الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

والدتي تعاني من اكتئاب الشيخوخة، فبماذا تنصحونها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سؤالي يتعلق بوالدتي التي تبلغ من العمر ٦٨ سنة، بحسب تشخيص الأطباء أنها تعاني من اكتئاب شديد، صنفوه باكتئاب الشيخوخة.

منذ فترة ١٠ أيام توفي والدي -رحمه الله- أمامنا وكانت صدمة نفسية شديدة علينا، واشتد عليها الاكتئاب، وأصبحت تنزوي لا تريد عمل شيء، لا تأكل إلا ما تقيت به نفسها، لا تخرج إلا للشرفة لتستنشق الهواء وتتجدد نفسيتها.

لا ترغب سوى بوضع صورة والدي والنظر إليها، والاستماع للقرآن الكريم بشكل متواصل، تقول بأنها تسمع صوته به!

أصبحت بحال سيئة، وانخفض ضغطها بشدة، فأصبح ٨/٦ بسبب الحالة النفسية، وهي أساسا مريضة قلب وضغط وسكر، ولديها تسارع في نبض القلب.

وصف لها طبيب النفسية قبل الوفاة بعض الأدوية (زولوترال ٥٠+ زيرابين ٢.٥+ بريغابالين ٥٠) أدت لخمولها، وكأنها والعياذ بالله كحال المخمور، لا تقوى على الاستيقاظ أو الحركة باتزان، وتنام ولا تشعر بشيء أبدا، حتى لو تحدثت بجانبها، فأوقفنا الأدوية، واعطيناها سيبراليكس ١٠ حبة يوميا، هل من نصائح علاجية أستطيع فعلها؟ وهل يتعارض السيبراليكس مع دواء الميلاتونين من أجل أن تنام؟ فهي تشعر بالقلق.

علما أنها كنوع من الاستسلام واليأس من الحياة تريد وتتمنى الموت، وتشعر بأنها بلا قيمة.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Lolwa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -أختنا الفاضلة - عبر الشبكة الإسلامية، ونشكر لك هذا السؤال الذي أحسنت طرحه والتعبير عمَّا تريدين.

لو سمحت لي أريد أن أقول: طالما أن الوالد –رحمه الله– توفي فقط منذ عشرة أيام، وكانت وفاته صدمة حيث تُوفي أمامكم، فأرجّح أن ما تمرُّ به الوالدة –حفظها الله وعافاها– هو مجرد حزن طبيعي على وفاة زوجها ورفيق دربها وأبو أولادها، لذلك أرجو أن يكون التركيز على أننا نُعالج سيدة فقدت حبيبها وزوجها منذ عشرة أيام، وما ورد في سؤالك هو ردة فعلٍ طبيعية للحزن والحداد والأسى على فقدان زوجها رحمه الله.

ما تمرّ به من سماع صوته وكأنه يُناديها، هذا طبيعي، طالما الوفاة حصلت من عشرة أيام، ويمكن أن يستمر هذا حتى شهرين أو ثلاثة، وهذا لا نصنّفه على أنه عرض مرضي، وإنما هو أمرٌ طبيعي عندما نفقد عزيزًا أو حبيبًا.

وضع صورة الوالد أمرٌ صحيّ، وأزيد على ذلك ربما تتحدث معكم عن الوالد رحمه الله تعالى، كيف كان، وماذا يحب، وماذا لا يحب، وأين كان يجلس، ... إلى آخره، وما طعامه المفضل، ... فإذًا أن تُكثروا من الحديث عنه، فالخطأ الذي يقع فيه بعض الناس أنهم لا يعودون يذكرون الذي تُوفّي، وربما يمنعون صوره، فهذه الممارسة غير صحيّة، البديل أن نضع صورة الوالد – رحمه الله تعالى – ونتحدث عنه بشكل طبيعي، ونتذكّرُ أيامنا الخوالي معه، فهذا يُساعد الوالدة – حفظها الله – ويُساعدكم جميعًا، فليست هي التي فقدت فقط زوجها، وإنما أنتم كأسرة فقدتم عماد الأسرة، ألا وهو الأب.

لذلك يفيد أنكم تمرون بهذه المرحلة تتحدثون عنه، إن رغبتم في البكاء لا بأس، هذا يُعتبر من البكاء الجيد، كل هذه الأمور تُساعد في قضية الحداد والتعازي، لتخرج والدتك بعد فترة تُعيد ارتباطها بالحياة بدون وجود زوجها، فعليكم دورٌ هنا – أنت وإخوانك – أن تساعدوا الوالدة، ربما حتى على بعض القيام ببعض الأنشطة، ولكن أعطوها فترة كي تخرج من الفترة الحادّة للشعور بالأسى والفقدان.

أحسنتم أن أوقفتم الأدوية الأخرى، سواء تناولت السيبرالكس أو لم تتناوله، وأنا أفضّل حقيقة ألَّا تتناوله، وإنما نعطيها مجالا لتمر بمرحلة الحزن هذه – ليست هي فقط، وإنما أنتم جميعًا تمرون بهذه المرحلة – بشكل طبيعي، حتى تعودوا جميعًا ومعكم الوالدة – حفظها الله – لتتكيفوا مع الحياة بعد غياب الوالد رحمه الله تعالى.

أدعو الله لكم بالتوفيق والسلامة، وأن يعينكم على التكيف مع هذه الحياة بعد وفاة الوالد – رحمه الله تعالى -.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً