الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوسواس جعلني لا أعرف هل أنا مؤمنة أم لا؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أولا: أتمنى لكم من كل قلبي التوفيق، وأن يرزقكم الله ثواب تفريج كرب المسلمين، ورزقنا جميعا جنة الفردوس بصحبة الحبيب محمد -صلى الله عليه وسلم-.

أود أن أبدأ وأقول أن من أهم وأجمل شعور يمكن أن يشعر به الإنسان، ولا يريد شيئا من هذه الدنيا بعده هو شعور الإيمان ولذة الإيمان.

للأسف الشديد أصبت بالوسواس القهري عندما كان عمري ١٢عاما، والآن عمري ٢٠ عاما، بالرغم أنني الآن أستطيع تجاهل الوسواس، لكنني لا أعلم هل التجاهل يكفي؟ ويمكنني تجاهل هذا الوسواس ولكن إلى متى؟

جعلني هذا الوسواس لا أعرف كيف أستحضر إيماني، وكيف أميز هل أنا مؤمنة حقا أم لا؟

شعور الإيمان يأتي لي ويذهب دون إرادة مني، وماذا عن الوقت الذي لا أشعر فيه، أقول عن نفسي أنني ما زلت مريضة بهذا الوسواس، وأدخل في دوامة الاكتئاب التي لا أخرج منها إلا -بفضل الله- أولا، والصلاة، ثم التجاهل، ولكن هل التجاهل يكفي؟

يمكن أن أكون أتجاهل مشكلة مثلا، ولا أعطي لها هما، ولكن من الواجب علي أن أواجهها وأحلها؛ لأن العيب ممكن أن يكون مني.

هل شعور الإيمان هذا يأتي ويذهب مثلا ليختبر الله الإنسان، هل سيستمر على إسلامه وعبادته، أم أن العبد يجب أن يكون مؤمنا طوال الوقت؟

يستطيع الإنسان أن يكون بأقواله وأفعالا مسلما، ولكن ماذا عن الشعور الداخلي الذي لا يتحكم فيه، أريد أن أطمئن على نفسي؛ لأنني خائفة جدا أن أكون من الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.

جزاكم الله خيرا كثيرا مباركا فيه، وأعتذر على الإزعاج.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ السائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدر لك الخير حيث كان وأن يرضيك به.

أختنا الكريمة: نحن نتفهم تماما حديثك وقلقك، ونعلم كم هو مؤلم هذا الشعور السلبي لفتاة محبة لدينها وفية لشريعة ربها، نعم أختنا أنت كذلك ونحن نبشرك بأن ما حصل معك هو صريح الإيمان، وهذه بشارة خير لا نذير شؤم، فأبشري واطمئني ولا تجعلي الشيطان يزين لك الخير شرا والحق باطلا.

أختنا الكريمة: إننا سنعطيك الآن ضابطا تستطيعين من خلاله رد أي شبهة، وحتى تعلمي مكانك وموقعك من الإيمان، وحتى تعيشي حياتك مستقرة مستمعة بنعمة الله عليك.

انظري أختنا إلى كل كلمة ترد على خاطرك أو تلقي في أذنك أو تمر على ذاكرتك مهما كان قبحها أو فجرها أو خبثها لا يهم، المهم هل تجدي قناعة داخلية ورضى عن هذه الكلمة، هل تجدي سلاسة مع الوسواس فيما يخالف تدينك؟

الظاهر من حديثك أن لا قناعة ولا رضى، بل ألم وحزن وهم وغم، وهنا تأتي القاعدة: إذا اختلف ما يرد في الخاطر عن سلوك المرء أو معتقده فهذه شيطان فاستعيذي الله منه ولا تهتمي به، ودعينا نضرب لك مثالا:

لو قلت في داخلك الله هو الواحد الأحد ومحمد هو النبي الخاتم والجنة حق والنار حق، هل تجدي في هذا الكلام ما يقلقك، هل تجدي حرجا من قوله في نفسك؟ بالطبع لا، لأن هذا هو ما حقيقة ما تعتقديه.

أما لو قال لك الشيطان أو قذف كلاما غير صحيح فكررتيه في نفسك؛ هل تجدين موافقة على هذا الكلام في ظاهرك، هل تجدين تلذذا وقناعة به؟ إذا كنت تنكريه فاعلمي أن هذا ليس قولك.

وإذا كنت تتألمين منه فاعلمي أن هذا صريح الإيمان في قلبك؛ لأنك لو اعتقدت به لما تألمت.

والخلاصة أختنا: كل ما يرد في خاطرك مما لا تستطيعين دفعه، فلا إثم عليك، ولا حرج فيه، بل تأخذين أجر المعاناة وأجر المدافعة، وأجر الصبر على البلاء.

وإنا نوصيك وصية، استفاد منها كثير من الإخوة والأخوات، خلاصتها: كلما أتاك الوسواس بأمر فتجاهليه ثم افرضي على نفسك ذكرا معينا، كالصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- 100 مرة، أو التهليل 100 مرة، أو التسبيح أو غير ذلك من أمور الطاعة.

افعلي ذلك وداومي عليه، واحتسبي الأجر -أختنا-، واجتهدي في معدل التدين بما يلي:

- العلم.
- كثرة النوافل.
- كثرة الذكر.
- الصحبة الصالحة.
- حضور المواعظ الدينية.
كل هذه دوافع تزيد من معدل التدين عندك.

نسأل الله أن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدر لك الخير حيث كان، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً