الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الوسواس حتى من أتفه الأشياء

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جزاكم الله خير الجزاء على هذه الخدمات الجليلة، أما بعد:
فإني مواطن عربي الأصل، ومقيم لأكثر من 6 سنوات في السويد، وأنا إنسان متدين والحمد لله، ولكني حساس جداً، وسريع التأثر، وكثير الوساوس لدرجة أني أوسوس لأشياء تافهة جداً، مثلاً :
1 هل أقفلت الباب؟
2 هل ساعتي أو جوالي اصطدم بشيء وانكسر؟
3 عندما يلمس أطفالي الكمبيوتر، أو جهاز التلفزيون، أو أي جهاز آخر أحس بأن الأجهزة كلها خلاص مكسورة، ولا تنفع بعد، مع يقيني التام بأنهم لم يفعلوا أي شيء غلط، ولم يخربوا أي شيء إلى الآن.

وعندما أحاول إقناع نفسي بأن كل هذه الأشياء أوهام، وليس لها أي شيء من الصحة لا أقدر!!.

علماً بأنني لم أكن بهذه الحالة قط، ولم أتناول أي دواء في حياتي.
والحمد لله، ولا أريد تناول الأدوية حد الإمكان إن شاء الله.

أرجوكم ساعدوني للتغلب على هذه الأوهام.

وجزاكم الله خير الجزاء.


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد السلام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فبالفعل ما ذكرته من أفعال وأفكار تعتريك من وقتٍ لآخر هي أنواع من الوساوس القهرية، والوساوس القهرية تكون متسلطة على الإنسان وربما يصعب مقاومتها كما ذكرت، ولكن الذي نقوله وكوسيلة أساسية للعلاج، هو أنه لابد أن تكون لك القوة والإرادة للتصدي لهذه الأفكار والأفعال، عليك أن لا تتبع الأفعال الوسواسية مطلقاً، وأن لا تقوم بتنفيذها، ربما يسبب ذلك لك شيئاً من القلق والتوتر في المرات الأولى للمقاومة، ولكن صدقني بالإصرار على المواجهة والمقاومة ستجد أن مستوى هذا القلق والتوتر قد بدأ في الانخفاض حتى يزول.

وبالنسبة للفكرة الوسواسية لابد أن تجلس مع نفسك، وتقنع نفسك بأنها فكرة سخيفة، وبجب أن تحقرها وأن لا تتبعها، ويا ليتك أيضاً حاولت أن تستبدلها بالفكرة المضادة أو المعاكسة لها، وتحاول تثبيت الفكرة المضادة بقدر المستطاع حتى يتم استبدال الفكرة الوسواسية.

الجانب الآخر في العلاج، أنا أفهم تحفظك نحو العلاج الدوائي، ولكن أرجو أن أؤكد لك وبكل ثقة أن الأدوية تعتبر الآن من الخطوط الأساسية في علاج الوساوس القهرية، وذلك لسبب بسيط، وهو أنه اتضح أن الوساوس القهرية هي في الحقيقة ناتجة أيضاً عن بعض التغيرات الكيميائية في الدماغ، وهذا التغير يحصل في الفص الصدغي وفي منطقة تسمى بنواة كوديت، حيث أن بعض الناقلات العصبية أو الموصلات العصبية، خاصةً المادة التي تعرف باسم سيروتينين يحدث فيها نوع من الضعف في إفرازها أو عدم الانتظام في هذا الإفراز، وبما أن هذه خاصية كيميائية، فلابد أن تعالج أيضاً بوسيلة بايلوجية، وفي هذه الحالة هي الأدوية، وبفضل من الله تعالى وُفق العلماء لأن تصنع أدوية مضادة للوساوس وهي ذات فعالية كبيرة، ودرجةٍ عالية جداً من السلامة، ولا تسبب أيّ نوعٍ من الإدمان، أو الآثار الجانبية السلبية الضارة، ولذا يا أخي الكريم أرجو أن تتوكل على الله، وأن تتناول الأدوية، وأن لا تحرم نفسك مطلقاً من نعمة العلاج، فالوساوس إن تركت دون علاج قد تزداد وتتطور، وربما تؤدي إلى نوعٍ من الاكتئاب النفسي.

الدواء الذي نفضل استعماله يعرف باسم بروزاك، وجرعة البداية هي كبسولة واحدة في اليوم، بعد الأكل، تستمر عليها لمدة شهر، ثم ترفعها بعد ذلك إلى كبسولتين في اليوم، أي 40 مليجراماً، وتستمر على هذه الجرعة لمدة ستة أشهر، ثم تخفض الجرعة إلى كبسولة واحدة وتستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، وبنهاية العلاج تكون -بإذن الله- قد انقطعت عنك الحالة.

هنالك دواء بديل، وهو متوفر في الدول الاسكندنافيا، وهذا الدواء يعرف باسم سبراليكس، أيضاً هو فعال وجيد، وجرعته هي 10 مليجرامات ليلاً لمدة أسبوعين، ثم ترفع الجرعة إلى 20 مليجراماً ليلاً، وتستمر عليها لمدة ثمانية أشهر، ثم تخفضها إلى 10 مليجرامات وتستمر على هذه الجرعة لمدة شهرين، ثم يمكنك أن تتوقف عنه.

يمكنك اختيار أيّ من الدوائين وعلى بركة الله، ونسأل الله لك الشفاء.

وبالله التوفيق.




مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً