الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أقبل بالفتاة التي رفضتني سابقا وكسرت قلبي؟

السؤال

السلام عليكم، الله يعطيكم العافية، وجزاكم الله خيراً.

هناك فتاة أحببتها حبا شديدا، وهي كانت تعلم بهذا، أنا إنسان متحفظ وأنبذ العلاقات غير الشرعية، لهذا حاولت مراراً أن أتكلم معها وأخبرها أنني أحبها وأريدها أن تبقى بجانبي للأبد إلى حين أن يشاء الله وأصبح مقتدرا على الزواج وتحمل المسؤولية المادية، لكنها للأسف عاملتني بكل تكبر، وحتى أنها رفضت التكلم معي، معاملتها معي كانت سيئة جداً، لقد كسرت قلبي ولم أتوقع هذه المعاملة، والذي زاد الأمر سوءاً وحزناً أنها فضلت علي شاب غني ويعيش شبوبيته، مما جعلني أصاب بالحزن الشديد على هذا!

فكيف لي أنا الصادق بحبي يتم معاملتي هكذا، وذلك المخادع يكسب حبها واهتمامها دون أي مجهود، حاولت أن أنساها وأغلق صفحتها لكن دون أي فائدة، بالعكس شعرت بالتعب أكثر، بعد أربع سنوات تفاجأت أن الفتاة نفسها الآن تريدني بعد أن تم خداعها من هذا الشاب ومن على شاكلته!

الفتاة تبين لي أنها تعاني مرض نفسي بسبب طلاق والديها منذ صغرها، بل أيضا تعاني من أمراض أخرى وحالتها النفسية سيئة جداً، الفتاة تعيش وحدها ولا يوجد أي شخص يرشدها، أمها تعمل وأخواتها البنات الكبار أيضاً يعملون، ووالدها مختفي، يعني أنها حرمت حنان الأب ونصائحه منذ صغرها، والفتاة تواجه الحياة لوحدها.

لقد تفكرت بوضعها وفعلا بعيداً عن المشاعر هو وضع صعب، حتى أن لي أصدقاء شباب وأقوياء تأثروا بطلاق آبائهم وأمهاتهم، فكيف بهذه الفتاة وحدها من الصغر؟

إن الأمر صعب علي أن أقبل فتاة رفضتني وتكبرت علي، وأيضاً فضلت علي أشخاصا كاذبين، وكانت على علاقات معهم، وأن تتذكرني بعد كل هذه السنين بعد أن كسرت قلبي وحرمتني من أجمل لحظات الحياة وهي الحب؟

لقد طلبت مني اللجوء والقبول وبشدة، واعترفت أنها لم تر حب كحبي لها، وقالت أنها خائفة جدا من أن لا تحظى بحب، كما حصل مع والدتها، هل إن قبلتها وجبرت خاطرها يكون لي أجر عند الله والعوض بقلبي، أم أنني لا علاقة لي بأخطائها؟

عندما أقول هذا الكلام أشعر بالذنب، وأخشى أن يخرج غضبي عليها وأسبب لها مصيبة نفسية رغم أنها أذتني كثيراً!

لقد اختلط الأمر علي، فلم أعد أدري هل أقبلها جبرانا لخاطرها، أم لأنني ما زلت أحبها؟

أرشدونا وانصحونا بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك ابننا في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُغنيك بحلاله عن الحرام وبفضله عمَّن سواه.

لا يخفى عليك أن العلاقة مع البنات ينبغي أن تكون محكومة بشريعة رب الأرض والسماوات، والفتاة التي نفهم أنها كانت أجنبية ولا زالت أجنبية عنك، فإذا أردت الارتباط بها فلا أن تأتي البيوت من أبوابها، ونفضّل إشراك الوالدة والأخوات في التعرُّف عليها، ثم التعرُّف على أسرتها، ثم إتاحة الفرصة لهم ليسألوا عنكم. هذه أوّل الخطوات التي ينبغي أن تتخذها.

أمَّا ما حصل من ميلٍ لها وتركك وارتباطٍ بآخرين فكلُّ ذلك لا يخدم القضية، وكلُّ ذلك خطيرٌ على كل الأطراف، لأن العلاقات التي لا تقوم على أسس شرعية هي وبالٌ على أهلها، وهي خصمٌ من رصيد السعادة مستقبلاً إذا لم يتوبوا إلى الله، فالنصيحة لك أن تتوب إلى الله تبارك وتعالى، ثم بعد ذلك تستخير وتستشير أهلك، وتحاول أن تجعل أختك أو الوالدة تقترب من الفتاة المذكورة، فإذا كانت مناسبة فننصحك بطيِّ الصفحات التي أشرت إليها، وعدم معاملتها بما حصل، فالعبرة بالخواتيم، ولكن من المهم أن تكون قد ارتحت واقتنعت بأنها الفتاة المناسبة، وإلَّا إذا كنت ستنفجر وتتذكّر الماضي وتبدأ في لومها؛ فخيرٌ لك ألَّا تبدأ المشوار من بدايته، لأنك تريد جبر خاطرها، وعند ذلك ستكسر خاطرها، بل ستحطّم نفسيّتها، بل ستفقدها كل الآمال فيك وفي غيرك.

لذلك أرجو أن تكون الخطوات خطوات محسوبة، والإنسان ما ينبغي أن يفعل مع بنات الناس ما لا يريضاه لأخواته أو لعمَّاته أو لخالاته، ونسأل الله أن يُعينك على التوبة ويُعين الفتاة أيضًا على الرجوع إلى الله تبارك وتعالى، وفي حال ميلك إليها واختيار هذا الخيار أن تُكمل معها؛ فأرجو أن يكون النصح للطرفين بالتوبة، حتى نبدأ حياتنا بداية صحيحة، ولا مان من أن تتواصل الفتاة أيضًا بالموقع، حتى تعرف الأحكام الشرعية، لتكون العلاقة في رضا رب البريَّة.

نسأل الله لنا ولكم ولها التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً