الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعد نوبة الهلع والمخاوف هل أصبت بثنائي القطب؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا طالب عمري ١٦ سنة، عندما كنت عائدا من المدرسة تعرضت لحادث لم يصبني بأضرار جسدية -الحمد لله- ولكن جاءتني نوبة هلع شديد، كنت خائفا جداً من أن أموت، وبعدها بحوالي شهر جاءتني نفس النوبة في خطبة الجمعة كانت عن الموت، وأيضاً بعدها جاءتني نفس النوبة عندما كنت جالسا وحدي في غرفتي، وبعدها ظهرت بعض المشاكل، مثل نسيان ما فعلته كما لو أنني لم أفعله، ولكني اعتدت على هذه الأحاسيس، وشعرت بتحسن ملحوظ.

منذ وقت قريب جدًا جاءني إحساس غريب عندما كنت أستعد للذهاب للاختبار، علمًا أني كنت منهكا، وعندما عدت شعرت بحالة كبيرة من الحزن والبكاء الشديد، ثم ذهبت إلى صديقي لكي يزول هذا الشعور، علماً أني أخذت لقاح كورونا قبلها بساعات، وبالفعل ذهبت إلى صديقي، ولكن الحزن لم يذهب، ورجعت إلى البيت ونمت، وعندما استيقظت شعرت بنفس الشعور، ولم يزل، وأمي أيضًا شعرت بهذا من ملامحي، وكنت أشعر حينها أني لست في وعيي، وأني لا أشعر بطعم الحياة، وبكيت كثيرًا.

عندما بحثت في موقعكم عن حالات تشبه حالتي، كانت هناك استشارة لأحد من الناس بنفس عمري وكان يعاني من نفس الشعور، وكانت الحالة اضطراب الأنية، والآن أنا أخاف جدًا لأن حالتي اشتدت، وظهرت بعض الأمور المزعجة مثل تقلب المزاج، وأبحث كثيرًا في شبكة الانترنت عن الأمراض النفسية، وأخاف أن يكون عندي اضطراب ثنائي القطب، لأني أعرف أنه لا يوجد علاج له، مع العلم أنه لا تأتيني أفكار للانتحار، أرجو المساعدة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

الحمد لله الذي أنجاك من هذا الحادث الذي حدث لك، والذي أعقبه نوبة هلع، وأصلاً لديك قابلية بسيطة للقلق وللخوف، وجاءتك مخاوف من الموت، وبعدها جاءتك نفس النوبة في خطبة الجمعة، لأنها كانت في موضوع الموت، وهذا ناتج طبعًا من وجودك وسط تجمُّع المصلين، وبعد ذلك بدأت بالفعل تظهر لديك بعض أعراض القلق والوساوس.

حالتك تعتبر حالة (قلق مخاوف) من الدرجة البسيطة، وليس أكثر من ذلك، وهي حالة عارضة ولن تستمر طويلاً، وسوف تنتهي بإذن الله تعالى.

حالتك ليس لها علاقة بالذهان ولا بالفصام أو شيء من هذا القبيل، الحمد لله أنت تؤدي صلاتك، وأنا على ثقة أنك في أسرة كريمة مستقرة، ولا تنتابك أي أفكار انتحارية، فإن شاء الله تعالى مآلات هذه الحالة مآلات إيجابية، أي أن الحالة لن تتطور، بل سوف تتلاشى هذه الأعراض تدريجيًا.

أنت في مرحلة التكوين النفسي والجسدي والبيولوجي والوجداني، ومثل هذه الحالات كثير من الشباب يكون عُرضة لها.

أنا حقيقة لا أنصحك بالاطلاع كثيرًا في شبكة الإنترنت على هذه الحالات النفسية، لأن الإنسان قد يُصاب من خلال التأثير النفسي الإيحائي بأعراض ليس موجودة عنده ويبدأ في التوهمات والوساوس المرضية.

كل الذي أرجوه منك هو أن تتجاهل هذه الحالات، حالات الخوف ونوبات الهلع، وأن تجعل حياتك حياة طيبة وجميلة ومنضبطة، وذلك من خلال أن تُكثف ممارسة الرياضة، فهي مفيدة جدًّا. أيضًا أريدك أن تُطبق بعض تمارين الاسترخاء، مثل تمارين شد العضلات وقبضها ثم إطلاقها، وكذلك تمارين التنفّس التدرُّجي. إسلام ويب لديها استشارة رقمها (2136015) أرجو أن تتبع الإرشادات التي وردت في هذه الاستشارة وتُطبِّقها وتستفيد منها، كما أنه توجد برامج جيدة جدًّا على اليوتيوب توضح كيفية تطبيق هذه التمارين على أسس صحيحة.

هذه علاجات مهمَّة بالنسبة لك، وأيضًا الحرص على حُسن إدارة الوقت، تجنُّب السهر مهمٌّ جدًّا، لأن أي إجهاد نفسي أو جسدي يُثير نوبات الهلع والفزع، كما أن الإنسان حين يتجنّب السهر وينام مبكِّرًا يستيقظ مبكِّرًا وأنت نشط، وتؤدّي صلاة الفجر، وفترة الصباح هذه والبكور طيبة جدًّا، حيث يكون الدماغ في أفضل حالات الاستقرار، ويمكنك أن تُذاكر دروسك وأن تدرس ما تريد، ساعة مثلاً قبل أن تذهب إلى مدرستك، وبهذه الكيفية تكون قد بدأت يومك بداية إيجابية وطيبة وصحيحة، وهذا يجعل استقبالك لبقية اليوم ممتاز جدًّا وممتع جدًّا بالنسبة لك.

إذًا هذه هي الأشياء الأساسية، وأريدك أن تكون شخصًا تنافسيًّا، بمعنى أنك دائمًا تحب أن تكون في أفضل المواقف وفي أفضل المواقع، تجتهد في دراستك، تحرص على صلواتك، تكون بارًّا بوالديك، تكون لك آمال وطموحات حول المستقبل، هذا مهمٌّ جدًّا، ويجب أن ترفّه عن نفسك أيضًا بما هو طيب وجميل، وأن تكون لك علاقات اجتماعية فاعلة وممتازة مع الصالحين من الشباب.

هذه هي الأسس الرئيسية التي تُؤدّي إن شاء الله تعالى إلى الاستقرار النفسي. أطمئنك مرة أخرى: هذه مجرد حالة قلق مخاوف بسيطة، وإن شاء الله تعالى هي مرحلية كما ذكرتُ لك، ولن تستمر طويلاً أبدًا. اتبع نهج الحياة السلوكي الإيجابي الذي أوردته لك، وأنت لست في حاجة لعلاج دوائي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً