الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي حالة غريبة من القلق والوساوس.. أفيدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب متزوج منذ ٤ سنوات، عمري ٣٣ سنة، لدي حالة غريبة من القلق والوساوس والمخاوف غير المنطقية خوف من المجهول وقلق وخوف من أتفه الأسباب، مخاوف غير مبررة لدرجة أني صرت أخاف من الناس، ومن نظراتهم لي، أصبحت أخاف بشكل كبير جدا من الانتقاد، أخاف من التعبير عن نفسي.

أخاف من ردة الفعل، وتنتابني وساوس وأوهام وقلق شبه يومي، أصبحت ثقتي بنفسي مهزوزة من شدة القلق، أشعر بضغط على صدري وكتمة، وأحس بجمود في مؤخرة الرأس لدرجة أني أشعر وكأنه سيغمى علي.

علما أني أعاني من القولون الهضمي والعصبي منذ فترة طويلة جدا، وتفاجأت في هذا الشهر، أني مصاب بالسكر من النوع الثاني.

أعتقد أن الحالة النفسية لدي هي السبب في مرض السكر.

ملاحظة: طبعا مررت بالعديد من المشاكل والصدمات المتعلقة في الأمور الشخصية والتجارية، حيث كان لي تجارتي الخاصة، وخسرت وصرت مفلسا تماما، وما زال لدي بعض المشاكل إلى الآن.

ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

ممَّا ذكرتَه في رسالتك من أعراض، يتضح لي أن التشخيص الأساسي هو (قلق المخاوف)، وقلق المخاوف كثيرًا ما يكون مصحوبًا بدرجة من الوساوس، تتفاوت في حدتها وشدتها من شخصٍ إلى آخر، وإجمالاً يمكن أن نقول أن الحالة هي نوع من (قلق المخاوف الوسواسي)، وقطعًا الوساوس لديك أقلّ من القلق والخوف.

أخي الكريم: كل الأعراض التي ذكرتها حقيقة تُفسّر تمامًا من خلال التشخيص الذي ذكرناه، الكتمة والضغط في الصدر هذا ناتج من الانقباضات العضلية الناتجة من التوتر النفسي؛ لأن القلق دائمًا مصحوب بتوتر نفسي، والتوتر النفسي يتحول إلى توتر عضلي، وأكثر عضلات الجسم تأثُّرًا هي عضلة فروة الرأس، وعضلات القفص الصدري، وعضلات القولون، لذا لديك أعراض القولون العصبي، ولديك - كما تفضلت - هذه الكتمة، والإحساس بالجمود في مؤخرة الرأس، وكل هذه انقباضات عضلية توتُّريّة.

بالنسبة لموضوع السكر - أخي الكريم -: الضغوطات النفسية الشديدة ربما تجعل السكر يظهر عند بعض الأشخاص، لكن لا بد أن يكون الإنسان أصلاً لديه القابلية والاستعداد الشديد، وأكثر القابلية والاستعداد هي التاريخ الأسري، إذا كان مثلاً لأحد الوالدين - أو كليهما - أو بعض الإخوة الذين لديهم مرض السكر؛ فهذا يُحتم القابلية لهذا المرض.

عمومًا لا تنزعج، لكن يجب أن تواجه الأمر بصورة جادة، أنت صغير في السن، ولا بد أن تُعالج نفسك علاجًا صحيحًا، من خلال: التحكم الغذائي، ممارسة الرياضة، وإن كان هناك حاجة للدواء لعلاج السكر فلا بد أن تتناوله.

لكن الآن لا تتناول الدواء أبدًا؛ لأن التشخيص له أسسه، أي تشخيص السكر، لا نُشخص أبدًا مرض السكر من فحص عيّنة واحدة، هنالك عدة إجراءات ويكرر الفحص، ولا بد أن تعمل أيضًا وأنت صائمًا، وفحص ساعتين بعد الأكل الذي يحتوي على سكريات مركزة، كذلك فحص السكر التراكمي، وهنالك إجراءات كثيرة حقيقة لتأكيد تشخيص مرض السكر أو نفيه.

وأنا أنصحك أن تقابل أحد المختصين في أمراض السكر والغدد، أو أي طبيب باطني مؤهل، أو طبيب الأسرة، يكون لديهم -إن شاء الله تعالى- القدرة لإسداء النصح الطبي لك.

بالنسبة للمشاكل يا أخي: الحياة فيها مشاكل، وفيها الخير وفيها الشر، والإنسان لا يفقد الأمل ولا يفقد الرجاء مهما واجهته المشاكل، والمشاكل نفسها ما يمكن أن نحلّها نحلّها، وما لا يمكن حلّها نتقبّلها، وسوف يُحل إن شاء الله تعالى بمرور الأيام.

موضوع أنك قد خسرت أموالك: هذا أيضًا أمر يحصل لكثير من الناس، وأسأل الله تعالى أن يُغنيك من فضله، واجتهد في عملك، نعرف كثيرًا الذين أفلسوا وبدأوا بدايات جديدة ووفقهم الله تعالى، فاجعل هذا هو منهجك في التفكير، حطم فكر المخاوف والقلق.

هناك دواء ممتاز يُسمَّى (اسيتالوبرام)، أريدك أن تتناوله، الجرعة هي: تبدأ بخمسة مليجرام يوميًا - أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام - تناولها لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها حبة واحدة (عشرة مليجرام) يوميًا لمدة شهرٍ، ثم عشرين مليجرامًا يوميًا لمدة شهرين، ثم عشرة مليجرام يوميًا لمدة شهرين، ثم خمسة مليجرام يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول الدواء.

السيبرالكس (اسيتالوبرام) من أفضل الأدوية وأسلمها، ولا يؤدي إلى الإدمان، ولا يؤدي إلى التعود، أسأل الله تعالى أن ينفعك به، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً