الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجوز لي أن آخذ من مال أبي دون علمه؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا في مأزق، ولا أعلم ماذا أفعل؟! أبي شديد القسوة دائما، يهيننا ويقلل من شأننا نحن وأمي، ولكن لم يكن لدينا مصدر رزق أو أي سبيل آخر.

الآن عمري 24 سنة، وأمي توفت منذ خمس سنوات، وأخي تزوج وسافر بعد وفاة أمي، هو صفاته كلها من الشخصية النرجسية، يتخيل خيالات مثل أننا نحاول أن نؤذيه، وكل الناس تكرهه، ونضع له السم في الأكل ونستحقره، وأي فعل لنا يضع عليه من خيالاته ويعاقبنا به.

لقد صبرت علي أذاه، وشغل البيت، والدراسة، وتخرجت بفضل الله ولكنه أصبح أسوأ من قبل، فإذا نطقت بكلمة يهينني بكل الطرق، ويهين أمي المتوفية، وأخي وأمه، أنا لا أتكلم، وأركز في عملي ودراستي فقط، ولا أتحدث بأي شيء حتى لا يسمعني الكثير من الشتائم والإهانة، والمعاملة المقرفة وكأنني خادمة.

في بعض الأحيان من الضغط أتحدث بكلمة مثل أنني متعبة، أو لدي الكثير من العمل، أو أبكي وهو لا يرحمني، وحالتي النفسية سيئة جدا، وكل ما في داخلي أنني أريد الانتحار، فأنا لا آكل بالأيام، وشعري سقط، وأمرض كلما يفعل هذا بسبب الحمى، وضغطي في معظم الوقت منخفض جدا، وأشعر بدوار وتزغلل عيني، وبعد كل هذا يريدني أن أخرج من البيت، ويهددني دائما.

البارحة شدد علي وقال: إنه لا يريدني في البيت، فأنا تعبت، أنفق من مالي علي نفسي، ولكنه لن يكفي مع السكن، فهل يجوز لي أن آخذ من ماله لكي أصرف منه على سكني وأضمن أنني لن أبيت في الشارع؟ ليس عندي أعمام وأهل لأنهم متوفين، ولا أريد أن أثقل على عائلة أخي، ولا أريد أن يؤذي جدتي أكثر بسببي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بسنت حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونسأل الله أن يرحم الوالدة، وأن يكتب لها صبرها، وأن يكتب لكم ثواب هذا الصبر، وأن يُعجّل بشفاء هذا الوالد، وأن يُعينكم على الصبر عليه، فإن الصبر على الوالدين من أكبر أنواع البر.

إذا كانت الوالدة قد مضت إلى الله تبارك وتعالى فأكثري لها من الدعاء، واستمري في الإحسان إلى الأب، وتجنّبي الأمور التي تُثير غضبه، هذا ما ندعوك إليه في البداية، أن تتجنّبي الأمور التي تُثير غضبه والأمور التي تُثير زيادة التوتر، وإذا كان قولك (إني متعبة) أو نحو ذلك من الأعمال تتعبه وتجلب لك الشتائم؛ فليس هناك داعي أن تتكلّمي بها، لأن هذه الشخصيات فعلاً من الصعوبة التعامل معها، لكن دائمًا الإنسان إذا عرف المداخل إليها ذلك ممَّا يُعينُ على التعامل.

وتعوّذي بالله من فكرة الانتحار، واهتمّي بصحتك، فلا تتركي طعامك وشرابك لأجل موقفٍ أو مواقف تحصل من الوالد، فإن ذلك لا يُعين على النجاح ولا يُعين على الخير، فترك الطعام وما يحصل لك من آلام وأمراض هي مشكلة، بالإضافة إلى المشكلة الأخرى. وتجنّبي الأسباب التي يُهددك بسببها.

وإذا كنّا قد جوّزنا لك أن تأخذي من ماله ما يكفيك دون زيادة أو نقصان، دون أن يعلم، وهذا حق لك؛ لأنه مُلزمٌ بالنفقة عليك، إلَّا أننا لا نُؤيّد هذه الفكرة على الإطلاق، بل نُؤيِّدُها إذا وصلت إلى مرحلة من الضرورة، وكذلك نحن لا نُؤيد الذهاب لاستئجار مكان وحدك، لابد أن تنحازي إلى إخوانك أو أخواتك أو محارمك، يعني: نحن لا نُؤيّد أن تخرج الفتاة وحدها لتسكن وحدها لأجل الأذى الذي يأتيها، فاحتمال الأذى الذي يأتي أخفّ من خروج الفتاة وانعزالها في بيتٍ وحدها، الأمر الذي قد يجلب لها ظنّ السوء وشكوك الناس في زمانٍ النفوس فيه مريضة.

وعليه أرجو أن تهتمّي أولاً بمحاولات البقاء في داخل البيت، وذلك بتفادي ما يُغضب الوالد والصبر عليه والاهتمام، وأبشري بالأجر.

الأمر الثاني: إذا اضطررت إلى الخروج فليكن عند أختك أو عند أخيك أو عمّتك، يعني أحد المحارم أو أحد البيوت التي تستطيعي أن تجدي نفسك فيها. ثم إذا اضطررت أن تأخذي من ماله فليكن بالمعروف وبمقدار الحاجة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُسهّل أمرك، وأن يُلهمك السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً