الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وساوس وأفكار سوداوية تقلب حياتي وتثبط عزيمتي.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أكتب لكم رسالتي وأنا أتعذب وأحترق من الداخل، أثق جدا بردودكم وحلولكم التي لم أجدها عند بعض الأطباء النفسيين، لقد تم تصنيف حالتي بالاكتئاب منذ 20 سنة، تم وصف (افكسور 75) ولم أستفد منه، وبعدها (سيبرالكس) تحسنت عليه ولكن بسبب الأعراض الجانبية واستخدامي له لأكثر من ثلاث سنوات متواصلة توقفت تدريجيا عن استخدامه.

أنا الآن أعاني من الوحدة والانعزال، فمنذ صغري لم تدعمني أسرتي، لدي ١٠ من الإخوة والأخوات لا يقفون بجانبي، ويفضلون انعزالي عنهم كلما اختلطت معهم، ويسخرون مني، ويؤذونني بكلام جارح، ويتهمونني بعدها بالحساسية المفرطة، حتى أنهم أصبحوا يؤذون أطفالي بالتعليقات والسخرية، فأنا أعاني من العزلة الاجتماعية، وأخشى إن تقربت لأحد أن يصدني، فلقد عانيت الكثير من تلاعب الخبثاء بمشاعري وأحاسيسي.

مؤخرا أصبت بالوساوس ومهاجمة الأفكار السوداوية لي، فأصبحت أقول لنفسي من سيموت قبل الآخر أنا أم إخوتي؟ ثم أقول أنا من يجب أن تموت قبلهم مع أنني الأصغر، وأصبحت أوصي ابني إن مت لا تدفني في بلدي، ولا تخبر إخوتي، ولا تدعهم يروني، فهم لم يقفوا بجانبي وقت شدتي في الدنيا، ولا أريدهم أن يروني حال وفاتي.

لدي آلام كثيرة بجانب القلب، أصبحت منذ مدة طويلة لا أستطيع الاستمتاع أو الضحك والفرح، فكرة موتي قبل أو بعد إخوتي تسيطر علي في كل لحظة، لقد دمرني أهلي منذ صغري وحتى الآن، بقسوة قلوبهم وجفائهم وعدم اكتراثهم بي، أقوم الليل، وأقترب لله، وأساعد الفقراء واليتامى، في كل مرة تتسلط علي فكرة سوداوية وتقلب حياتي وتثبط عزيمتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أماني حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وأنت بالفعل لك استشارات سابقة، وأنا أشكرك على ثقتك في هذا الموقع، وأنا أجبتُ عليك بتاريخ 1/3/2021 وذلك بالنسبة للاستشارتك التي رقمها (2467668) وقد أسديتُ لك النصائح المطلوبة، ووصفتُ لك أيضًا بعض السُّبل التي تُعدِّل من نمط الحياة وتجعله إيجابيًّا، وكذلك وصفتُ لك عقار (سيرترالين) والذي يُعتبر من الأدوية الرائعة والفاعلة والممتازة جدًّا.

ومن الواضح – وحسب ما ورد في هذه الاستشارة – فإن القلق الاكتئابي المصحوب بالأعراض الوسواسية هو الذي يُهيمن عليك، وإن شاء الله تعالى الحالة ليست حالة مُطبقة أو مستحيلة العلاج، لا، حياتك فيها أشياء طيبة وجميلة، وعلى ضوء ذلك يجب أن تسعي أن تكوني في جانب التفاؤل، هذا مهمٌّ جدًّا، وبشيء من تصحيح المفاهيم الخاطئة، خاصة حول الأهل، وأن تسعي دائمًا أن تقبلي الناس كما هم لا كما تُريدين، أعتقد أن ذلك سوف يُساعدك كثيرًا.

وأنا سعيد أن أعرف أنك ما شاء الله تبارك الله تقومين الليل، وتتصدّقين، وهذه إن شاء الله في ميزان حسناتك، وقطعًا تُمثِّلُ دفعًا علاجيًّا إيجابيًّا جدًّا.

أنا أعتقد أن تبدئي عقار (سيرترالين) هذا أمرٌ ضروري جدًّا، لأنك حقيقة في العمر الحرج بالنسبة للنساء، فالاكتئاب النفسي يكثر في هذا العمر، وهشاشة النفس مثل هشاشة العظام تبدأ أيضًا في هذا العمر. فأرجو مخلصًا أن تبدئي في تناول الدواء بالطريقة والصفة التي ذكرتها لك في الاستشارة السابقة، وأنا أؤكد لك أن الدواء دواء سليم، دواء نافع، دواء غير إدماني، لا يُؤثّر على الهرمونات النسائية.

فأرجو – أيتها الفاضلة الكريمة – أن تبدئي العلاج الدوائي، وتتواصلي معي بعد شهرين من بداية الدواء، لأني أريد أن أعرف النتيجة، وطبعًا فوق ذلك لابد أن تجعلي نمط حياتك نمطًا إيجابيًّا، فاعلاً، وتتعاملي مع الأفكار الوسواسية المتشائمة من خلال تحقيرها، وصرف الانتباه التامّ عنها، وتجاهلها مهما كانت مستحوذة، ولا تدخلي في نقاش تفصيلي حول هذه الأفكار مع نفسك، هذا مهمٌّ جدًّا، لأن حوار هذه الأفكار وتحليلها وإخضاعها للمنطق يُؤدّي إلى تمكينها أكثر، أمَّا التجاهل وصرف الانتباه فهي الطريقة المثلى للتعامل مع هذه الأفكار.

أنا متفائل جدَّا إن شاء الله أن أمورك سوف تصير جيدة، فأرجو أن تتبعي ما ذكرتُ لك من إرشاد، وإن شاء الله تعالى أسمع عنك أخبارا طيبة بعد بداية العلاج بشهرين.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً