الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قلبي متكاسل وبه فتور عن ذكر الله، ما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم

كنت مواظبا على الصلاة وبعدها توقفت أسبوع لم أصلي، وبعد أن رجعت للصلاة لم ألتزم بها كسابق عهدي، والآن أجد قلبي يتكاسل وبه فتور عن ذكر الله.

بارك الله فيكم أريد العلاج.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك -أخي الفاضل- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يحفظكم وأن يبارك فيكم، وأن يعينكم على طاعته إنه جواد كريم.

أخي الفاضل: ما ذكرته أمر طبيعي، والعودة إلى ما كنت عليه ستحتاج وقتا، لكن متى ما بدأت فلن يمر عليك يوم إلا وأنت تتقدم نحو هدفك -إن شاء الله-.

حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- يبين لنا أن مدار إصلاح العبادة كامن في هذه المضغة، يقول -صلى الله عليه وسلم-: «أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ». متفق عليه.

وقد قيل: ما سمي القلب قلبا إلا لتقلبه *** فاحذر على القلب من قلبٍ وتقليبِ.

ولأهمية القلب كان النبي -صلى الله عليه وسلم- كما أخبر عنه خادمه أنس بن مالك -رضي الله عنه- وأخبر عنه النواس بن سمعان وعائشة وأم سلمة -رضي الله عنهم- كلهم أخبروا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يكثر سؤال الله الثبات.

عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يُكثِرُ أن يقول: «يا مُقلِّبَ القلوب، ثبِّت قلبي على دينِك»، فقلتُ: يا نبيَّ الله، آمنَّا بك وبما جئتَ به، هل تخافُ علينا؟ قال: «نعم، إن القلوبَ بين أُصبعين من أصابِع الله يُقلِّبُها كيف يشاء».

والقرآن علمنا أن خوف الزيغ والضلال بعد الهدى والاستقامة كان هاجسا في صدور الراسخين في العلم، قال الله تعالى: ﴿وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ * رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ ﴾.

وعليه فما حدث معك لا ينبغي أن يصدك عن الطريق، بل يجب عليك متابعة السير إلى الله -عز وجل-، حتى تحظى بالسكينة والطمأنينة، ويمكنك أن تقتفى هذه الوصايا المساعدة لك -إن شاء الله-:

1- اجتهد في الابتعاد عن المعاصي ما أمكنك ذلك، فإذا زلت القدم فاهرع إلى توبة صادقة منها.

2-استحضر عظمة الوقوف بين يدي الله في كل صلاة تصليها، فإن هذه مما يعينك على الخشوع.

3- حافظ على الصلاة في أول الوقت، وسارع في الأداء في جماعة، واجتهد أن تكون قبل تكبيرة الإحرام فيه.

4- اقرأ القرآن في صلاتك بتدبر، وفكر بكل آية وكل كلمة، فإن هذا مما يجلب الخشوع في الصلاة قال الله -تعالى-: (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً).

5- الطمأنينة في الصلاة شرط لصحتها، وهي في ذات الوقت عامل مساعد على الخشوع، فالزم الطمأنينة وأعط كل ركن حقه في الصلاة.

6- ابتعد عن الالتفات أو التحرك في الصلاة، فسكون الجسد مدعاةٌ للخشوع.

7- اقرأ حول فضل الصلاة، وفضل الخشوع، وحال السلف مع الصلاة، فإن هذا دافع وحافز.

8- أكثر من الدعاء أن يرزقك الله استقامة القلب، وهداية النفس، والتلذذ بطاعته.

وأخيرا: اختر الصحبة الصالحة التي تعينك على مواصلة السير إلى الله سالما، واصبر على هذا الطريق، ولا تتعجل، وستجد بركة ذلك إن شاء الله تعالى.

نسأل الله أن يبارك فيك وأن يحفظك وأن يقدر لك الخير حيث كان.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً