الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل فطرة المرأة في الاهتمام بالماديات فقط؟ وكيف تتجاوز ذلك؟

السؤال

هل حقاً المرأة مفطورة على أن تختار دائمًا الشكل الأفضل -الجانب المادي - في الرجل، ولا تهتم له كنفس بشرية؟ هل هي حقيقة أم شبهة؟ وما رأي الإسلام حول هذا الموضوع؟ وكيف تتجاوز المرأة هذه الأفكار إن وجدت؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Zaraaa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك أختنا في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُقدّر لك الخير، ثم يُرضيك به.

لا شك أن المعيار الشرعي لاختيار الرجل هو الدّين، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخُلقه فزوّجوه)، والناس رجالاً ونساءً طبعًا يهتمُّون بالنسب وبالمظهر وبالمال وبهذه الأمور؛ لكن المعيار الصحيح والمعيار الذي ينبغي أن يسير عليه كل مَن يريد الخير في حياته هو أن يجعل الدّين في البداية، والدّين هو الأساس:
وكُـلُّ عيبٍ فإنَّ الديـن يَجبُرُهُ ... ومـا لِكَسـرِ قَنـاةِ الدِّيـنِ جُبْـرانُ

أمَّا كون المرأة مفطورة على الاهتمام بالشكل والمظاهر، فهذا بلا شك صحيح؛ لأن العاطفة تغلبُ عليها، ولكن العاقلة عند مسألة الاختيار ينبغي أن تستدعي عقلها ووعيها، وقبل ذلك تسأل عن الشروط التي نبّه إليها النبي صلى الله عليه وسلم (دينه وخُلقه)، تختار على هذا الأساس، وهذه من الحكم التي جعلتها الشريعة لمَّا خاطبت المرأة، الخطاب لها ولأوليائها: (إذا أتاكم) أهل الزوجة والزوج (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه)، والعاقلة دائمًا تُقدّم أهلها من الرجال (أوليائها، محارمها) فالرجال أعرفُ بالرجال، والرجل يمكن أن يخدع المرأة بمظهره، بابتسامته، بكلامه، لكن حقيقته تتكشّف أمام إخوانها من الرجال، والمرأة العاقلة المؤمنة تقدم مرضاة الله على كل شيء، فهذه أم سليم -رضي الله عنها- لما خطبها أبو طلحة -رضي الله عنه- قبل أن يسلم، قالت له: إنك رجل كافر، وأنا امرأة مسلمة، فإن تُسلم فذاك مهري لا أسأل غيره، فأسلم بسبب دعوتها، فهذا مثال للمرأة المسلمة التي هدفها مرضاة الله، أما ما نراه اليوم فهو طمس لهوية المسلمة، التي يريد الغرب أن يجعلها تافهة في فكرها وأهدافها.

لذلك أرجو أن يكون هنالك تركيز على هذا الجانب، والشريعة حافظت على المرأة وجعلت لها وليًّا، يُشاركها في الاختيار، يمكن أن يقول لها (هذا أفضل، هذا وجدناه معنا في المسجد، هذا خيرٌ لكِ)، ولكن في النهاية صاحبة القرار هي المرأة، فإذا وجدت شابًّا صاحب دينٍ وصاحب خلق، ووجدتْ في نفسها ميلاً وارتياحًا وانشراحًا له، ووجدَ هو مثل ذلك؛ فعند ذلك نقول: (لم يُرَ للمتحابين مثل النكاح).

ومسألة النظرة له كنفس بشرية وكإنسان طبعًا هذه أشياء مطلوبة، وفي النهاية الشريعة لا تريد الاستعجال في هذا الأمر، ومن الإنصاف للرجل وللمرأة أن ننظر إليه نظرة شاملة، لا ننظر إلى جانب واحد، ولكن ننظر إلى كافة الجوانب التي عنده، فما من إنسان - رجل أو امرأة - إلَّا وفيه نقائص، ونحن بشر والنقص يُطاردنا، لكن طُوبى لمن تنغمر سيئاتُه القليلة في بحور حسناته الكثيرة.

الإسلام يُعطي المرأة الفرصة، ويُشجّع المرأة ويدعوها إلى أن تشاور محارمها، فالذي يريد أن يأتي إليها يأتي يطرق الباب ويقابل أهلها، وهم الذين يُتيحون له بعد ذلك الخطوات التي بعدها، وطبعًا على الأولياء أيضًا أن يُشاوروا الفتاة ويهتمُّوا بوجهة نظرها، وإذا وجدوا أنها تنظر نظرة سطحية للشكل فقط، فعليهم أن يُنبّهوها إلى أهمية الاهتمام بالدّين والخُلق؛ لأنها تعيش بهذا مع زوجها.

والمرأة مثل هذه الأفكار تتجاوزها بقُربها من محارمها، وبالشورى، وبالاستخارة، كما علّمتنا هذه الشريعة.

نسأل الله لنا ولكم ولك بنتنا التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً