الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخاف كثيرًا من المستقبل وأن أعجز عن إعالة أسرتي، فأرشدوني

السؤال

السلام عليكم.

خائف من المستقبل، وأدعو الله كل يوم ليحفظني من وساوس الشيطان ووساوس نفسي، فأنا غارق في خوف قهري من مستقبلي بإعالة أهلي، ومن عملي اليومي، كل يوم تراودني أفكار بإنهاء حياتي، وإني والله أجاهد نفسي، وأتضرع إلى الله ليصبرني، ويشفي ما في صدري.

تملكني خوفي من خسارة عملي في المستقبل، وعدم استطاعتي إعالة بيتي، حتى أنه منعني الابتسامة، وجعل حياتي جحيما مع أهلي وعائلتي، طوال الوقت مكتئب وخائف من المستقبل والرزق، وخائف علي ابنتي، ولا أطيق الشغل، أذهب إليه وأنا مكتئب، ومتوقع طوال الوقت أن مصيبة سوف تقع، ولا أحس بالاستقرار في أي مكان، ودائماً أريد الهرب من حياتي، أرجو مساعدتي لأني تعبت.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ amr حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب.

أولاً: نسأل الله تعالى أن يكفينا وإياك بحلاله عن حرامه، ويُغنينا بفضله عمَّن سواه.

ثانيًا: هذه الأفكار - أيها الحبيب - التي تُراودك وتُعاني منها أفكار سيئة مصدرها الشيطان، لأنه يريد أن يُدخل الحزن إلى قلبك، ليشغلك عمَّا هو نافع لك في دينك ودنياك، وهذا من أُمنياته ويسعى لأجله، وقد أخبر الله تعالى عنه بذلك في كتابه فقال: {إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا}، فهو يسعى جاهدًا لإدخال الحزن إلى قلب المؤمن، وجعله يعيش في حالة من الاكتئاب والضيق، لأنه بذلك يصدُّه ويمنعه من الاشتغال بما ينفعه.

والطريق لمدافعة هذه الأفكار - أيها الحبيب - تقوية الإيمان، فتعلم أن الله سبحانه وتعالى قد قدّر المقادير قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وأنه سبحانه وتعالى هو الرزاق الكريم، ومظاهر لطفه ورحمته وبِرّه بهذا الإنسان -بل بالمخلوقات جميعًا- لا تُحصى، الذي رزقنا ونحن في بطون أُمّهاتنا، ويسّر لنا ما تقوم به حياتُنا، سيتولى أمرنا ورزقنا في غير ذلك الحال.

وخير ما ينفعك في تقوية هذا الإيمان - أيها الحبيب - قراءة القرآن الكريم بتدبُّر وتأمُّل، فكم فيه من الآيات التي تُحدثنا عن رزق الله تعالى وعن تولّيه لعباده، وقد قال سبحانه في كتابه: {وما من دابة في الأرض إلَّا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها}، وقال: {وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم}، ومعنى (لا تحمل رزقها) أي: لا تدخر رزقها، فكم من المخلوقات حولك يرزقها الله تعالى مع عدم قُدرتها على التفكير والتدبير، ومع ذلك يسوق الله تعالى إليها رزقها بلطفه وبِرّه.

نحن ننصحك - أيها الحبيب - بأن تحرص على ما ينفعك، وهذه هي وصية النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز)، خذ بالأسباب المباحة في طلب رزقك، واعلم أن ما قدّره الله تعالى سيكون، وأنه سبحانه وتعالى أرحم بك من نفسك، فإذا أحسنت ظنك بالله تعالى فإن حسن الظنّ هذا من أسباب الرزق أيضًا، لأن الله تعالى يقول في الحديث القدسي: (أنا عند ظن عبدي بي، فليظنّ بي ما شاء).

نسأل الله سبحانه وتعالى أن ييسّر لنا ولك الخير، ويكفينا بالحلال عن الحرام.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً