الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أكتسب حياة اجتماعية وأجيد الحوارات؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب بعمر 22 سنة، متخرج من كلية الهندسة بامتياز، لكني أرى نفسي غير اجتماعي، حياتي كانت منغلقة عليّ منذ عمر الـ 13، لا أختلط إلا قليلاً جداً، إلا إذا اضطر الأمر للتعامل مع زميل دراسة أو بائع أو غيرهم.

عندما أضطر للتعامل مع الناس أجد صعوبة في إيجاد الكلمات، لا أعرف ماذا أقول! أحس كأن عقلي فارغ من الحوارات، حاولت عند دخولي الجامعة شيئاً فشيئاً الاختلاط بالناس وتكوين صحبة، لكني لستُ الذي يبدأ في تكوينها، وأجد صعوبة في إنشاء حوار متبادل، وإن لم يتحدث الطرف الآخر معي فإن الحديث ينقطع في الغالب، أو أحاول إيجاد أي كلام يجري الحوار.

علاقتي بأهلي ليست جيدة أبداً، أيضاً لا أجد ما أقوله في البيت، وفي أغلب الأمر لا نتحدث، وكل واحد منا منكب على هاتفه!

لدي أخوان وأنا أوسطهما، وعلاقتي بهما ليست جيدة، لا يهتم أحد لأمر الآخر، وهذا على الأغلب بسبب عدم قدرتي سؤالهم والحديث معهم، وإيجاد ما أتحدث عنه معهم، فكل واحد منهم أيضاً ينكب على هاتفه.

منذ عزلتي في عمر 13 سنة، وأنا أدمن العادة السرية ومشاهدة الأفلام الإباحية، وحاولت كثيراً الإقلاع عنها، ولكن أعود إليها بعد كل محاولة، وكانت معرفتي بهذه العادة بسبب أخي الأكبر حيث شاهدته مرة يمارسها بعد شجار بيننا، فجلس وحيداً في الغرفة يمارسها، لا أعرف ربما يكون هذا سبب عدم حديثنا، ونشوء حاجز بيننا، كما أرى أنه هو ابتعد عني أكثر من أخي الأصغر.

ما زلت أحاول التخلص من العادة السرية، وأحاول الاختلاط بالناس، ولكن أجد صعوبة كبيرة جداً في ذلك، وأحاول التقرب إلى الله بتأدية الفروض التي عليّ، وأحاول دائماً إشغال وقتي بفيديوهات صغيرة دينية، بدافع تزكية النفس، وعدم إيجاد وقت للتفكير في فعل العادة السرية، وأشغل وقتي بالدراسة أيضاً حتى لا يعود هناك وقت في اليوم لأفكر بفعل هذه العادة.

سمعت مرة أن عدم إيجاد حوار يسبب قلة المعرفة، فبدأت أقرأ هذه الأيام في كتب، وأحاول الانتظام عليها، وهي: (الأب الغني والأب الفقير)، (لأنك الله)، (فن التعامل مع الناس، أربعون لأحمد الشقيري) لكن ما زلت في البداية في جميعها.

سؤالي: أرجو منكم النصيحة، أحس بفراغ عقلي عند الحوار مع أي أحد، والخوف والرهبة من الحوارات، وبسبب ذلك لا أستطيع بر والدي، ولا صلة رحمي، ولا التعامل مع الناس بشكل طبيعي.

أفيدوني أفادكم الله، وأرجو منكم النصيحة، بارك الله فيكم وحفظكم وزادكم علماً، وأعتذر منكم على الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك الصحة والعافية.

أولاً: نحمد الله تعالى أنك أكملت دراستك الجامعية بتقدير ممتاز، فهذا فضل ونعمة، وتوفيق من الله عز وجل.

ثانياً: نقول لك إن التغيير ممكن، ما دامت لك الرغبة فيه، وبما أنك بدأت تقرأ وتبحث عن سبل التغيير والتحسين فهذه هي الخطوة الأولى، وليس ذلك على الله بعزيز، خاصة وأنك الآن مقبل على الحياة العملية بعد التخرج، وقد تجد فيها الكثير من التفاعلات والتعاملات مع الآخرين.

ثالثاً: بما أن مشكلة العزلة قد بدأت منذ زمن مبكر فالأمر يتطلب منك تمارين عملية، لكسر الحاجز النفسي واكتساب المهارات الاجتماعية المطلوبة، فالأمر يتطلب أولاً منك تعزيز الثقة بالنفس، وذلك بترك كل المنكرات التي اعتدت عليها، وما دمت عازماً على تركها فسيعينك الله سبحانه وتعالى على ذلك، فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له، والتائب حبيب الرحمن، وتذكر بأن الله تعالى غفور رحيم، وإذا تحسنت العلاقة مع الخالق فحتماً وبعون الله ستتحسن مع الخلائق.

رابعاً: حاول إدارة حلقات نقاش مصغرة مع من تعرفهم أو من هم دونك سناً ومعرفة، وفي الاجتماعات مع أفراد الأسرة أو غيرهم بادر بطرح الأسئلة، حتى إذا كنت تعلم بالإجابة، وبادر أيضاً بالتعليقات على كلام الآخرين، فهذا يساعدك كثيراً في مواصلة الحديث، وكلما سألت المتحدث أمامك عدة أسئلة كلما سهل ذلك عليك مواصلة الحديث معه، فحاول بالاتفاق مع بقية أفراد الأسرة تخصيص وقت معين في الأسبوع مرة أو مرتين لقراءة كتاب من السيرة، أو الفقه أو أي كتاب مفيد، كما ذكرت بعض الكتب التي بدأت تقرأ فيها، يكون الوقت في نحو نصف ساعة أو أقل أو أكثر بقليل، وشجعهم على ذلك، فقد تجد من يستجيب، وابدأ بإقناع الوالد والوالدة إذا كانوا موجودين ثم بقية الإخوة، ويكون درساً ميسراً غير ممل، ويمكن أن يعقبه أو تعقبه محفزات بسيطة، مثل المأكولات أو المشروبات، تعد بطريقة غير روتينية أو كما اعتاد عليها أفراد الأسرة، حتى نحدث التغيير الحقيقي في هذه الجلسة، ولابد أن تقسم أيضاً في هذه الجلسة الأدوار، لتكون المشاركة للجميع، وتسمى هذه الجلسة إن شئت أن تسميها أي اسم، ولكن يمكن أن تسميها نصف ساعة بدون هاتف أو بدون جوال، وسترى -إن شاء الله- أنها مفيدة للكل، وسيساعد ذلك في تنمية مهاراتك الاجتماعية، وفيها أيضاً كسر الحواجز بينك وبين أخويك وبين بقية أفراد الأسرة، ويكون لكم فيها الأجر إن شاء الله، إذا داومتم عليها ونويتم بها طاعة الله سبحانه وتعالى، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً