الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخشى أن ينفر زوجي مني بسبب غيرتي.

السؤال

السلام عليكم.

أنا بعد طلاقي وبعد معاناة كثيرة من تلك الحياة وعندي ولد من طليقي الذي ما رأى ابنه وكرهه، بعد ذلك تزوجت من رجل طيب القلب يخاف الله، هو حقاً زوج صالح، وأب، لا أعلم أنه هناك أب مثله يحب ابن زوجته هكذا، ويحن عليه ويحضنه ما شاء الله.

ابني كان بعمر سنتين حين تزوجت من هذا الرجل، والآن بعمر 11 سنة، وهذا الرجل عنده زوجة وأربعة أولاد، أي أنا الزوجة الثانية، أحبه بشدة وأغار عليه حتى من الهواء، لا أحب أن يفعل لأجلي أي شيء.

أنا من النوع التي لا تحب أن يتعب أي شخص لأجلها مهما كان، وأحب أن أعمل كي لا أكون عبئاً عليه، وهو لا يقبل كي لا أتعب، وحين يقول أهل زوجتي أغنياء أو زوجة ابنه غنية أغضب وأشعر بالنقص، لأني لا أملك شيئاً، وأفتعل معه المشاكل.

هناك أمر آخر حسد من حولي، بسبب حالتي المادية الميسورة، وشخصية زوجي المحبوبة والطيبة عند الناس، أنا أحبه بجنون لكن لا أعرف لم أعمل المشاكل معه أنا دائماً؟! لا أريد أن يتركني لكن بسبب كثرة مشاكلي وحساسيتي معه أخشى أن يتركني، ماذا أفعل؟

حتى إنني لا أستطيع قراءة القرآن، بالرغم من أني أدرس طالباتي بالمسجد التجويد، لكني لا أستطيع قراءة القرآن، وأصاب باكتئاب حاد وبكاء دون سبب، وعدم الراحة أثناء النوم، والصراخ على ابني بسبب مزاجي المتقلب والاكتئاب.

ماذا أفعل؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أم أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يمنّ عليك بعفوه، وأن يصلحك، وأن يقضي حاجتك على ما يحب ويرضى.

أختنا الفاضلة، إن الغيرة غريزة بشرية قائمة في النفس، وهي تزداد في أحد أمرين:

1- إذا وجد الإنسان من يشاركه حقه.
2- أو وجد من تفوق عليه في أمر كان من الممكن أن يكون مكانه.

هي صفة مذمومة في كلا الأمرين متى ما تجاوزت الحد المسموح به، وهي صفة مدح متى ما استقامت على الحد المشروع لها، والغيرة الزوجية كالملح في الطعام قلته يفسده وكثرته يؤذى صاحبه.

قد منّ الله عليك بعد طليقك بزوج، وهذه وحدها نعمة حرمت منها كثير من النساء حتى الأبكار منهن، ولو قرأت معاناة فتيات صالحات من ذلك لعلمت وقعه الشديد، فكثيراً ما تكتب لنا فتاة صالحة أنها صاحبة دين وجمال، لكن لم يتقدم لها أحد، وذلك لأسباب لا تخفى عليك.

عليه فقد أكرمك الكريم بزوج بعد طليقك، ثم زاد كرم الله عليك بأن كان ودوداً لك، ثم تفضل الله وزادك بأن كان والداً لولدك، وكل هذه -أختنا الكريمة- عطايا تستوجب الشكر لله تعالى، لتبقى وتصان، قال ربي: (لئن شكرتم لأزيدنكم).

ثانياً: الدنيا أختنا الكريمة دار ابتلاء، لا بد فيها من امتحان، بعضهن تمتحن بعدم الزواج، والأخرى تمتحن بالزوج الفاسد، والأخرى تمتحن بالزوج المريض الذي لا يعطيها حقها، وقد جعل الله اختبارك في قلبك، نعم -أختنا- في قلبك وهذا علاجه في الأساس داخلي منك أنت، فإذا قاومت هذا الداء سكن قلبك وبقي زوجك -إن شاء الله- لك وفياً مخلصاً.

أما الأخرى، فنسأل الله أن يقيك شرها، وحتى نستطيع تجاوز الغيرة المذمومة تلك لا بد من مراعاة أمور:

1-الاقتناع التام بأن كل داء له دواء، وكل ابتلاء له طريقة نجاة، وما أنت فيه ابتلاء لكنه قابلية التخلص منه قائمة إن شاء الله تعالى، المهم الاقتناع الداخلي بأن التغيير ليس مستحيلاً.

2-عدم الاستماع لما يقال أو تتبع ما يقال، أو التحري عما يفعله الزوج مع جارتك أو مع أي من الناس، أغلقي أذنك تماماً عن هذه الأحاديث، واعلمي أن للأخرى من الحقوق ما لك تماماً، وهذا شرع الله وعدله، وسلي نفسك كيف لا أصبر وأنا الثانية والحافظة لكتاب الله تعالى والمتدينة وقد صبرت بمن هي أولى بالجزع مني أو تصابرت.

3-الصبر والمجاهدة قال تعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)، وقال -عليه الصلاة والسلام-: (ومن يتصبر يصبره الله) وهذا يعني أن الصبر يبدأ تفعلا ثم يكون بإذن الله سجية ودربة.

4-شغل أوقاتك بما يحقق عليك الربح العظيم، والربح العظيم أختنا مرضاة الله تعالى، والفوز بالجنة، أكثري من القراءة حول الجنة وما أعده الله لأهلها، حتى تتوق نفسك إلى هناك حيث النعيم المقيم والراحة الكبرى.

5-اشغلي أوقاتك بالطاعة والذكر وشتتي تفكيرك فورا إذا جاءك الوسواس ، وأكثري من الاستغفار، فإنا نعلم أختا كانت عندها هذا الداء حتى وصل بها الأمر أنها تغار على زوجها من أمه وأخواته، ولا تسمح له بالانفراد بهم إلا بعد مشاكل، فلزمت الاستغفار والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذهب الله ما في قلبها ذلك، فالزمي الاستغفار وأكثري من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم.

6-عندما يضيق صدرك وتشعرين أنك مقدمة على مشكلة مع زوجك سلي نفسك هذه الأسئلة:
1- هل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟
2- ماذا لو أخذته العزة بالنفس فطلقني، هل سأكون أكثر راحة؟
3- هل الأولى أن يأتي إلي ليستريح وأستريح معه أم لتبدأ المشاكل لي وله؟

4- أليس الله قد وعد الصابرين على الابتلاء بالأجر التام؟
5- اليس في الصلاة على النبي والاستغفار الفرج بعد الشدة؟
افعلي هذا وقومي إلى الوضوء وصلي لله ركعتين ، كرري ذلك وستجدي الخير إن شاء الله.

ثالثا: نعم أختنا كل ذي نعمة محسود، وعليه فإننا نعزم عليك المحافظة الدائمة على الأذكار صباح مساء، مع كتمان مع أنعم الله به عليك من نعم على من جهلت حاله.

أخيرا: الزمي التضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجدة، وسليه أن يصرف عنك ما تجدي، وأن يخفف غيرتك، وأن يسعدك مع زوجك، وإنا نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يذهب عنك وساوس الشيطان، وأن يعطيك من الخير ما تتمنين، وأن يصرف عنك كل مكروه.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً