الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي يختلف معي ويصفني بالناشزة.

السؤال

السلام عليكم.

زوجي على خلاف معي لمدة شهر، وكنت أسمع كلامه بعدم الخروج، وزوجي على خلاف معي لمدة شهر، وأدخلت أمي كي تحل المشكلة، وهو يمنعها، وقال لي: أنت ناشزة، لأني أفشيت أسرار البيت.

أنا أدخلتها للإصلاح بيننا، وهو لا يريد السماح لي بالخروج، أو يعطيني مصروف، أو يشتري حاجيات البيت، أو يشتري الحاجيات التي يعتبرها كمالية، مع أني لم أمنعه من الفراش فهل أنا ناشزة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مني حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك أختنا الكريمة في استشارات إسلام ويب.

أولاً: نسأل الله تعالى أن يُصلح ما بينك وبين زوجك، وأن يُديم الألفة والمحبة بينكما.

ونصيحتُنا لك – أيتها الأخت الكريمة – أن تحرصي بقدر ما تستطيعين في الإحسان إلى زوجك وطاعته في غير معصية الله تعالى، وقد قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم للمرأة التي أتته فقال لها: (أَذَاتُ بَعْلٍ أَنْتِ؟) قَالَتْ: (نَعَمْ). قَالَ: (فَكَيْفَ أَنْتِ لَهُ؟) قَالَتْ: (مَا آلُوَهُ إِلَّا مَا عَجَزْتُ عَنْهُ) يعني: لا أُقصِّر أبدًا في طاعته وفي خدمته، إلَّا ما عجزتُ عنه. قَالَ لها عليه الصلاة والسلام: (فَانْظُرِي كَيْفَ فَأَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ فَإِنَّمَا هُوَ، جَنَّتُكِ وَنَارُكِ).

وقال في الحديث الآخر: (إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَصَّنَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ بَعْلَهَا، دَخَلَتْ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَتْ).

فطاعة الزوج والإحسان إليه، والمبالغة في إدخال السرور إلى قلبه عملٌ صالح، ينبغي للمرأة أن تتقرّب به إلى الله تعالى، وتعلم بأن الله تعالى لا يُضيع أجرها، وأن هذا السلوك منها يعود عليها بالسعادة في دُنياها وفي آخرتها.

وهذا الكلام نقوله على جهة ما ينبغي أن تفعله المرأة بغض النظر، هل هو واجبٌ عليها، أو شيءٌ زائد عن الواجب، ومن مستحبّات الأمور، وممَّا ينبغي أن يكون عليه الخُلق الفاضل والتعامل الكامل للمرأة مع الزوج، وأنت إن شاء الله متصفة بقدر كبير من هذا، ولكن ينبغي أن تلحظي وتفهمي ما يُغضب زوجك فتحاولي تجنُّبه.

فإذا كان لا يُحب إشراك الآخرين فيما يدور بينك وبينه في البيت، فينبغي أن يكون الأمر بينكما، ولو كان إخراجُك للأمر، أو محاولة إشراك أُمّك، أو غيرها بقصد الإصلاح، فما دام يكره ذلك ينبغي أن تتجنّبيه بقدر الاستطاعة، وأن تعتذري للزوج إذا كان قد حصل، وأن تُفهميه مقصودك من وراء ذلك.

وأمَّا إذا أردت أن تعرفي ما هو النشوز في الشريعة: فالنشوز كما يقول العلماء: معصية المرأة لزوجها فيما يجب عليها، بأن لا تُجيبه إلى الاستمتاع، أو أن تُجيبه وهي متبرِّمة متضجرة متكرِّهة ممَّا يمنعه من كمال الاستمتاع بطيب نفسٍ.

وكذلك يرى بعض العلماء: بأن من النشوز امتناعها من خدمة الزوج بما جرى به العُرف، ممَّا ينبغي أن تُقدّمه المرأة من خدمة لزوجها، ولها في مقابل هذه الواجبات النفقة بالمعروف، يعني: بما جرى عليه العرف أيضًا في مجتمعها من مثل هذا الزوج لمثل هذه المرأة.

والخروج من البيت بغير إذن الزوج نشوز، لأنه لا يجوز للمرأة أن تفعل ذلك، إلَّا إذا منعها من الخروج لشيء تضطر إلى الخروج إليه، مثل التداوي، أو تحصيل النفقة إذا امتنع من النفقة عليها، أو تعلُّم مسألة من مسائل الدين التي تحتاجها ولا تستطيع أن تتعلَّمها وهي في بيتها. في هذه الأحوال يجوز لها أن تخرج بغير إذن الزوج.

وعدم النوم معه على الفراش وهو يريد ذلك أيضًا من النشوز فيما يبدو – والله أعلم – لأنه يمنعه من كمال الاستمتاع بزوجته.

وبهذا إن شاء الله أرجو أن تكون الصورة قد اتضحت لديك، وعلمت الحدود التي ينبغي أن تقفي عندها، وعلمت أيضًا القدر الواجب الذي لابد منه، والقدر المستحب الذي ينبغي لك أن تفعليه، وإن لم يكن واجبًا عليك.

نسأل الله تعالى أن يُوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً