الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شعوري بالاكتئاب بعد الكورونا، كيف أتخلص منه؟

السؤال

السلام عليكم.

أصبت بكورونا في الصيف الماضي، وحجرت نفسي في غرفة دون أولادي الصغار، وبعد الشفاء صرت أشعر بنهايتي، وبنوبات هلع، استشرت طبيبة دماغ وأعصاب، شخصت حالتي باكتئاب جراء كورونا، ووصفت لي باكسيرا لمدة 6 أشهر، وسبب لي الدواء النوم المتواصل، والأكل الكثير، مما زاد من وزني، ومنعني عن تأدية واجباتي، كما قتل عندي كل رغبة في زوجي، أو بأي شيء جميل، نعم ارتحت من نوبات الهلع، لكن كنت كما لو أني غائبة عن الوعي.

توقفت ثلاثة أشهر عن الدواء، كنت فيها بين مد وجزر، قد أكون في أحسن حالاتي صباحا، ثم أنقلب ظهرا، وأرى العالم أسود، ولا أنتج شيئا يذكر، وصفت لي الطبيبة زيروكسات سي آر، وأنا أتناوله منذ أسبوع، وفي هذا الأسبوع ساءت حالتي، صرت أشعر بسخونة في جسمي، ودقات قلب وجفاف وقلق شديد، قالت الطبيبة: إنها أعراض طبيعية ستزول مع الوقت.

لماذا أصبت بالاكتئاب، وحياتي كل شيء فيها جميل ومريح -والحمد لله-؟ يعذبني ضميري لأني لا أشعر بنعم الله علي وهي كثيرة، فهل سأكمل حياتي رهينة حبوب الأعصاب؟ هل سأتوقف عنها؟ هل أنا على الطريق الصحيح من العلاج؟ مجتمعي يستنكر علي تناول حبوب مهدئة، وأنا مؤمنة بالله، وزوجي يمنعني وهو لا يدري أني أتناولها، وهذا يتعب ضميري أكثر، هل علي أن أتابع علاج نفسي مع أخصائيين؟ وهل ستزول هذه الأعراض؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -أختنا الفاضلة- ونشكرك على تواصلك معنا عبر الشبكة الإسلامية، والشكر لك على التفاصيل التي وردت في سؤالك، وأدعو الله تعالى لك بالفرج القريب.

لا شك كثيراً من الناس عانوا في وقت الحجر المنزلي، وخاصة الذين أصيبوا بفيروس كورونا، وهناك دراسات متعددة على زيادة عدد الحالات النفسية المرتبطة بالكورونا، ولا شك أنها كانت فترة حرجة بابتعادك عن أولادك الصغار، ولكن -ولله الحمد- فقد تعافيت من الإصابة بالفيروس، فكما تعلمين هناك أناس لم يتعافوا منه، وما وصفت في سؤالك من نوبات الهلع والاكتئاب أيضاً هذه زادت مع حالات الكورونا، وهذا يفسر ما وصلت إليه من زيادة الوزن بعد العلاج، لأن مضادات الاكتئاب بشكل عام تحسن الشهية للطعام، وأحياناً يمكن أن تؤثر في الرغبة الجنسية التي عبرت عنها.

بالنسبة للأدوية أنصحك أن تتابعي مع هذه الطبيبة التي وصفت لك الزيروكسات، ونعم الأعراض الجانبية التي شعرت بها مؤقتة وستزول، ومن ذلك يفيد أن تتابعي مع هذه الطبيبة لتتابع تطور التعافي من الاكتئاب، وإذا وجدت بعض الأعراض الجانبية فيمكن لهذه الطبيبة أن تزيد الجرعة، أو تنقصها بحسب الاستجابة للدواء.

الاكتئاب مرض نفسي أحياناً ندرك لماذا أصيب الإنسان به، وأحياناً لا ندري، لأنه اضطراب في بعض هرمونات الدماغ، ليس لك دور فيه، فلا مجال هنا لتأنيب الضمير، وكما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ما أنزل الله من داء إلا وأنزل له دواء"، ولكن المشكلة في طبيعة الأمراض النفسية في البلاد العربية أنها ما زالت قضية الوصمة، وكثير من الناس لا يؤمنون بفائدة العلاجات الدوائية للأمراض النفسية، لذلك أنت تعانين مع بعض الناس من حولك ومنهم زوجك.

ربما يفيد في وقت مناسب أن تصارحي زوجك، ولعله يذهب معك لرؤية الطبيبة النفسية لتشرح له طبيعة الاكتئاب، وأنه شيء خارج عن إرادتك، وإنما هو مرض كبقية الأمراض التي تصيب البدن.

أنصحك بمتابعة العلاج الدوائي، وربما تضيف إليه الطبيبة العلاج النفسي عن طريق بعض الجلسات في العلاج المعرفي السلوكي، واطمئني أنك لن تستمري في هذه العلاجات طول حياتك، وإنما نتحدث عن عدة أشهر من العلاج الفعال حتى تخرجي من الحالة التي أنت فيها، اطمئني أن هذا سيحصل، فهذه أمور نعرفها ونتابعها فهذا عملنا اليومي.

أدعو الله تعالى لك بالصحة والشفاء التام السريع، وأن يعينك على التلذذ بنعم الله تعالى الكثيرة كما ورد في سؤالك، فنحمد الله تعالى عليها وأن يزيدك من فضله.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً