الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

انقلبت حياتي فأصبحت منعزلًا وتدنى مستواي الدراسي، فهل من نصيحة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لدي مشكلة: لا أعلم ما هي، ولا أعلم كيف أشرحها وأفصلها بالتفصيل!! انقلب حالي من حال إلى حال، ولا أعلم ما هو السبب! سأحاول توضيح الأمر وما أعانيه.

أنا شخص كنت اجتماعيًا وصدري يتسع للناس، لا أغضب، وأجلس مع أهلي كل الوقت، وأضحك وأبتسم، وكل الأمور عندي سهلة وبسيطة، وفجأة دون سابق إنذار انقلب حالي وصرت منعزلًا طوال الوقت في غرفتي، وسريع الغضب من أتفه الأسباب، أصبحت لا أطيق نصائح أبي بسبب أسلوبه الهجومي، مع أنني كنت أتقبلها سابقاً.

أعاني من كسل شديد، ونوم كثير، وتسويف الأمور، لا ألتزم بدروسي ولا حتى بنظافتي الشخصية، أجلس 24 ساعة بغرفتي ولا أخرج إلا في ساعات الدوام، وبسبب التأجيل والإهمال خسرت درجات كثيرة، وحملت مواد معي، لا أعلم ما مشكلتي بالضبط، ولماذا التغير المفاجئ؟ ولكن كل ما أعلمه أن هذه التغيرات حصلت لي بعد أن سافرت لمدة سنتين، وعشت وحدي للدراسة الثانوية.

أحس أن حياتي أصبحت كئيبة والروتين مكرر، كل يوم في غرفتي، وكلما حاولت الدراسة أسوف، والإهمال يقتل أيامي.

انقطع تواصلي مع أقاربي، منذ سفري لم أعد أعلم أين هم ولا أي خبر عنهم، وأصبحوا يكرهونني لا أعلم لماذا؟ وهناك أفكار تتوارد في عقلي مثل: فكرة الزواج من أجل تكوين عائلة، وحتى أعيش حياة أفضل، وأفكر في ترك الجامعة، والبحث عن عمل بسبب تدني مستواي.

مع العلم أنني لست فاشلًا، كل ما في الأمر هو إهمال مني، لا أعلم سببه، ولا أعلم كيف أعالجه؟ حروفي مبعثرة، ولا أعلم هل وصلت المعلومة أم لا؟

أتمنى فهمي، وشكرًا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فلان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في إسلام ويب، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والثبات، أنت وصفت شخصيتك بأنها شخصية اجتماعية منفتحة ومنشرحة، وفجأة حصل لك التغير السلبي الذي ذكرته.

أخي: التغيرات هذه قد تكون لأسباب بسيطة جداً في بعض الأحيان، وذلك يعتمد على شخصية الإنسان، أنت شخصيتك شخصية انبساطية كما نسميها، والشخصية الانبساطية قد تجد صعوبة كبيرة في التواؤم مع الأمور الشديدة نسبياً، أو الأمور الجادة نسبياً، أقول لك هذا مع احترامي الشديد لك، وهي معلومة علمية يجب أن نقبلها جميعاً.

فيا أخي الكريم: الذي تحتاجه هو أن تكون أكثر صرامة مع ذاتك، النفس يجب أن تقاد يجب أن توجه، ويجب أن تلُجم أيضاً في بعض الأحيان، ولا بد أيضاً أن نكافئ أنفسنا بعمل أي شيء إيجابي، هذا ضروري جداً -أيها الفاضل الكريم-.

ابتعادك لمدة سنتين خلال دراسة الثانوية كان من المفترض أن يكون أمراً مشجعاً لك؛ لأن اعتمادك على ذاتك يعتبر وسيطاً تأهيلياً عظيماً جداً، الذي أراه أن التكاسل الذي تعاني منه الآن أعتقد أنك بصورة شعورية أو لا شعورية تود أن يكون هنالك اهتمام أكبر من الأهل، ولا أقول لك لا تريد تحمل مسؤولية، لكن قطعاً نفسك هي التي تبحث عن الحلول السهلة في الحياة، النفس -يا أخي- كما ذكرت لك يجب أن نوجهها والله تعالى أعطانا القدرة والقوة والمهارة والخبرة لأن نوجه ذواتنا ونغيرها، لقوله: (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ).

أنت محتاج لخطوات سيكولوجية سلوكية نفسية بسيطة جداً.
أولاً: أن تدرك أنك يمكن أن تتغير.

ثانياً: أنت مسؤول مسؤولية كاملة حيال نفسك، بل يجب أن يكون لديك مسؤولية حيال أسرتك أيضاً، البر بالوالدين هو أحد شروط تحمل المسؤولية الحياتية، وأحد أبواب البر بالوالدين هو أن ينجح الإنسان وأن يثابر حتى يحدث لديهم الفرح والسرور.

أيها الفاضل الكريم: بعد ذلك عليك بخطوات بسيطة جداً، وأهم هذه الخطوات هي أن تغير نمط حياتك، من خلال حسن إدارة الوقت، وحسن إدارة الوقت تتطلب النوم الليلي المبكر، وتجنب السهر تماماً، النوم الليلي المبكر يؤدي إلى تحسين مستوى ما نسميه بالموصلات العصبية، أو النواقل العصبية، وهي توصيلات عصبية ومواد دماغية وهي التي تتحكم في مزاجنا، واستبصارنا، وتوجهنا الصحيح نحو الحياة، تفرز ليلاً وكذلك في البكور، -فيا أخي- النوم الليلي المبكر يعطيك بعد ذلك النشاط، بحيث تؤدي صلاة الفجر في وقتها، وبعد ذلك يمكنك الاستحمام، وتناول كوب الشاي، وأن تدرس لمدة ساعة على الأقل، وهذه الساعة قد تكفيك تماماً؛ لأن الدماغ يكون يقظاً ويتحفز للاستيعاب في هذا الوقت، والإنسان الذي ينجز في الصباح ينشرح قلبه وصدره ويكون لديه القابلية والدافعية والإيجابية من أجل المزيد من الإنجاز في أثناء اليوم، فهذه نقطة جوهرية نقطة مركزية يجب أن تدير وقتك من خلالها.

وبعد ذلك تقسم وقتك في بقية اليوم، الذهاب إلى الدراسة، الرجوع، أخذ قسط من الراحة، ممارسة شيء من الرياضة، الترفيه عن النفس بما هو طيب وجميل، بعد ذلك أيضاً دراسة حتى وإن كانت لوقت قصير، الصلاة في وقتها، ثم ترجع لنفس الشيء وهو تجنب السهر وتنام مبكراً.

أيها الفاضل الكريم: هذه هي الأسس الرئيسية لتغير نمط الحياة ليصبح نمطًا إيجابياً، عليك أيضاً الاهتمام بغذائك، عليك أن تكون شخصاً مساهماً مساهمات إيجابية في أسرتك، وعليك بالرفقة الطيبة الصالحة، هذا هو المنهج الحياتي السليم، ويجب أن تدعمه أيضاً بممارسة الرياضة، التفكير في الزواج وغيره أعتقد أنه مجرد أحلام يقظة في هذه المرحلة كنوع من الهروب النفسي، وإن كانت هي فكرة إيجابية، لكن لديك الكثير الذي يجب أن تقوم به، وأنا أود أن أذكرك بشيء مهم جداً، وهو أن الإنسان في هذه الدنيا يمكن أن يفقد كل شيء اكتسبه إلا علمه ودينه، هذه لا يستطيع أحد أن يأخذها منك أبداً، فأحرص على التزود بالعلم، والتزم بدينك، وسوف تجد نفسك أنك في أمن وأمان بحول الله تعالى، بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً