الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي يخفي عني راتبه ويقضي جميع عطلاته مع أهله!

السؤال

السلام عليكم.

زوجي طيب ويحبني لكنه يخفي عني أمورًا كثيرًا، مثل الراتب الذي يتقاضاه والمبلغ الذي يدخره، بالرغم من أنني امرأة عاملة ويعرف تمامًا كل دينار أين أصرفه وكم راتبي وتفاصيل المال الذي معي، في بداية زواجنا كنت أدفع إيجار البيت ومصروفي ومصروف طفلتنا، وبعد أن تحسن وضعه تركت له دفع الإيجار مؤخراً، وأساعده بأمور بسيطة كثياب الأطفال، ومصروفي كاملًا، وروضة ابنتنا، وقد لاحظت أنه يخفي كم يدخر من المال حتى يأخذ مني.

والأمر الثاني: إنه يقضي جميع عطلاته تقريباً مع أهله، فله عطلة يوم واحد أسبوعياً، وهو يخيرني بين الذهاب إلى أهله معه أو أن يذهب بمفرده، وبالنسبة لذهابي معه فأنا لا أمانع ولكن لا أحب قضاء جميع العطل معهم، فمرة أحب أن أقضيها معه وأطفالنا وحدنا، ومرة نجلس في البيت، لا داعي للذهاب إليهم في كل عطلة، علماً بأنه يزورهم خلال الأسبوع عندما تتاح له الفرصة.

وأود الإضافة أنّ أمه مزعجة وطريقة تعاملها فظة في الغالب، ومهما قدمت لها وعملت من أجلها لا أنال منها حتى كلمة شكر، وعندما أغضب من عدم رغبتي بالذهاب عند أهله يبقى يستفزني حتى نبدأ بالصراخ والمشاكل، فما الحل؟

وأضيف أنه لا يساعدني في أعمال المنزل مهما تعبت ومرضت إلا بشيء يسير جدًا جدًا، مع أنني ساعدته طول الأزمات المادية التي مر بها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك ابنتنا العزيزة في استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك مع الموقع، كما نشكر لك أيضًا ثناءك واعترافك بالجوانب الحسنة الإيجابية في زوجك، وهذا دليل على رجاحة عقلك.

وثانيًا: ننصحك - ابنتنا العزيزة - بأن تهوّني الأمر على نفسك، ففيما يتعلق بالجانب الأول وهو كتمان الزوج ببعض تفاصيل حياته وشؤونه الخاصة؛ لا ينبغي أبدًا أن يكون هذا السلوك منه مصدر قلق لك أنت، فضلاً عن أن يُصيبك بشيء من الضيق أو الاكتئاب أو غير ذلك، فإن بعض الناس يميل إلى الاحتفاظ ببعض الخصوصيات، ويكره اطلاع الآخرين عليها، وهذا الكتمان لا يُؤثّر على حياتك ولا يضرّك في شيءٍ، ولا يدلُّ هذا الكتمان أيضًا على عدم المحبة أو غير ذلك، وربما كان الأمر كما قلتِ أن الدافع وراءه أنه يريد أن تُشاركيه في بعض النفقات.

ونحن ننصحك - ابنتنا العزيزة - بالإحسان إلى زوجك بقدر استطاعتك، وإشعاره بحبك له وحرصك على راحته وسعادته، فوصول هذا الشعور إليه ممَّا يُعزّز الثقة بينكما، ويُديم الألفة والمحبة، وبذلك يبقى البيت متماسكًا قويًّا يسوده الوئام والتوافق والحب.

وكوني على ثقة أن كل ما تُعينين به زوجك أو تُنفقينه على نفسك أو على بيتك، فإنك إنِ احتسبتِ ذلك فهو مكتوبٌ لك صدقة عند الله تعالى، وهذا من رحمة الله تعالى بنا، أن يدّخر لنا ما ننفقه على أنفسنا ويُجازينا به خيرًا في آخرتنا، وقد جاءت بهذا المعنى أحاديث كثيرة، كما أن الله سبحانه وتعالى وعد المُنفق بالخلف، فقال: {وما أنفقتم من شيءٍ فهو يُخلفه}، والملائكة في كل صباح تدعو للمُنفق بالخلف، فتقول: (اللهم أعط منفقًا خلَفًا) أي: عِوضًا.

فكوني على ثقة إذًا من أن ما تعينين به زوجك وتُنفقينه على أسرتك سيُخلفه الله تعالى عليك، كونه سببًا للثَّواب وبابًا من أبواب الأجر، فنوصيك بالاحتساب.

وأمَّا عن العطلة وقضائها مع أهله فإن هذا الجانب وإن كان يُشكر له حرصُه على بِرِّه بأهله والإحسان إليهم، وهذا السلوك كلما تعزّز فيه كلَّما انعكس ذلك عليك أنت وأسرتك، فإن الإنسان الذي يرعى حقوق الآخرين -ومنهم الأسرة الكبيرة والأقارب- سلوكه هذا يدعوه غالبًا إلى الحفاظ على حقوق أسرته الصغيرة والقيام برعايتهم ومراعاة الله تعالى في حقوقهم، فلا تتضايقي كثيرًا من هذا السلوك الذي يقوم به زوجك، وكوني عونًا له على الإحسان إلى أهله وبرِّهم، وبركة هذا السلوك سيعود عليك أنت وعلى حياتك أيضًا.

وننصحك بأن تُشاركيه ما استطعت في قضاء الإجازات مع أهله، فإنه بذلك يشعر بالتوافق والتلاحم بين أسرته الصغيرة وأسرته الكبيرة، ولكن هذا لا يعني أنه لا يُعطيك وأسرتك الصغيرة حقًّا خاصًّا، ولكن حتى تصلي إلى هذا لابد من التأنّي والتريُّث وحُسن العرض، ومحاولة استعمال المؤثرات على زوجك، ومن ذلك أن تشرحي له بلطف وبعرض حسنٍ في أوقاتٍ يكون فيه رائق المزاج هادئ النفس، وليس بالضرورة أن يكون في يوم الإجازة، أن تشرحي له بهدوء حاجة المرأة إلى أن تخلو بزوجها وأسرتها الصغيرة، وأن هذه هي طبيعة الإنسان، وعِديه بأنك ستشاركين في أوقات أخرى، فبحسن عرضك نأمل إن شاء الله تعالى أن يُجيبك إلى ما تطلبين.

نسأل الله تعالى أن ييسّر لك الخير، وأن يُديم الألفة والمحبة بينك وبين زوجك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً