الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من المشاكل بيني وبين أم زوجي وأخته؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

منذ بداية زواجي وأنا أعاني من سوء معاملة أم زوجي وأخته، فإنهما لا تحباني، ودائما تفتعلان المشاكل مع زوجي، في البداية كان زوجي يسمع لهما ويتغير معي، ثم عرف أنها مشاكل تقع في كل البيوت فتقبل الأمر.

أنجبت ثلاثة أطفال، وكان كل حمل بالنسبة لهما صدمة، حتى يلقبنني بالأرنبة، المشكلة أن أخته عاطلة عن العمل، فجاءت إلى بيت أخيها بحكم أن بيت والدها لا زال قيد البناء، وأمها تعيش معنا حتى يكتمل البناء، منذ أن جاءت وهي لا تساعدني في البيت، وابنتها تظل تلعب مع أطفالي، أو تقرأ، أو تذهب للمدرسة للتدريب، وترجع العصر تأكل وتحمل الكتاب أو الهاتف، علما أنها هي وأمها لا تفعلان ذلك مع أخيها الآخر، حيث تقومان بمساعدة زوجته عند زيارتهما، وأنا يعتبرانني خادمة لديهما.

لا أنام من كثرة التفكير، أصبحت متوترة كثيرا، حتى أن دورتي الشهرية تأخرت كثيرا من شدة الضغط النفسي الذي أعانيه، طلبت من زوجي أن يخبر أخته في آخر هذا الشهر أن تذهب للعيش مع أخيها الآخر، فهو يعيش في نفس المدينة، بحكم أن لا قيمة لي عندها، ولا تساعدني، وتظل هي وأمها تتحدثان عني بالسوء دائما في غرفتهما المغلقة، فهل من حقي أن أخير زوجي بيني وبين أخته في البيت؟ أريدها أن تذهب عند أخيها الآخر لأني لم أعد أتحملها، وتعبت من كثر الضغط والتفكير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ندى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا وأختنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والتواصل والسؤال، ونسأل الله أن يُعينك على الصبر، وأن يهدي أهل زوجك لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو.

الذي يهمُّنا هو أن يكون الزوج متفهمًا لهذه المعاناة، وداعمًا لك معنويًّا، وعليه فنحن نرجّح أن تتقي الله وتصبري، وتقومي بما تستطيعين، واعلمي أن الذي يفعل الخير سيجد الخير، وأن الذي يمكر بالشر فإن الله يقول: {ولا يحيق المكر السيئ إلَّا بأهله}، فاتقي الله واصبري، واطلبي من زوجك المساعدة، وإذا كان يريد أن يُكلّم أخته أو والدته فعليه أن يقوم بالأمر بنفسه.

نحن لا ننصح أن يكون الاحتكاك بينك وبينهما، خاصّةً بعد أن علمت أنهما يتعمدان إلحاق الأذى بك، ولذلك تعوذي بالله من الشيطان، وقومي بما تستطيعينه، ولا تندمي على خيرٍ تفعلينه، فإن الإنسان ينبغي أن يفعل المعروف، كما قال الشاعر:
ازرع معروفًا ولو في غير موضعه *** فلن يضيع معروف أينما صنع
إن المعروف إذا طال الزمان به *** لن يحصـده غير الذي زرعه

وإذا جاءك الشيطان بالأفكار السالبة وحاول أن يُعكر عليك فتعوذي بالله من شرِّه، فلا تجمعي على نفسك تعب الجسد والتعب الذهني، والتعب الذهني هو الأخطر، وهو الأشد إيلامًا، لكن التعب الجسدي الإنسان بعده يرتاح، ونتمنَّى أن تكون فترة إقامة الأخت أو فترة الحياة بجملتها هي فترة مؤقتة، ولذلك أرجو أن تُركّزي على أطفالك وعلى زوجك وعلى حياتك، وبعد ذلك لا مانع من أن يقوم الأخ إذا رضي بمحاولات في تحسين الوضع، سواء كان بدعوة أخته إلى أن تُساعدك، وهذا الذي نفضّله ونميل إليه، أو تقوم ببعض الوظائف والواجبات، أو بالإشارة إلى الأخ الآخر أن يطلبها عنده، هذا أولى من أن يقول (اخرجي)، أن يطلبها الثاني عنده، وإذا لم يحصل هذا ولا ذاك فاختاري أيضًا حياتك، ويبدو أنك امرأة عاقلة، وسيعوضك الله خيرًا، وافعلي الخير وإن فعل الناس غيره، ولا تُغيري أخلاقك الجميلة الطيبة إذا أساءت أخلاق مَن حولك.

نحن نوقن أن الأمر ليس سهلاً، ولكن أيضًا الجنة ليست سهلة، والإنسان ينبغي أن يعرف كيف يُريح نفسه، وقبل ذلك كيف يُرضي ربه تبارك وتعالى، هذا ما ننصح به، ونؤكد أن ما يحدث سحابة صيف، لأن الأمور لن تستمر بهذه الطريقة، وحتى لو استمرت فإن الموت يُفرّق الناس، والحياة تفرِّق الناس، واجعلي همّك إذًا طاعة الله أولاً، ثم خدمة الزوج والأولاد، وبعد ذلك لا تُقصّري في والدته وإنْ قصّرت، واعتبري أخته ضيفة في بيتك، فقومي بما عليك دون أن تتألّمي، واعلمي أن حقك لن يضيع عند الله تبارك وتعالى، ونتمنّى أن تُشجعي زوجك للتواصل معنا، حتى نعطيه وصفة يستطيع بها أن يُصلح هذه الأوضاع، ونسأل الله لنا ولك وله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً