الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أمي ترغمني على كل شيء يخصني، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم.

جزاكم الله خيرا على عملكم المتقن.

أنا مراهق عمري 17 سنة، أنا محافظ وأعبد الله جيدا، وأحاول تجنب كل شيء نهى عنه الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، لكن أمي تمنعني من بعض الأشياء كارتداء البانطلون القصير خارج المنزل وحلق اللحية، أريد أن أمتنع عن هذه الأشياء وأتبع سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولكن أمي تجبرني على فعل ما تأمرني به سواء كان حلالاً أو حراماً، ويصل بها الأمر أن تضربني وتسبني، فماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ياسين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بداية: سؤالك هذا يدل على رجاحة عقل وحرص على الدين، فرغم وصف نفسك بالمراهق كمرحلة عُمرية، إلا أنني أرفض وصف نفسك بذلك الوصف، فأحسبك رجلا راجح العقل حريصا على دينك، كما أن ديننا ليست فيه تلك التصنيفات، فمثلك كانوا قادة للجيوش، وفاتحين للبلاد، وكانوا يتساوون مع الرجال الكبار في كل المعاملات الشرعية.

ثانيا: يجب أن تدرك دوافع والدتك في تصرفاتها معك، فهي لا تأمرك بهذا من باب التسلط أو التضييق عليك، إنما دافعها هو الحفاظ على دينك ونجاتك في الآخرة، وهذا يكفي كي يطيب صدرك تجاه توجيهاتها، ولا تحزن من تلك الأوامر.

ثالثا: اعلم أن القول اللين يجعل من أمامك يتفهمك ويتفهم مقاصدك ويتقبل النقاش، فموسى عليه السلام قال الله تعالى له: (فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى)، وإبراهيم عليه السلام خاطب والده باللين والإقناع كي يصرفه عن الشرك، وقد أثمرت تلك الطريقة عن قبول خصومهم للنقاش، وأمك -حفظها الله- ليست أطغى من فرعون ولا أفظ من آزر أبو إبراهيم، حاشاها. فحاول أن تنتهج معها نهج القول اللين وناقشها في تلك الأمور لعلها تتفهم دوافعك وقصدك.

رابعا: اعلم -أخي- أن الطاعات ثقيلة على النفس مصداقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم (حفت النار بالشهوات، وحفت الجنة بالمكاره) والنفس تميل إلى التفلت واتباع الهوى، وما تأمرك به الوالدة من أمور الطاعات، كترك أثر للحية على الوجه، وعدم ارتداء ما فوق الركبة، فجاهد نفسك وامتثل لأمرها ولو بالحد الأدنى، وهكذا.

خامسا: احمد لله أن هناك من يذكرك بطاعة الله، وييسرها لك، فأنت في نعمة كبيرة، غيرك يتمنى معشارها! كثير من الذين اهتدوا للإسلام يجاهدون أهلهم في سبيل إقامة فروضهم من صلاة أو حجاب أو صيام! وأنت قد يسر الله لك الطريق وهيأه لك بالتزام والديك وعدم معارضتهما لك، بل ويحثونك على فعل سنة النبي صلى الله عليه وسلم.

سادسا: هذا تذكير لك بفضل بر الوالدين ولعلك تعرفه جيدا، ولكن من باب (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين)، فقد سُأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ؟ قَالَ: «الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا» قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ» قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «ثُمَّ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ»، وقد قال ابن عباس: ليس شي أحط للذنوب من بر الوالدين. وأمك لا تأمرك بمعصية، بل طاعات وسُنن تؤجر عليها، ففي طاعتها ثوابين، ثواب السُنة وثواب البر، فاحرص عليهما.

وفقك الله.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر Khadidja

    بارك الله فيك

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً