الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي مرض نفسي وأنوي التقدم لفتاة، فهل أخبرها بذلك؟

السؤال

السلام عليكم

عمري 26 سنة، سأتقدم لخطوبة فتاة، ولكن عندي ما يسمى بالمرض النفسي، وأتابع مع دكتور، وأتناول دواءً منذ أكثر من 3 سنوات، ولا ينفع أن أوقفه.

سؤالي: كيف أخبرها وأهلها بذلك؟ الموضوع مخجل بالنسبة لي، وأيضًا رأيت تربويين على مواقع التواصل ينصحون بفسخ الخطبة إذا كان المتقدم يعاني من أمراض نفسية، هل فعلاً هذا حل تربوي؟ لأنه طبقًا لآرائهم لن يتزوج أي مريض نفسي أو زواجه محكوم عليه بالفشل!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك ابننا الفاضل في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يكتب لك العافية والسلامة، وأن يكتب لك الأجر، وأن يعينك على الخير، وأن يقدر لك الخير، ثم يرضيك به.

الإنسان المريض يستطيع أن يتزوج والمرض ليس عيبًا، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يكتب العافية والسلامة لكل مريض، ولكن من المهم جداً أن يعرف الناس طبيعة المرض، آثار المرض، وخلفية المرض، وهذه الأمور من السهل جداً معرفتها، يعني لو أن فتاة خطبت من شاب عنده مرض نفسي وأخبرها فعليها فقط أن تلجأ إلى الجهات الطبية لتعرف آثار هذا المرض، وتأثيره على الأطفال، تأثيره على مستقبل الحياة، إمكانية التعايش معه، وهذا حق للطرفين؛ لأنه أصلاً السؤال عن الخاطب أو عن المخطوبة هذا حق شرعي.

فإذا كان هذا المرض من النوع الذي يؤثر على الحياة الزوجية، فمن المهم أن تعرف الزوجة هذا الإشكال، أما إذا كان من الأمور الخفيفة التي ثبت أنه لا أثر لها، أن الإنسان يمكن أن يستأنف حياته بطريقة طبيعية فليس هناك داع للكلام عن مثل هذه الأمور، وأنا أحب أن أؤكد مرة أخرى أن توسيع دائرة السؤال، والبحث مطلب؛ يعني من حق الشاب أن يسأل عن الفتاة من جيرانها، زميلاتها، أهلها، ومن حق الفتاة في البداية أن تسأل عن الشاب وأهله، وأصحابه، وحياته، وصحته، هذا حق للطرفين تبيحه الشريعة، لكن إذا سألنا ثم حصل الوفاق والاتفاق فما ينبغي أن نترك ما عندنا من قناعات لأجل كلام نسمعه من هنا أو هناك.

والزواج حق لكل إنسان، وإذا قلنا المريض لا يتزوج فعدد كبير من الناس لا يستطيع، بل نحن نزيد فنقول الزواج قد يكون علاجًا لكثير من المرضى، وقد يكون سببًا لبلوغ العافية، فدور الأسرة، ودور الزوجة كبير، أو دور الزوج كبير جداً في تخفيف آثار المرض، بل هو الدور الأكبر، أي أكبر مما تمنحه العقاقير الطبية، الدور الأسري كذلك للذين حول هذا المريض.

فأرجو ألا تتأخر واجتهد دائماً في اختيار صاحبة الدين، الفتاة العاقلة التي يمكن أن تتفهم وتعينك على الخير، وأيضاً لا مانع من أن تسأل الطبيب الذي تتعالج عنده عن إمكانية الزواج، وعن الأشياء التي ينبغي أن تنتبه لها، وقد يساعدك أيضاً في الاختيار.

إذاً نسأل الله أن يعينك على إكمال هذا المشوار، ولا تقرأ أي كلام مكتوب؛ لأن كل إنسان يكتب ما يريده، والتعميم في مثل هذه الأمور لا يصلح، وإنما يترك هذا لأهل الاختصاص، بعد دراسة الحالة، ومعرفة المرض، وبيان الأعراض، والتوقعات المستقبلية، ودرجة المرض، وآثار المرض على من حوله، يعني هذه كلها أمور ينبغي أن تعرفها أنت، وبعد ذلك من حق الفتاة التي تريد أن ترتبط بك أن تعرف إذا كانت هذه الآثار تؤثر، أما إذا كانت لا تؤثر فلست مطالبًا بعرض هذه الأمور أصلاً.

نسأل الله أن يقدر لك الخير، ثم يرضيك به، ونتمنى أن تكون الإجابة واضحة، ودائماً حاول أن تسأل أهل الاختصاص، ولا تقرأ وحدك المعلومات وتحاول أن تطبقها؛ لأن هذا من الإشكالات الكبيرة، فكل إنسان يستطيع أن يكتب على السوشيال ميديا وعلى النت الاشياء التي يريدها حقاً أم صواباً، وحتى لو كان صوابًا فإن هذا الصواب يختلف من شخص إلى شخص، والمرض دائماً يقوم على تشخيص الطبيب، بعد ذلك يحدد حتى الدواء وقد يعطي هذا دواء يختلف عن الثاني، والدواء الذي يعالج هذا قد يقتل الثاني، ويضره -فنسأل الله أن يعينك على الخير- ودعك من العموميات، وتعامل مع أهل الاختصاص، وتوكل على الله تبارك وتعالى.

نسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً