الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما طبيعة العلاقة بين الزوجين في ظل انتشار الأفكار النسوية؟

السؤال

شيوخنا الأفاضل، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هناك أمر دائمًا ما يثير تساؤلات في زماننا هذا، وهو طبيعة العلاقة بين الزوجين في الإسلام، وحيث إن زماننا مع الأسف مليء بما يسمى (سيداو والنسوية) والتي تدعو إلى تفكك وانهيار الأسر وتشتتها، حيث يشجع المرأة على عدم تأدية واجباتها سواءً أكانت للزوج بشكل خاص، أم للبيت والأولاد، وأيضا يشجعها على عدم القيام بالأعمال المنزلية في بيت الزوج وعدم الخدمة، وهذه الأمور.

وما يثير تساؤلي هو سيطرة الرجل أو الذكر على البيت، فالمرأة تقوم بالتنظيف طوال الوقت ولا ترتاح، ولا تهدأ، أما الرجل في يوم إجازته فيجلس متصفحًا مواقع التواصل، أو يشاهد التلفاز، والمرأة تعمل طوال اليوم.

كما أنني كنت أعلم أن الزواج مليء بالحب والمودة والاستقرار، وهذه الأمور، ولكنني عندما رأيت هذا الشيء، أخذت فكرة عكسية تمامًا، فالمرأة تعمل طوال اليوم والرجل لا يبالي، ولا يتلطف بالزوجة، ولا يقول لها كلمة طيبة، والزوجة عليها دائمًا أن تلبي رغباته وطلباته، وكأنها يجب أن تهب كل حياتها له، هذا يعني أن الرجل يذهب للعمل، والمرأة يجب عليها التنظيف والغسل والطبخ والكنس ورعاية الأولاد والتعليم والتدريس، والرجل عند العودة من العمل يرتاح.

وأيضًا كذلك الأمر في أيام الإجازة، وأنا لا أرى أن هذه حياة ملائمة، فهل هذه هي الحياة الزوجية التي في الدين؟ أنا متأكدة أن دين الإسلام الحنيف هو دين يسر وموازنة، ولا أتخيل أن الحياة الزوجية في الإسلام يجب أن تجري هكذا.

جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك أختنا الفاضلة في الموقع، ونشكر لك هذا السؤال الرائع، ونسأل الله أن يُفقِّهنا في الدِّين، وأن يُلهمنا رُشدنا، وأن يُعيذنا من شرور أنفسنا.

أرجو أن تعلمي بدايةً أن أفكار (سيداو) و(النسوية) هي أفكارٌ خارجة لا أقول عن الإسلام؛ بل خارجة عن الفطرة السوية، وهي تجاوزات لا تُرضي الله تبارك وتعالى، وهي من كيد أعدائنا، ونتجتْ لأجل الظلم الذي وقع على المرأة في أجر العمل، ثم تطورت المسألة فأصبحت المرأة هناك تُطالب بالمساواة مع الرجل.

ولكن نحب أن نُذكّر أن إحدى الناشطات من هذه التيارات جاءت إلى بلادنا العربية والإسلامية، زارت العواصم العربية، شاهدتْ المرأة المسلمة وجدتها في البيت، فقالت: (والله إنها لملِكة، وجدتُّ المرأة جالسة في البيت يخدمها الأب، يخدمها الابن، يخدمها الزوج، يأتيها الزوج آخر اليوم في قلبه الحب وفي يده الخبز وعليه العرق والتعب، وهي جالسة أميرة مخدومة) قالت: (والله إنها لملكة)، ثم اعترفت فقالت: (لكن نحن المغفَّلات طالبنَا بالمساواة بالرجل فقَبِل الرجلُ الغربيُّ الفكرة، فساويناه في العمل والتعب والكدح، ولم يُساوينا أو يُشاركنا في الحمل والوضع والإرضاع) تقول: (حقًّا نحن مغفَّلات).

فإذًا مَن تُفكّر بهذه الطريقة هي من هذا النوع الذي لا يُدركُ مصلحته، ونحب أن نؤكد أن الحياة التي أشرتِ إليها، الرجل الذي لا يخدم ولا يُساعد؛ هذا يُخالف هدي النبي - صلى الله عليه وسلّم – الذي كان في مهنة أهله، كان يعاون أهله، وكان يَخيطُ ثوبَه، ويخصِفُ نعلَه، ويعمَلُ ما يعمَلُ الرِّجالُ في بيوتِهم، وكان في بيته ضحَّاكًا، بسَّامًا، يُدخلُ السرور على أهله.

والعجيب أن هذه التصورات الزائفة لا تُريدُ للمرأة أن تعمل في بيتها، لكن يُراد منها أن تعمل في الخارج، وكلُّ ذلك من انقلاب الفطر وانعكاسها، وشرف للمرأة أن تخدم زوجها وأبناءها، لكن هذا لا يعني أن الرجل لا يُشارك، بل ينبغي للرجل أن يُساعد ويُعاون ويُلاطف ويهتمّ بأهله، هكذا كان النبي عليه الصلاة والسلام، الذي كان في بيته ضحَّاكًا، بسَّامًا، يُدخلُ السرور على أهله، وهو الذي قال: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي) وقال: (خياركم خياركم لنسائهم).

فالرجل الذي يقسو على المرأة ويظلمها ولا يُساعدها ولا يعاونها على العمل؛ هذا مخالفٌ لشريعة الله، مخالفٌ لهدي النبي – عليه صلاة الله وسلامه -.

وكذلك المرأة التي تريد أن تتوقف عن العمل داخل البيت ويمكنها أن تعمل في الخارج، حتى من الطرائف التي وقفتُ عليها قبل أيام، أن المرأة قالت لزميلاتها: (يُتعبني، ويقهرني – يعني كذا وكذا -) قالت لها: (طلّقيه، اخلعيه) قالت: (لا، أنا أقصد مديري في العمل)، قالت: (اصبري عليه، الحياة تحتاج إلى الصبر)، هكذا تنقلب المفاهيم عند بعض بناتنا.

ولذلك نحن نشكر لك هذا السؤال، ونبيّن لك أن الإسلام، هذا الدّين الذي كلّه رحمة، رحمَ الأنثى، وأمر الرجل أن يُشفق عليها، بل الشريعة وضعت عنها بعض التكاليف، بل الشريعة سمحت لها ألَّا تصوم إذا كانت حاملاً أو مُرضعًا، وأن تُصلي جالسة إذا كانت مُتعبة من الحمل ونحوه، هذه هي الشريعة في يُسْرِها وجمالها، وما ينبغي أن نحكم على الشريعة من ثقافة المسلسلات، أو من جهل بعض الرجال وتقصيرهم في الوفاء بزوجاتهم.

وكذلك ما ينبغي أن نتابع هذه الأفكار الغربية التي لا تُناسب ديننا، بل لا تُناسب الفطرة، بل لا تناسب ما بقي من الأديان السماوية.

فنسأل الله أن يُعينك على الخير، وأن يُفقهنا في الدّين، ونُكرر لك الشكر على هذا السؤال، ونتمنّى أن تُغيّر هذه الإجابة الفكرة التي عندك، لتعرفي جمال هذا الدّين، وتكوني أيضًا داعيةً لزميلاتك، تُبيِّني لهنَّ أن ديننا لا يرضى بهذا الظلم الذي يحدث، كما أن ديننا يرفض ما يحدث من خلال برامج (السيداو)، والبرامج التي تدعو إلى النسوية، يعني الأفكار النسوية المنحرفة، ونسأل الله أن يهدينا إلى الحق والصواب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات