الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما رأيكم بالسّماع لشكاوي والدتي عن أبي وأهله؟

السؤال

السلام عليكم

شكرًا أنكم تردون على جميع الاستشارات، وأعتذر لكثرة استشاراتي لكم وأرجو أن تقبلوا اعتذاري، ولديّ استفساران لو سمحتم:

الأول: أمي دائمًا تشكو لي عن أبي وأهله، وما فعلوه بها من أمور آذتها جدًا، فهل الاستماع لها يوقعني بشيء من الحرام؟ حيث أنها تروّح عن نفسها عندما تشكو لي، ودائمًا أنصحها، لكن الآن مشكلة حصلت وهي أنها لا تستطيع مسامحة أبي أو أهله على إيذائهم.

أبي يوجد في شخصيته عيوب وهي كذلك، ولا يوجد توافق فكري بينهما، فالفجوة بمرور الحياة الزوجية تزيد، لكنها لا تقود للطلاق، وأبي إنسان غير قابل للتطوير من صفاته السيئة، فهل هناك ما يمكنني تقديمه من دعم نفسي، أو حلول لتقليل هذه الفجوة الحاصلة؟

الثاني: هل قتل الحشرات في المنزل حرام، حيث أننا نجد نملًا أو ما شابه ونقتله، هل هناك تصرف آخر يمكننا فعله إذا كان الأمر حرامًا؟

الثالث: خلل في شخصيتي، لدي عيب في شخصيتي، وهي أنني صعبة الإرضاء، حيث أنني إذا ما أوذيت من أحد أحتاج وقتًا لتقبله مرة أخرى، حيث أجدني حساسة جدًا وأرفع سقف توقعاتي بمن أعاملهم، حاولت تجاهل الأمر وتحسنت -الحمد لله- لكني أحتاج لحلّ فاعل.

العيب الثاني: وهو علوّ صوتي، ففي البيت الذي كبرت فيه يرفعون أصواتهم، فنشأت هكذا، لكنني بعدما نضجت فكريًا أردت تغيير ما أنا عليه من خطأ، فكيف يمكنني تعويد نفسي على خفض صوتي، وضبط أعصابي عند الغضب؟

أعتذر جدًا على طول استشارتي، إلّا أنّني حاولت جمع كل الاسئلة مرة واحدة لتسهيل الأمر عليكم، مع كامل احترامي وامتناني.

شكرًا جدًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ mawadah حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك هذا الحرص، وإنما شفاء العيِّ السؤال، وأرجو ألَّا تعتذري لكثرة الأسئلة، فنحن نشرفُ في موقعك بخدمة أبنائنا وبناتنا، الذين هم أمل الأُمَّة، ونسأل الله أن يُصلحكم، وأن يُعينكم على الخير، وأن يقرَّ بكمُ الأعين، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

سعدنا جدًّا بهذا الترتيب للأسئلة، ومهما كثُرتْ فنحن على استعداد أن نُجيب عليها.

أولاً: عندما تشكو الأم من الأب وأهله -أو العكس- فإن على الإنسان أن يُحسن الاستماع، أن يُحسن الاستماع دون مقاطعة، ثم بعد ذلك يتحيّن الفرص للتذكير بالعفو، والثواب الذي عند الله تبارك وتعالى، والأجر الذي يناله مَن يعفو عن السيئة والذي يدفع بالتي هي أحسن، وهذا من الأهمية بمكان.

النقطة الثانية: ينبغي أن تكتمي ما سمعتِه من السوء عن الأب، ينبغي أن تكتميه عنه، ولا يجوز أن تُخبري الأب بأن الوالدة أو الخالة أو الخال قال (كذا وكذا)- أو العكس-، هذه النقطة الثانية وهي من الأهمية بمكان.

النقطة الثالثة: ينبغي أن تنقلي خيرًا، يعني: إذا تكلّمت الوالدة عن الوالد وقالت: (كان طيبًا ولكنّه تغيّر، ولكنّه)، أنتِ تقولي للوالد: (تقول عنك: أنتَ طيب)، لأن المؤمن إذا سمع خيرًا نشره، وإذا سمع شرًّا دفنه.

واجتهدي بعد ذلك في وضع النقاط على الحروف، ولكن بعيدًا عن وقت الشكوات. اطلبي من الوالدة بأن تذكر المواقف الجميلة، وتطلبي من الوالد أن يذكر المواقف الجميلة، وأنكم والوالدة صبرتم، وأنت والوالد صبرتم، ونحن نعرض لكم -يعني- ما يرفع المعنويات، وتستجلبي معه الكلام الطيب، ثم بعد ذلك إذا اعترف الوالد بأنه كذا تقولي: (يا أبي أنت رائع، لكن فعلاً نتمنَّى لو تركت هذه الصفة) لأن النصح للوالدين ينبغي أن يكون في منتهى اللطف.

بالنسبة للسؤال الثاني: قتل الحشرات في المنزل؟

طبعًا الحشرات نحن لا نقتل إلَّا المؤذيّة، وأنا أفضل دائمًا إذا وُجد نملٌ -خاصَّةً بكمياتٍ- نقرأ ونحرِّج عليهم بأن نقول: (اخرجوا وإلَّا قتلناك)، وبعد ذلك نتخذ إجراءً إذا كان ينالونا منه أذى، أمَّا إذا كان لا يُؤذينا فينبغي ألَّا نُبادر بالأذى، ونحاول أن نصرفه بألطف الطرق، يعني مثلاً: النمل هذا لو وضعتم شيئًا طعمه حلو -أو كذا- يجتمع عليه، ثم نحمل هذا الشيء إلى مكان بعيدٍ بما معه وما فيه من النمل. يعني: الإنسان يتخلص من هذه لأنها أُممٌ تُسبِّح الله، ونُحذّرُ من استخدام النار في حرقها أو الأذية لها، وكما قلنا: مسألة التحريج، أن نُحرّج، نُحرّج بأن نقول: (عليك بالله العظيم إلَّا خرجتَ)، وبعد ذلك الإنسان يتخذ الإجراء، وهذا نفعله للقطط خاصة، إذا كان لونها أسود، ومثل هذه الأشياء، الثعبان أيضًا قبل أن نخرجه أو نقتله نُحرّج عليه، وهذا من الأهمية بمكان، (نُحرّج عليك بالله العظيم إلَّا خرجتَ وإلَّا قتلناك).

بالنسبة للسؤال الثالث: وهو الخلل في الشخصية؟

أولاً: إدراكُكِ لهذا الخلل مهمٌّ جدًّا، وهو الخطوة الأولى في العلاج، وسعدنا أنك تحاولي، ولكن نتمنّى ألَّا تكوني حسَّاسة، لأن الإنسان يتعب، فما كل الناس يُقدّرُ الأمور، ولا كل الناس يعرف أن يتكلّم، وجود الإنسان في جماعة له ثمن، والمؤمنة التي تُخالط الناس وتصبر خيرٌ من التي لا تُخالط ولا تصبر، والإنسان ينبغي أن يتعلّم من مدرسة الحياة.

وبالنسبة لعلو الصوت: أرجو أيضًا أن تجتهدي في التخلُّص منه، وبعد ذلك إذا حصل رفع صوتٍ على أحد تعتذري، بأنك لا تملكي نفسك، أو أنك تعوّدتِّ على هذا الأمر، وتطلبي ممَّن سبَّبتِ له الإزعاج برفع الصوت أن يُسامحك، وأنا أريد أن أقول: الإنسان يستطيع أن يتخلص من هذه الأشياء بالدُّرْبة، بالمحاكاة، بالإصرار على التمثيل فيها، يعني: تحاولي بأن تُجبري نفسك وتُمثّلي أنك تخفضي صوتك، كذلك التأسي بالنبي -صلى الله عليه وسلم- القراءة عن فضل الصمت والهدوء والكلام الطيب. كذلك مجالسة الذين لا يرفعوا أصواتهم من الصديقات ومن الزميلات، ومن المحارم -محارمك من الرجال- هؤلاء الذين يتكلموا بهدوء؛ الجلوس معهم الكثير والتعامل معهم من شأنه أن يُعلّم الإنسان الأخلاق الفاضلة.

نسأل الله أن يُعينك على الخير، ونكرّر لك الشكر على هذه الأسئلة، ونرحب بأسئلتك في أي وقتٍ وحين، وبارك الله فيك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً