الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي لا يصلي وأهله يتدخلون في حياتنا.. فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم

أنا متزوجة منذ سنتين، لدي طفلة، ولكني أشعر بندم شديد على زواجي من زوجي، نحن تزوجنا عن حب، ولكن ليس لديه شخصية أمام أهله، فلو أن أمه أو أباه أهانوني فإنه يقف ساكتًا، ولا يتكلم، حتى إن ظلموني يقف ساكتًا، ولا يحترم أهلي، ويرفع صوته على أمي، وأنا إذا حاولت أن أرد على أمه يتشاجر معي.

المشكلة أن أهله ظلموني كثيرًا، قبل زواجنا بأسبوع كانت هناك مشاكل بين أهلي وأهله، وكنت أريد أن ينتهي كل شيء بسرعة، كنت أحس أننا بعزاء، وليس في عرس، لم أفرح أبدًا في عرس، وكل السبب والده.

والده يتحكم بكل شيء حتى وقت نومنا واستيقاظنا، لا نستطيع التنفس من دون أذنه، وأمه تدخل علينا الغرقة بدون استئذان، كنت أتحمل وأقول سيفرجها الله -والحمد لله- استطعنا أن ننتقل من عندهم إلى بيتنا الخاص، ولكن ما زال والده يتحكم بكل شيء، وهذا يزعجني كثيرًا، أنا أريده أن يكون بارًا بوالديه، ولكنهم يتدخلون بكل شيء.

كلما أتذكر ماذا جرى معي، وخاصة في وقت العرس أندم ندمًا شديدًا على الزواج، لدرجة أني أريد أن أضرب رأسي بالحائط حتى يغمى علي، لا أعلم إن كنت سأستمر بهذا طول عمري.

أنا أحس بوجع شديد في قلبي كلما أتذكر ماذا كان يجري، وكيف كانوا يعاملونني، أحس بأنني سأموت بجلطة، وخاصة أن أمه تفضل بنتها الأخرى عليّ؛ لأنها من أهلها، مع أني أفعل كل شيء يرضيهم، وأكون محترمة جدًا معهم، وحتى إن كانوا يقومون بإهانتي.

والد زوجي كان يحاول دائمًا أن يكرهني بأهلي وأنفصل عنهم كي أبقى عبدة عنده، وليس لي أحد يحميني، وزوجي لا يهتم بنظافته الشخصية أبدًا، ورائحته تصبح كريهة جدًا؛ لأنه يستحم فقط بالماء، ولا يتطهر من الجنابة لأسابيع، وطبعًا لا يصلي، كانت أول شروطي معه أن لا يترك صلاته، ويبقى بعيداً عن كل شيء حرام.

أرجو أن تساعدوني وترشدوني إلى الطريق الصحيح.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ آلاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحُسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يهدي زوجك وأهله لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو، وأن يصرف عنهم سيء الأخلاق والأعمال، فإنه لا يصرف سيئها إلَّا هو.

أرجو أن نبدأ معك بآخر نقطة، وهي: تشجيع هذا الزوج على المواظبة على الصلاة؛ لأن الصلاة هي مفتاح الخيرات، واجعلي همّك هداية هذا الرجل، فـ (لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خيرٌ لك من حُمْرِ النِّعم)، فكيف إذا كان هو زوجك وأبو هذه البنت التي نسأل الله تبارك وتعالى أن يُنبتها نباتًا حسنًا، وأن يُعيذها وذُريّتها من الشيطان الرجيم.

أمَّا بالنسبة للمواقف السابقة التي حدثت فأرجو طي هذه الصفحات، واحمدي الله الذي يسّر لك البُعد عنهم، ووجودك في بيتٍ منفصل، واعلمي أن لكل شيءٍ نهاية، فالذي أخرجك بتوفيقٍ منه إلى بيتٍ منفصلٍ سيُخرجُك أيضًا من هذه الدوّائر المزعجة الأخرى، وأعتقد أنك تخلصت من الجزء الأهم والأخطر في المشاكل بهذا البُعد وبالبيت المنفصل الخاص بك.

نرجو أن تستمري على ما أنت عليه من الخير، لا يحملك ما يفعله الناس من خطأ على أن تُخطئي في حقهم، واعلمي أن الله يوم القيامة يُحاسبنا، كلٌّ نفسٍ بما تسعى، فالذي يفعل الخير سيجد الخير في الدنيا والآخرة، والذي يفعل الشر سيجد العقوبة في الدنيا والآخرة، ولا يحيق المكر السيء إلَّا بأهله.

لا تحملُك إساءة الآخرين إلى الرد عليهم بالإساءة، فالإنسان لا يترك ما عنده من كمال وأخلاق جميلة؛ لأن الناس أساؤوا إليه، والحياة عمرها قصير، فسندخل إلى قبورنا ونقف بين يدي ربنا تبارك وتعالى، ويسألنا ويُحاسبنا، فالإنسان ينبغي أن يعمل بما يُنجيه عند الله تبارك وتعالى.

أكرر دعوتي لك إلى دعوة هذا الزوج إلى المحافظة والمواظبة على الصلاة؛ لأن المواظبة على الصلاة ستدفعه إلى الاهتمام بنفسه وبنظافته، فالصلاة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ كَمَثَلِ نَهْرٍ جَارٍ غَمْرٍ عَلَى بَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ)، وقال: (أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ؟)، قَالُوا: لَا يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ، قَالَ: (فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، يَمْحُو اللهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا)، إذًا الصلاة هي تُطهّر الظاهر وتُطهّر الباطن، ونسأل الله أن يُعينك على الخير.

نكرر دعوتنا لك إلى الصبر على أهل هذا الزوج، وإن شاء الله هذه الأمور تتلاشى، وتعوّذي بالله من شيطانٍ يريدُ أن يجرّك إلى الوراء، يُذكّرُك بما مضى من أجل أن يُحزنك، فإذا ذكّرك الشيطان ما مضى فانظري إلى المستقبل، واستغفري الله، وأمّلي خيرًا، والمؤمنة ينبغي أن تنظر للمستقبل بأملٍ جديدٍ وبثقةٍ في ربِّنا المجيد سبحانه وتعالى، واعلمي أن مَن يفعل الشَّرِّ سيجد –كما قلنا– عقابه، فأشغلي نفسك بما يُرضي الله تبارك وتعالى، واهتمّي بطفلتك، واجعلي همّك إرشاد هذا الزوج وهدايته إلى الصلاة؛ لأن هذه هي أساس السعادة، وهي مفتاحه، وهي العنصر الأساسي لاستقرار الحياة واستمرارها.

نسعد باستمرار التواصل مع الموقع، ونتمنّى أن تتجاوزي الماضي، وإذا ذكّرك الشيطان به فاحمدي الله الذي أنجاك، واحمدي الله تبارك وتعالى على الأشياء الجميلة التي قابلتك في هذه الحياة، واعلمي أن المشاكل التي تحدث بين أهل الزوج وأهل الزوجة تحصلُ بكل أسف في زماننا في أكثر البيوت، لكن المشكلة هي أن نعطيها أكبر من حجمها، هي أن نصطحبها معنا لتُعكّر علينا صفو حياتنا، والعاقلة مثلك تجعل مساحات الأحزان والمساحات السالبة قليلة في حياتها، وخيرُ ما يُعينك على هذا الإكثار من الصلاة، والسجود لله تبارك وتعالى، والدعاء، وشغل النفس بالقرآن وبالهوايات المفيدة، ونسأل الله أن يشغلنا جميعًا بطاعته، وأن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً