الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أرفض فكرة الزواج نهائياً لخشية تحمل المسئولية الأسرية

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب بسن الـ ٢٣ عاماً، رافض فكرة الزواج؛ وذلك لما أراه في الحياة بوجه عام، والسبب الأكثر هو أني لا أريد تحمل مسؤوليات الأسرة وتربية الأولاد، والمشاكل الأسرية، والمصاريف وغيرها الكثير.

مع العلم أن بإمكاني الزواج، وظروفي المادية جيدة، ولكني رافض الفكرة تماماً؛ لأني أرى نفسي لا أصلح أن أكون رب أسرة.

سؤالي هو: هل امتناعي عن الزواج حرامُ، أم إثم، أم لا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إيهاب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أولاً: نذكّرك بنعمة الله تعالى عليك، وتيسيره لأمورك المادية، وبسط الرزق لك، بحيث أصبحت في وضعٍ مادّيٍّ تستطيع معه الزواج إذا أردتَّ، وهذه النعم الكثيرة التي تعيشُها أنت يفتقدُها ربما ملايين الشباب من المسلمين وغير المسلمين، فينبغي أن تتذكّر نعمة الله تعالى عليك، ومن شُكر هذه النعم أن توظّفها فيما ينفعك في دينك ويُقرّبك إلى ربك.

ومن هذه الأعمال التي تنفعك في دينك ودنياك وتُقرِّبُك إلى ربِّك الزواج بنية الاستعفاف عن الحرام، ولهذا جاءت الأحاديث الكثيرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- المرغّبة في الزواج لمن قدر عليه، فقال عليه الصلاة والسلام: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ، فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ)، وقال عليه الصلاة والسلام: (تزوّجوا) وقال: (مِنْ سَعَادَةِ ابْنِ آدَمَ: الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ، وَالْمَسْكَنُ الصَّالِحُ، وَالْمَرْكَبُ الصَّالِحُ)، وقال أيضًا عليه الصلاة السلام: (مَنْ رَزَقَهُ اللَّهُ امْرَأَةً صَالِحَةً، فَقَدْ أَعَانَهُ عَلَى شَطْرِ دِينِهِ، فَلْيَتَّقِ اللَّهَ فِي الشَّطْرِ الثَّانِي)، وقال في رواية أخرى: (إِذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ فَقَدْ كَمُلَ نِصْفُ الدِّينِ، فَلْيَتَّقِ اللهَ فِي النِّصْفِ الْبَاقِي).

ولأن الله تعالى يُحبُّ الزواج، ويُحبُّ إنشاء الأسر، وإن تحمّل الزوج بعض التكاليف -كالتكاليف المادّية، والقيام على الأسرة وتربية الأولاد-؛ ولأن الله تعالى يُحبُّ الزواج ويعلم سبحانه وتعالى أنه قد تترتّب عليه تكاليف؛ كان في عون هذا الإنسان الذي يتزوّج بقصد الإعفاف، كما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمْ: المُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الأَدَاءَ، وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ العَفَافَ).

إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة التي وردتْ في الترغيب بالزواج وذكر الأجر والثواب المترتّب عليه لمن يفعله ابتغاء رضوان الله تعالى، وقصد إعفاف نفسه، وتحصيل الذريّة الصالحة، وهذه كلها مقاصد حسنة.

فنصيحتُنا لك: أن تتزوّج، ما دمت قادرًا عليه، وتتزوج بهذه النية، وسيجعل الله تعالى من زواجك خيرًا كثيرًا، وستحمد العاقبة، وسترى أنك أحسنت التصرُّف حينما ترى آثار وثمار هذا الزواج، فإن الزواج يعني تحصيل الذريّة، وأنت ستأتيك مراحل من عمرك تحتاج فيها إلى ذُرِّيتك من أبنائك وبناتك، فبادرْ بالزواج ما دمت تقدر عليه.

ولكن إذا كنت تأمن على نفسك من الوقوع في الحرام -أي الفاحشة والوقوع في المحرّمات-، وكنت لا تريد الزواج فإنك لا تأثم بتركك للزواج، وإنما تأثم إذا تركت الزواج مع خشيتك الوقوع في المحرمات، في هذه الحالة يُصبح الزواج واجباً عليك، فإذا تركته أثمت، أمَّا ما عدا ذلك فالحكم يختلف فلا إثم عليك، ولكن سيفوتك كثير من الأجر والفضل الذي ذكرناه لك في الأحاديث، ونسأل الله تعالى أن يُقدّر لك الخير وييسّره لك، ويشرح صدرك له والإقدام عليه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً