الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تبت عن المعاصي وأريد أن أثبت على التوبة، فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب كنت ملتزما وحريصا على تجنب المعاصي، لكني ابتليت بإدمان مشاهدة الأفلام الإباحية التي أثرت على شخصيتي سلبا، فأصبحت أحياناً أكذب، أصبحت أتساهل في الصلوات، وكنت ملتزما بها بشكل دائم ودائماً ما كنت أشعر بالإحباط لأن الناس يرونني متديناً، وأنا عندما أخلو بنفسي أشاهد الإباحيات، وكنت أشعر بأني بوجهين.

من الأمور التي لا أستطيع أن أخرجها من تفكيري أنني تغربت في أوروبا لدراسة تخصص معين، وأهلي كانوا على كامل الثقة بي، وكانوا يظنون أني لم أقصر أبداً، وكنت في البداية كل ما يشغل بالي هو هذه المشاهد، فكنت أضيع الكثير من وقتي في هذا الحرام عوضاً عن الدراسة، وكنت أحياناً أكذب وأتمارض عندما يسألني أهلي عن تساهلي بدراستي ورسوبي في بعض المواد.

أنا -الحمد لله- تبت وعدت إلى الصواب والصراط المستقيم، وأريد أن أسأل عن أمرين: الأول: ما المطلوب لتعويض الصلوات الفائتة؟ ماذا أفعل بخصوص الكذب الذي كذبته على أهلي، خصوصاً أنه صعبٌ علي أن أصارحهم بأمر كهذا؟ كيف يمكنني أن أجعلهم يسامحونني على ذلك من دون أن أذكر ما حصل؟ هل واجب علي أن أخبرهم بحقيقة الأمر؟

هذا يسبب لي إحباطا شديدا لي، فقد خنت ثقتهم بي، كيف أن يوم القيامة سوف يحاسبني الله على ذلك.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ رامي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب.

أولاً: نهنؤك بما مَنَّ الله تعالى عليك من التوبة والرجوع إلى طريق الاستقامة، وهذا فضلٌ من الله تعالى عليك، نسأل الله أن يوفقك لشكر هذه النعمة، واعلم - أيها الحبيب - بأن التوبة تمحو ما كان قبلها من الذنوب مهما كان هذا الذنب وكَبُر، فإن الله تعالى أخبر عن نفسه بأنه يغفر الذنوب جميعًا، فقال سبحانه وتعالى: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم}، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له).

فافرح بفضل الله تعالى ورحمته، واستبشر خيرًا، وظُنَّ بالله سبحانه وتعالى كل خير، وقد جاء في الحديث أن الله تعالى يُقرّر عبده يوم القيامة بذنبه بعد أن يستره ويُدنيه من كنفه ويقول: (ألست صاحب كذا؟) يعني: يُذكّره بذنبه، فيقول العبد (بلى) فيقول الله تعالى له: (أنا سترتها لك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم).

فما دام الله سبحانه وتعالى قد سترك في الدنيا فإن هذا دليل وأمارة -إن شاء الله- على أنه سبحانه أراد بك الخير والتيسير، فلا تُخبر أحدًا بما كان منك من الذنوب، واستر على نفسك، وأقبل على ربّك بإصلاح أحوالك وأداء ما فرض الله تعالى عليك واجتناب ما حرّمه، وأوَّلُ هذا الصلاة، فاحرص على أداء الصلوات في وقتها في جماعة، واصحب أهل الخير الذين يُعينونك على أداء الفراض واجتناب المحرمات.

وما مضى من الصلوات الفائتة التي فاتتك الأحسن أن تقضيها، فهذا أفضل وأحوط لدينك، وإن كان بعض العلماء يقول بأن ما تُرك من الصلوات عمدًا لا يُقضى، لكن إذا تيسّر لك القضاء فهو أفضل، وهو أحوطُ لديك وأبرأ لذمّتك.

ولست بحاجة إلى أن تُخبر أهلك بما كان منك من كذب، فيكفي أن تتوب فيما بينك وبين الله سبحانه، ما دام لم يتعلّق بهذا الكذب حقوق ضاعتْ.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً