الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجتي تغيرت وترفض الحياة معي ومع أولادنا، فما نصيحتكم لي؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا متزوج منذ تسعة أعوام، ورزقنا بمولودنا الأول بعد تسعة أشهر من الزواج، ثم توالى بعده بقية أبنائنا بوتيرة ولد كل سنتين، في البداية كانت مشاعر الحب المتبادل تخيم على حياتنا الزوجية، ثم تلاشي الحب شيئا فشيئا وحلت مكانه الخصومات والمشاجرات، ثم تفاقمت حتى صارت تحصل أحيانا بمرأى ومسمع من أولادنا.

اليوم زوجتي ابتعدت عني وعن أولادنا وصارت تقضي معظم وقتها خارج البيت، وتقول إنها تفضل الوقت الذي تقضيه في العمل على الوقت الذي تقضيه في البيت، عندما تكون في البيت لا تكلمني ولا تكلم الأولاد ولا تجلس معهم، بل تنشغل عنا بجوالها وسماع الموسيقى، لقد طلبت مني الطلاق قبل شهرين، ورفضت طلبها، لقد تفاقم الوضع وازداد تعقيدا، وأظن أنه لم يعد باستطاعتي تغييره، ولا أعرف بماذا أبدأ حتى أغيره، فبماذا تنصحونني؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Attah حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أخي الفاضل-، ونحن سعداء بتواصلك معنا على موقع استشارات إسلام ويب.

وبخصوصِ ما تفضلت بالسُّؤال عنه فأقول: أعانكَ الله، وأحسن إليك بصبرِك، وأبشِرْ بالخير؛ فإن الصبر وحسن عِشْرة الزوجة، واحتساب ذلك عند الله أجرُه عظيمٌ، فالله عز وجل لا يضيع أجر مَن أحسن عملًا.

أخي الكريم: مع كل هذه الأحوال وهذه المعاناة، فالحياةُ بحمد الله وتوفيقه تمضي بكما معًا، حتى رُزِقتما بالأبناء -حفظهم الله-، وأمضيتُما تسع سنوات بحُلْوها ومُرِّها، وتجارِبها القاسية والجميلة، والتي أكسبَتْك بلا شكٍّ خبرةً كبيرة بمواطن القوة والضعف في شخصية زوجتك، وأصبحتَ على معرفة بمنافذ نفسيتها ومفاتيح شخصيتها، كلُّ هذا يجعل فرص النجاح قائمة، والحفاظ على الأسرة والأبناء، وإمساك البيت مِن الانهيار.

ومن أوجب الواجبات على الزوجين أن يراعي كل منهما حق الآخر، ويحافظ على كِيان الأسرة، ويحميها من التفكك والسقوط، وربما ضياع الأبناء، وأذكر لك بعض الأمور التي تعين بإذن الله:

أولًا: الصلة بالله شأنها عظيم، فكيف هي علاقتكم مع الله، فمن أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الخلق.

ثانياً: عليك بالدعاء لها بصلاح الحال، فهو بابٌ عظيم ووسيلةٌ كُبرى للصلاح والهداية، فالتجأ إلى الله تعالى وتذلَّلْ بين يديه وادع لها بالخير والصلاح.

ثالثاً: ابحثْ عن الأشياء الإيجابية في شخصية زوجتك، وقم بالتركيز عليها وتعزيزها، وأكثر من ذكرها بهذه الصفات الإيجابية أمام نفسها وأمام أبنائها.

رابعاً: اعمل على كسر روتين الحياة المستمر في بيتك، باستحداث أشياء جديدة، من رِحلات أو سفرات، وأنصحك بالسفر للعمرة-إن تيسر لك-؛ لزيارة بيت الله الحرام ومسجد النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإن هذا مما يغير في الحياة إلى الأفضل والأحسن -بإذن الله-.
خامساً: احرص على ربطها بصحبة صالحة من النساء الخيرات.

سادساً: اتفق أنت وزوجتك على أسلوب معين في النقاش؛ وذلك لتتمكَّن من التحاور معها، فتتفقان معًا على أسلوبٍ عمليٍّ للتفاهم، وتبحثان عن وسيلة مناسبة لحل المشكلات، وهذا يتطلَّب منكما شيئاً من تنازلاتٍ والحِلم واللِّين؛ فإن من أهم ما يستجلب القلوب الكلام الطيب اللين، فقد قال تعالى: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ وقال تعالى: ﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ﴾ ولكي تَقْوى على هذا الأمر ضَعْ دائمًا نصب عينَيْك قولَه تعالى: ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾.

نسأل الله التوفيق لكما، وأن يصلح حالكما، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً