الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ابنتي صارحتني بمعاناتها من وسواس النظافة.. ما نصيحتكم؟

السؤال

ابنتي تبلغ من العمر 22 عامًا، وتدرس بالجامعة، وتعاني من وسواس النظافة والصلاة، ولم أكن أعلم بمعاناتها حتى صارحتني بذلك، وترفض الذهاب للطبيب، ولكون والدتها عانت سابقًا من نفس المرض، وتحسنت بشكل كبير، فقد نصحتها باستخدام بروزاك حبة واحدة، مع متابعتي لحالتها، وأتمت الآن شهرًا، ولم تحس بتحسن، وحصل معها اكتئاب بعد استخدام بروزاك.

تتمثل أغلب الأعراض التي صارحتني بها في قضاء أوقات طويلة في الاغتسال، وإعادة كثير من فروض الصلاة وعدم لمس الأشياء.

تعاني من هذا المرض منذ نعومة أظافرها.

سؤالي: هل أخطأت بتوجيهها لاستخدام البروزاك، وبماذا تنصحوني؟ وهل هناك عيادات متخصصة موثوقة تستخدم نظام الجلسات السلوكية اون لاين باستخدام البرامج مثل سكاي بي.

شاكرًا لكم ووفقكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو فراس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في موقع استشارات إسلام ويب، وأسأل الله لابنتك هذه الشفاء والعافية.

أخي: الوسواس القهري بالفعل مرض مزعج، وبعض الذين يُعانون منه يتكتمون عليه، وتكون هنالك سِرّية، وهذا يزيد من المعاناة، خاصة بالنسبة للفتيات، الحمد لله هذه الابنة أقدمت وأخبرتك بهذه العلّة، وطبعًا العلاج الدوائي جيد ويفيد، لكن لا بد أن تكون هنالك بعض التعليمات السلوكية، وليس من الضروري أن يكون هنالك علاج سلوكيّ معرفيّ كامل.

حقيقة لا أستطيع أن أرشح حيال هذه الابنة سلوكيات مخصوصة أون لاين، هذه البرامج موجودة، لكنها تتفاوت طبعًا في تكلفتها وطريقة التعامل معها، عمومًا أنا في رأيي إذا كان بالإمكان أن تذهب بابنتك لطبيب نفسي مباشرة، جلسة أو جلستين، وليس أكثر من ذلك، وإن لم تستطع حقيقة هذه البُنيّة، أو إذا لم تستطيعوا الذهاب بها؛ فهنالك إرشادات يمكن أن أوجهها لها.

أولًا: يجب أن تفهم أن الوساوس يجب أن تُحقّر، ويجب أن يتم تجاهلها، ويجب أن تُحدد كمية الماء، هذا أمرٌ مهمٌّ جدًّا، لا تتوضأ أبدًا، ولا تغسل من ماء الصنبور، تحدد كمية الماء، ويجب – أخي الكريم – أن تقودها لتلمس الأشياء التي تحس أنها متقززة نحوها، مثلاً تقوم أنت بلمس الشيء، أنا حقيقة من التمارين البسيطة جدًّا التي أُشهد الذين يعانون من الوساوس، أنا بنفسي أقوم أمامهم بلمس أسفل حذائي بيدي، وهذا طبعًا أمر مقزّز جدًّا للشخص الذي لديه وساوس النظافة والخوف من القاذورات والبكتيريا، وهذه الأشياء، وأقوم في ذات الوقت بأن أجعل الشخص يلمس أسفل حذائه، معظمهم يجدون صعوبة شديدة، لكن أقوم بمسك يده، وأضعها أسفل الحذاء، طبعًا أنا حين ألمس أسفل حذائي هنا أودُّ أن أكون أنا النموذج، والنموذج العلاجي حين يكون في مكان الطبيب – أقول طبعًا هذا بكل تواضع – هذا يقود المريض حقيقة إلى نوع من الدافعية الإيجابية نحو العلاج، وفي خلال جلستين إلى ثلاثة يتحسّنون تمامًا بشكل غير عادي، فيمكن أن تقوم أنت بنفس هذا التمرين.

اجلس مع ابنتك، اتفق معها طبعًا على الشروط العلاجية، سوف يتم لمس أسفل الحذاء، وإذا رفضتْ ذلك تقوم بمسك يدها، ويكون هناك ماء مُحدد وموجود في كوبين فقط، في كوبين وكمية بسيطة من الماء، تتفق معها أنكما ستقومان بغسل الأيدي بعد ذلك خمس دقائق بعد عملية اللمس، والتي يجب أن تستمر على الأقل دقيقتين، ويكون هنالك حركة أو فرك لليد على سطح الحذاء، حتى يحصل نوع من الإطماء – كما نسمّيه – وتمسك -وأنت تقوم بمسك يدك التي لمست بها الحذاء- بيدك الأخرى، وتمسح فيما بينهما، ثم بعد ذلك بعد دقيقتين تقوم بغسل يدك فقط من كمية الماء المحددة، وابنتك يجب أن تقوم بنفس التمرين، وهكذا.

هذه تمارين بسيطة جدًّا ومفيدة جدًّا، تحديد كمية الماء أنا أظنُّ أنه أمر مهم جدًّا.

بالنسبة للدواء يا أخي: الـ (بروزاك) دواء رائع جدًّا وفعال، وما دامت والدتها قد استجابت له فيما مضى، فهي إن شاء الله سوف تستجيب، أنا أعتقد أنه يجب أن ترفع الجرعة إلى أربعين مليجرامًا، وتضيف إليه جرعة صغيرة من عقار يُسمَّى (ديانسكيت) حبة واحدة، البروزاك بجرعة أربعين مليجرامًا سوف يكون له فعاليته، والبروزاك فعاليته المضادة للوساوس لا تبدأ قبل ثمانية أسابيع من بداية العلاج، فيجب أن نعطي الدواء فرصة، وطبعًا إذا لم تتحسن على البروزاك يمكن أن ننتقل إلى الـ (زولفت)، وهو الخيار الثاني، ويوجد أيضًا الـ (فافرين) وهو الخيار الثالث، أدوية كثيرة موجودة، وطبعًا جرعة البروزاك يمكن أن ترفع حتى ستين مليجرامًا.

وهذه الفتاة – أخي الكريم – يجب أيضًا أن نعلمها كيف تتجنب حقيقة الفراغ، الفراغ الذهني والفراغ الزمني، ويجب أن تُحسن إدارة وقتها، وتتجنب السهر، ولا بد أن تشارك في الأعمال المنزلية، تدخل المطبخ مع والدتها، ويكون هنالك نوع من التعرض والتعريض التام للحياة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً