الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ساءت علاقتي بزوجي بسبب تعلقه الشديد بأمه، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا متزوجة منذ 14 سنة، وأم لثلاثة أطفال، لم أجد الاستقرار طيلة هذه السنوات مع زوجي، كنت في مرات كثيرة أنا المخطئة، وفي مرات كثيرة هو، أنا أعتذر عند وقوع الخطأ، وهو لا يعتذر ولا يعترف بأخطائه أبدا.

آخر مشكلة لدينا التي كادت أن تفرق بيننا لولا ستر الله، والمشكلة الآن ومنذ بداية الزواج أنه شديد التعلق بأمه، وتعاملاته معي كلها من خلال كلام أمه عني، يعني تقول: أن زوجتك لم تفعل هكذا، وتخبب بيننا، ورأيت الرسائل بعيني عندما اتصلت بزوجي من هاتفها، حيث تتكلم عني ثم تطلب منه مسح الرسالة.

أحس أني أعيش في عداء معه ومع أمه، أحسن إليها أم لا أحسن، أتودد أو لا أتودد، أتقرب لها أم لا، كل ذلك لا ينفع، لأنها تخبب علي زوجي، فإن لم تفعل، ولم تنتقدني، فإن زوجي يذكرها بأني لست أهلا لهذه المعاملة، وهذا يحدث أمامي تلميحا، وعندما أواجهه يقول: افهمي ما شئت.

حاولت كثيرا أن أكسب وده، وأكسب ود أمه، لكن دون جدوى، ومن جهة أخرى بالرغم من طلباته بأن أتودد وأحسن له ولأهله، وبالسمع والطاعة، وعدم إبداء الرأي والاعتراض، إلا أنه لا يحترم أهلي، يسبهم عند أول مشكلة، لا يكرمهم، يعني كل الخير يجب أن يكون له ولأهله، وأنا ليس لدي أي حق، يشتم أهلي عندما يغضب مني، ولو كان موقفا بسيطا لا يستدعي الانفعال.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سلمى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك -أيتها الفاضلة- في موقعك إسلام ويب، وإنا سعداء بتواصلك معنا، ونسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.

وبخصوص ما سألت عنه -أيتها الفاضلة- فأحب أن أقسمه إلى عدة عناصر:
أولا: لا تخلو حياة بلا مشاكل، ولا توجد أسرة من غير منغصات، تلك طبيعة الحياة، فلا تحملي النفس ما لا تتحمل، ولا تتصوري أنك وحدك في هذا العناء.

ثانيا: لا يأس في الحياة، والفجر لا يُولد إلا مع اشتداد الظلمة، ولا يعرف الحديد الخالص إلا بدخوله مختبر النار، وأشد الناس بلاء الأنبياء، ويبتلى المرء على قدر دينه؛ فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه.
معنى هذا -أيتها الفاضلة- أن الظروف التي أنت فيها بلاء من الله عز وجل؛ ليظهر نقاء المعدن، هذا من ناحية, ورفعة للدرجات من ناحية أخرى، فالبلاء كما قال بعض أهل العلم دليل عافية، إذ ما أحبك إلا وهو يريدك خالصًا له.

ثالثا: لا يخفاك -أيتها الكريمة- أن أم زوجك هي بابه للجنة، وأن رضاها يجب أن لا يغفل عنه، وهذا أمر لا يحزنك، بل يسرك ويطمئن قلبك، فإن من ليس له رحمة لأهله لن يكون له رحمة لزوجه، وقد أحسنت حين اجتهدت في وصلها وبرها، ونود منك الاستمرار طلبا لرضوان الله لا رضوان العبد، ودعينا نفصل لك هذه النقطة:
أختنا: من رحمة الله بنا أن نوَّع العبادات التي تقربنا منه، فليست الصلاة وقراءة القرآن فقط هي العبادة التي ترجى من المرء، بل إنك وما تقومين به من جهد كبير وثقيل بالنية الصادقة الخالصة، ينقلب هذا الأمر إلى عبادة، تتعبدين الله عز وجل بها.

لا يخفى عليك أن بغيًّا من بني إسرائيل دخلت الجنة في سقيا كلب، فكيف بك أنت المسلمة وأنت تقومين بود أهل زوجك وأمه، وهو ثقيل عليك، ولكن احتسابك الأجر يقوي الظهر على التحمل، هذه النظرة لا شك ستؤثر عليك إيجابيا، ويكفيك قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وفي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ).

رابعًا: لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، افعلي بالنية السابقة ما تقدرين عليه، ودعي ما لا تقدرين عليه، وأسلوبك الطيب، وطريقة تعاملك المختلفة التي تنبع من كون ذلك عبادة تتقربين بها إلى الله كفيل أن يجبر أي نقص.

خامسًا: قد أحسنت -أختنا- في عدم تصعيد المواقف، وهذا عقل وحكمة، فمحافظة المرأة على بيتها وتحملها من كمال عقلها، غير أننا نود منك الجلوس مع الزوج والحوار المعمق معه، وتأصيل ذلك في حياتكما، ولذا نرجو منك أن يكون الحوار في الأمور المحببة له، وعدم الحديث عن الأمور التي تضايقه، نريد منك أن توقظي فيه حب الحديث معك، وهذا يحتاج منك إلى مهارة وهدوء.

سادسا: لزوجك أصدقاء، إذا كان فيهم صالحا تقيا ورعا، تواصلي معه عن طريق أحد محارمك ليتحدث مع الزوج عن حقوق الزوجة، المهم أن يكون بطريق غير مباشر، فإن عجزت فانظري أين يصلي الجمعة، وابعثي رسالة للشيخ الخطيب أن يتحدث عن هذا الأمر.

وأخيرا: افعلي ما يرضيك من الله، وثقي أن الله عز وجل سيحفظك ويرعاك، والزمي الدعاء، والالتجاء إلى الله، والاحتماء به فهو المعين، وبيده مقاليد كل شيء، أكثري من الدعاء له بالهداية، واجتهدي في ذلك، والله سيوفقك.

نسأل الله لك التوفيق والسداد، والله ولي التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً