الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشوش الذهن وأشعر بأنني شخصان في جسد واحد، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالب في كلية الطب، دائما أشعر أني مشوش وتائه، وفيه ضوضاء في رأسي، دائما أشعر أني مخنوق ولا أستطيع أن آخذ نفسي.

أحياناً أشعر أني قوي جدا ولا أخاف من أي شيء، وجريء جدا، ومتفائل، وأستطيع أن أجد حلاً لأي مشكلة، ولو دخلت في حوار أو نقاش مع أحد لا أجد مشكلة.

أحياناً أشعر أني ضعيف جداً، وطفولي وكثير النسيان، وخائف من التجمعات والتحدث إلى الآخرين، وغير مستعد للدخول في حوار مع أي أحد، وهذا الشعور السائد عندي، ولا أستطيع حل أبسط المشاكل.

أشعر بأنني شخصان في جسد واحد. أرجو أن تساعدوني؛ لأني متعب جداً من هذا الحال!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ahmed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية.

هذه المشاعر التي تعاني منها هي إحدى الظواهر التي قد تمرُّ بالناس في مراحل الشباب الأولى وبعد سنوات اليفاعة والبلوغ: عدم التأكد من الذات، التشويش، شعور بالقلق الداخلي، عدم القدرة على تحديد الأهداف وكذلك الهوية، شيء من أحلام اليقظة الداخلية التي تؤدي إلى نوع من الحوارات التي قد لا تكون مُجدية. ... وهكذا.

هذه الظواهر –أيها الفاضل الكريم– نعتبرها ظواهر مرحلية تطورية تمرُّ في حياة الشباب، وأفضل طريقة للتخلص منها هي أن تجعل لحياتك أهدافًا، ما هي أهدافك؟ هذا مهمٌّ جدًّا، والأهداف لها ثلاثة أنواع: (أهداف آنية، وأهداف متوسطة المدى، وأهداف بعيدة المدى).

الهدف الآني هو الذي يجب أن نُحققه في خلال أربع وعشرين ساعة. مثلاً: إذا كان لديك صديق أو قريب مريض بالمستشفى وقررت أن تذهب وتزوره، وقمت بذلك، هنا تكون قد حققت هدفًا ساميًا جدًّا خلال أربع وعشرين ساعة، وهذا سوف يعودُ عليك بخير كثير. هذا مجرد مثال.

الهدف متوسط المدى: يجب أن يتحقق في خلال ستة أشهر، مثلاً أن تُقرِّر أن تحفظ ستة أجزاء من القرآن الكريم، هذا هدف، وحين نتكلم عن هدفٍ مُعيَّنٍ لا نعني تعطيل الأهداف الأخرى أبدًا، هنالك أهداف أخرى كثيرة يمكن للإنسان أن يقوم بها، لكن هنالك هدف يجب أن يأخذ اهتمامًا مُعيَّنًا ويجب أن يُنجز.

أمَّا الأهداف على المدى البعيد فهي معروفة – أخي الكريم -: التخرُّج، الدراسات العُليا بعد ذلك، الزواج، بناء أسرة ... وهكذا.

فإذًا يجب أن يكون لديك أهداف واضحة، وهذا سوف يجعل فكرك يسير في المسارات الصحيحة، ينتهي التشتت، هذه الضوضاء، عدم التأكد من الذات، هذا شيء أساسي جدًّا.

الأمر الآخر هو: يجب أن تُحسن إدارة وقتك، الذي يُحسن إدارة وقته يتطوّر نفسيًّا ومعنويًّا وسلوكيًّا وحتى جسديًّا، فعليك بالنوم الليلي المبكّر، وهذه هي أوّل الخطوات، حُسن إدارة الوقت، بل هي أمرٌ جوهري، الذي ينام مبكِّرًا يستيقظ مبكّرًا، يؤدّي صلاة الفجر، ويكون لديك الكثير من الطاقات والنشاط، ويمكن بعد أداء الصلاة والاستحمام وشُرب الشاي وقراءة الأذكار؛ يمكن أن تدرس لمدة ساعة مثلاً، قبل أن تذهب إلى الكلية، وصدّقني هذه الساعة تُعادل ثلاث ساعات في بقية اليوم، لأن درجة الاستيعاب تكون مرتفعة جدًّا، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (بورك لأمتي في بكورها)، هكذا علَّمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، والآن اتضح أن كل المواد الإيجابية الدماغية تُفرز في فترة الصباح.

إذًا البداية الصحيحة لإدارة الوقت تكون مفيدة جدًّا للإنسان.

ممارسة الرياضة، الترفيه عن نفسك بشيء طيب وجميل، التواصل الأسري. هنا تكون جعلتَ لحياتك معنىً، وكل طاقاتك النفسية تجسّدت وتحرّكت في الاتجاه الصحيح.

هذه هي نصائحي لك، وأنا أعتقد أنك سوف تجد نفسك أكثر ثقة بذاتك وأكثر تركيزًا، وسوف تتطور حياتك في جميع الأصعدة، على المستوى الأكاديمي والنفسي والوجداني والعاطفي وحتى الجانب الدّيني، إذا اتبعت هذه المنهجية في الإرشاد النفسي.

حتى أساعدك – أيها الفاضل الكريم – لأن تكون أكثر هدوءً وقدرة على التغيُّر سوف أصف لك دواءً بسيطًا جدًّا يُساعدك في إزالة القلق والتوترات، الدواء يُسمّى (ديناكسيت) هذا هو اسمه العلمي، أرجو أن تتناوله بجرعة حبة واحدة في اليوم لمدة شهرين، ثم توقف عنه، وإذا لم تجده هنالك بديلاً ممتازًا له يُسمَّى تجاريًا (دوجماتيل) واسمه العلمي هو (سولبرايد)، تناوله بجرعة كبسولة واحدة (خمسين مليجرامًا) يوميًا لمدة شهرين أيضًا، ثم توقف عن تناوله.

هذه ملطِّفات بسيطة للمزاج، ومضاداتٍ للقلق، ولا تسبب الإدمان أبدًا أو التعوّد، وليس لها مضار أبدًا بفضل الله تعالى.

بارك الله فيك وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً