عن الاكتئاب كما يحدث عند الكبار، ويكون التعبير أو الصورة التي يظهر بها الاكتئاب عند الصغار هي اضطرابات المسلك، ومنها السرقة والتبرز اللاإرادي.

حقيقةً هذا الطفل يحتاج إلى مراجعة نفسية كاملة، ومن ثم البحث في الأسباب إذا كانت على نطاق الأسرة، أو على نطاق المدرسة، وبما أنه مُبَرِّز في المدرسة، فلابد أن تكون المشكلة في البيت، وذلك مع احترامي الشديد للأسرة.

فإذن: إذا كانت هنالك أي مشكلة، خاصة في التعامل مع هذا الطفل، لابد أن يصحح مسار هذا التعامل، والذي نوصي به دائماً هو التحدث مع الطفل وطمْأَنَته بأن هذا السلوك غير مرض، ولكنه غير إرادي، وإن شاء الله هو مقبول ومحبوب داخل الأسرة، ولكن عليه أن يذهب إلى الحمام في فترات معلومة، على سبيل المثال كل أربع ساعات حتى وإن لم يكن له الرغبة في التبرز؛ لأن ذلك سوف يؤدي إلى نوع من الانبساط في عضلات الشرج والمستقيم، مما يجعلها تنكمش وتنقبض وتنفتح بصورة آلية، وهذا يؤدي إلى التحكم في البراز إن شاء الله.

لابد أيضاً أن نسعى لتشجيع وتحفيز هذا الطفل، هذا أمر مهم جدّاً، ونحاول أن نتغاضى عن سيئاته بقدر المستطاع، وألا يُنتقد كثيراً، ولكن لا مانع من التوبيخ التربوي البسيط إذا تطلب الأمر ذلك.

سيكون من المفيد له أيضاً أن يعطى الفرصة لأن يختلط ويتفاعل مع أقرانه ومن نفس عمره، وسوف يكون من الجيد أيضاً أن يشجع على ممارسة الرياضة مثل كرة القدم وخلافها، فهي أيضاً إن شاء الله تفجر طاقاته بصورة صحيحة، وتمتص غضبه وكل مشاعره السلبية الداخلية التي يعبر عنها فعلاً وليس قولاً.

هنالك بعض مدارس الطب النفسي التي توصي بإعطاء بعض العلاجات المضادة للاكتئاب، والدواء الذي يستعمل في هذه الحالة يعرف باسم تفرانيل، والجرعة هي 25 مليجرام فقط ليلاً، لمدة ثلاثة إلى ستة أشهر.

أنا أفضل المنهج الإرشادي الأول، أما إذا استصعبت الأمور فلا مانع من الاستعانة بالدواء، وإذا لم ينفع ذلك فلابد أن يعرض هذا الطفل على أخصائي في الطب النفسي للأطفال.

وجزاك الله خيراً، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • فلسطين المحتلة هيثم

    اتمنى له الشفاءوالعافيه

  • rayane

    merci

  • المملكة المتحدة ريانه

    شكرا .انا استفدت من رد الاستشاري جزاه الله خير

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً