الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما هي حقوق أهل الزوج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا سيدة متزوجة منذ سنتين رزقت بطفل عمره حاليا ثمانية شهور، زوجي إنسان طيب معي ويعاملني بشكل جيد، حنون ومتفهم ونتحدث معا في أغلب المواضيع بشكل مريح وصريح، لديه وظيفة محترمة ودخل شهري يكفينا للضروريات وسكن خاص -الحمد لله- أهل زوجي أناس طيبون ولكنهم يحبون التجمعات كثيرا، وأنا بحكم أنني تربيت في عائلة لا تكثر الاختلاط وفي مدينة بعيدة، وجدت صعوبة في التأقلم مع هذا الوضع الجديد.

زوجي يعمل طيلة الأسبوع ويأتي متعبا في المساء، في نهاية الأسبوع كان مفروضا علي أن أزور أهله أو يزورونني، وضاق بي هذا الأمر وأخبرته بطريقة سلسة أن من حقي قضاء بعض الوقت معه بمفردنا، خصوصا وأن إخوته كلهم رجال، وأجد حرجا في المبيت عندهم، بالإضافة إلى كون أحد إخوته مريضا عقليا لديه فصام حاد، وعندما تنتابه نوبات يومية تقريبا، يقوم بالسباب وقول الكلام الفاحش والسيء أمامنا، وهذا يحرجنا جميعا.

كوني المرأة الوحيدة بينهم أشعر بحرج أكبر، رغم أنني أتظاهر بالتجاهل التام للأمر أمامهم، علما أنني متعلمة، وكنت قبل الزواج أقضي وقتي إما في العمل أو الدراسة، وتعودت على وجود أهداف في حياتي لخدمة أمتي وديني، لكنني حاليا أشعر أنني غارقة في الدنيا والأحاديث السطحية حول فلانة وفلانة، والحسد والغيرة والسحر، وأغلب عائلتهم يتهمون بعضهم البعض بالسحر والحسد.

سؤالي: ما هي حقوقي وواجباتي تجاه أهل زوجي، وما هي حدود التعامل معهم، وكيف أتصرف دون أن أظلمهم أو أقصر في حق زوجي وابني؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شيماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.

أولاً: نشكر لك إنصافك لزوجك وذكر ما فيه من المحاسن والصفات الجميلة، وشعورك بهذه النِّعم الكثيرة التي أنعم الله بها عليك دليلٌ على حُسنٍ في إسلامك ورجاحة في عقلك، فنسأل الله تعالى أن يوفقك لشكر هذه النِّعم، فالشُّكرُ سببٌ للزيادة، كما قال الله -سبحانه وتعالى-: {وإذْ تأذَّن ربُّكم لأن شكرتم لأزيدنَّكم}.

ومن شُكر نعمة الله تعالى في الزواج القيام بفرائض الله تعالى، ومن ذلك العشرة بالمعروف بين الزوجين.

فنصيحتُنا لك أن تحرصي على مُعاشرة زوجك بالمعروف، وأن تجتهدي في الإحسان إليه وإعانته على كلِّ ما فيه بِرّ وخير، بغض النظر عن وجوب ذلك عليك وعدم وجوبه، فإن الله تعالى لا يُضيع أجر مَن أحسن عملاً.

ولهذا ننصحك بأن تُعيني زوجك على بِرِّ والديه والإحسان إلى أهله وقراباته، فإن هذا يعودُ على أسرتك بالبركة والخير، فيُبارَكْ لك في زوجك في عمره وفي رزقه وفي عمله، وتنعكس تلك السلوكيات والأخلاقيات التي يتعاملُ بها مع أهله على أولادك بعد ذلك، فيبرُّوك كما يَبَرّ أبوهم أهله.

وليس ثمَّ ما يجب عليك أنت تجاه أهل زوجك؛ إلَّا ما يجب للمسلم على المسلم، هذا من حيث الواجب، لكن أنت أصبحت عضوًا في هذه الأسرة الكبيرة، فينبغي أن يشعر أفراد هذه الأسرة بوجودك وأثرك الطيب على هذه الأسرة، ونفعك لهم، فإن النفوس مجبولة على حُبِّ مَن أحسن إليها. فحاولي أن تُحسني إليهم، ومن أعظم أنواع النفع والإحسان أن تحاولي نفعهم فيما ينفعهم في دينهم وفي آخرتهم، فاجعلي من تعليمهم الخير وحثِّهم عليه وترغيبهم فيما يُقرِّبُهم عند الله، اجعلي من ذلك وسيلةً للإحسان إليهم والتحبُّب إلى قلوبهم، مع أمكنك من النفع المادّي، إن أمكنك ذلك.

وأمَّا عن إجازة زوجك وحاجتك إلى قضاء وقتٍ معه؛ فهذا كلامٌ صحيح، ولكنّه بالحكمة يمكنك التوصُّل إلى ما تحتاجين أو إلى بعضه على الأقل، فيمكنك أن تقترحي على زوجك برفق ولين أن يقسم وقت الإجازة بينك وبين أهلك، فيجمع بذلك بين الوفاء بحقوقك وبين الوفاء بحقوق أهله وصِلَتِهم.

وممَّا يُعينك على هذا أن تُدركي بأن وجود زوجٍ بهذه المواصفات وأُسرة طيبة -كما وصفت في استشارتك- ينبغي أن يُقابل بنوع من التضحية؛ فإن هذه الدُّنيا جَبَلها الله تعالى على أن الأخذ منها يُقابلُه العطاء.

نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً