الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحتاج لإعادة الفكرة في رأسي أكثر من مرة كي لا أنساها، فما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أتقدم بكامل عبارات الشكر والامتنان لهذا الموقع الجميل والمفيد.

أنا يونس، عمري 16 سنة. قبل مدة كنت قد بعثت استشارة لي أذكر فيها أني أعاني من بعض الأعراض، وقد أجبتموني بما فحواه أني أعاني من اضطراب الآنية وكذا القلق المصاحب له بالإضافة إلى الوساوس، فالحمد لله قد خفت الأعراض بعض الشيء، وشكرا لكم لإفادتي.

سؤالي هو أنني لمدة عام متواصل للآن أعاني من مشكل لا أعلم ما هو بالضبط، المشكل هو:

مثلا إذا كنت أحدث نفسي داخليا عن فكرة معينة أحس بشعور أني أحتاج لإعادة الكلام مرة أخرى وأخرى وأخرى لدرجة أصل أني أتكلم بصوت مرتفع مع نفسي حتى أحسس نفسي أنني ثبت المقصد من تلك الفكرة؛ ربما لخوفي من نسيانها أو شيء من هذا القبيل، على سبيل المثال:

أقول غدا -إن شاء الله- سأحاول أن أنضم وقتي، وأقوم بكذا وكذا وكذا فأحس بشعور غريب ومزعج أنني أحتاج لإعادة هذا الكلام في نفسي حتى أتأكد أني ثبته في عقلي، فإذا استمر الشعور أقول تلك الفكرة بصوت مرتفع حتى أحسس بنفسي بأني ثبتها، بالرغم من أني في قرارة نفسي أدري أنه لا داعي من ذلك، وبعض المرات إذا قمت بعمل معين في سبيل الله أقول هل فعلت حقا هذا في سبيل الله؟ فأضطر مرة أخرى لذكر الأشياء التي تدل أني فعلا قمت بفعل هذا العمل في سبيل الله حتى أقنع نفسي بنفسي بأني فعلا قمت بذلك في سبيل الله فيأتيني شعور أني يجب أن أعيد الكلام... إلخ، أو إذا ما كنت أحفظ درسا فيأتيني شعور ربما سأنساه، فأخاف وأحاول تذكير نفسي بأن هذه مجرد وساوس لن تحدث فأعيد الكلام في نفسي حتى أرتاح وأثبته.

هذه المشكلة تسبب لي إزعاجا كبيرا، وأرجو أن أتخلص منها. أتمنى أن أكون وصفت مشكلتي بشكل واضح لكم، وأتمنى أن تفيدوني بحل إن كان متوفرا -بإذن الله- وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يونس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونسأل الله لك العافية، وأشكرك على ثقتك في إسلام ويب.

أيها الفاضل الكريم: محتوى استشارتك الحاضرة الآن هي أنك تعاني من بعض الأفكار الوسواسية وشيء من أحلام اليقظة، وهذه متغيرات في مثل عمرك طبيعية جدًّا، وغالبًا ما تكون عارضة، وأنت يجب أن تُجاهد نفسك في تحقيرها وتجاهلها، وعدم الاندماج معها، وعدم الإسراف في تحليلها، لأن هذا سوف يُثبّتها.

وهنالك التمارين السلوكية التي دائمًا ننصح الناس بها، وهي:

أن تتعامل مع الفكرة الوسواسية على ثلاث مستويات فكريّة:

المستوى الأول، هو: أن تُوقف الفكرة، وذلك من خلال أن تتصور الفكرة في بداياتها، ثم تقول لها: (قف، قف، قف، أنتِ فكرة حقيرة، أنا لن أهتمّ بك)، وتُكرر هذا عدة مرات حتى تحس بشيء من الإجهاد.

والتمرين الثاني الذي تطبقه على نفس الفكرة الوسواسية، هو: أن تصرف انتباهك عنها، بأن تأتي فكرة أكثر أهمية وأكثر سموًّا، وتعرف أن فكر الإنسان يوجد في شكل طبقات، فالإنسان إذا جعل الأمور الهامّة في الحياة في الدرجة العالية في درج أفكاره قطعًا الوساوس لن تجد طريقًا، لأنها سوف تنزل إلى مستويات أقلّ في الفكر. فمثلاً: أنت اجلس وتأمّل الفكرة الوسواسية هذه ثم فجأة انقل نفسك إلى فكرة أعظم وأفضل، مثلاً: تأمّل التنفُّس لديك، كيف أن الأكسجين يدخل عن طريق الرئتين، وكيف أنه ينتشر في الدم، وما هي فائدته، وكيف تعمل الرئة، وقم بعدِّ التنفُّس لديك لمدة دقيقتين، وهكذا.

الهدف هو أن تصرف انتباهك من خلال الإتيان بفكرة أكثر أهمية وأكثر إمتاعًا وإشباعًا من ناحية الفكر.

والتمرين الثالث هو ما نسميه بالتنفير، وفي هذا التمرين تربط الفكرة الوسواسية أو حتى أحلام اليقظة بفكرةٍ مخالفة، شيء مؤلم للنفس، مثلاً قم بالضرب على يدك بقوة وشدة على جسم صلب – كسطح الطاولة – واستجلب في نفس الوقت الفكرة الوسواسية أو القلقية أو حلم اليقظة، والهدف هو أن تربط بين الألم الذي سوف يقع عليك من خلال الضرب على الطاولة وهذه الأفكار. وتُكرر هذا التمرين عشرين مرة متتالية بمعدل مرة صباحًا ومرة مساءً. هذا يُنفّر من هذه الأفكار، لأن علماء السلوك يرون أن الأشياء المتناقضة لا تلتقي في حيّز فكري واحد.

يجب أن تكتب هذه الأفكار كلها في قائمة، تبدأ بالفكرة الضعيفة والأقل، ثم تنتهي بالأكثر قوة وشدة، وتُطبق التمارين الثلاثة عليها.

بجانب هذه العلاجات التخصُّصيّة، عليك أيضًا أن تُدير وقتك بصورة طيبة، أن تهتمَّ بدراستك، أن تحرص على صلواتك في وقتها، وأن تُكثر من الاستغفار، وتحرص على الأذكار، ويكون لك ورد قرآني، وتمارس الرياضة، وتستمتع بالحياة، وتكون بارًّا بوالديك ... هذه هي الأساسيات العلاجية المهمّة جدًّا.

العلاج الدوائي أيضًا يُفيد، لكن نسبةً لعمرك أعتقد أنه لا داعي لتناول أي أدوية في الوقت الحاضر.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً