الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الدعوة إلى الله وغشيان مجالس المدعوين

السؤال

أحاول أعمل في الدعوة قدر استطاعتي فكنت أحياناً أمر على بعض الأماكن فأتكلم مع الشباب ثم أني وجدت أني أوجه مشكلة هي أحياناً أتعامل مع فئة لا أفهمهم ولا يفهمونني.

وجدت أني كنت أقوى تأثيرا عليهم لو أنهم يعرفوني ففكرت هل يمكنني أن أجالسهم لبعض الوقت وغن لم أتكلم معهم إلا في أمور حياتية كي أكسب ثقتهم أولاً؛ فالمشكلة هي أني اضطر أحياناً أجلس في مقهى مع عدم قدرتي على أن أنكر في كل ما أرى.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مؤمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا ولدنا الحبيب في استشارات إسلام ويب.

أولاً: نشكر لك غيرتك على دينك وحرصك على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذه علامة خيِّريَّة فيك إن شاء الله، ونسأل الله تعالى لك مزيدًا من التوفيق والهداية والصلاح.

(خيرُ الناس أنفعهم للناس) كما جاء في الحديث، وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بـ (إنَّ الله وملائكته وأهل السماوات وأهل الأرض حتى الحيتان في البحر يُصلُّون على مُعلِّم الناس الخير) أي: يدعون له، وقد قال الله في كتابه الكريم: {ولتكن منكم أُمّةٌ يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون} فالفلاح كل الفلاح في تعلُّم هذا الدِّين وتعليمه للناس وأمر الناس بالخير وتحذيرهم من الشر، وليكن الباعث على ذلك – أيها الحبيب – محبة الخير للخلق والرحمة بهم، والإشفاق عليهم، فكلَّما كان الإنسان رحيمًا بعباد الله تعالى استحقَّ من الله تعالى الرحمة والتأييد والتوفيق.

نحن نشدُّ على عضدك بمواصلة هذا الطريق، ولكننا ننصحك أولاً بأن تتعلَّم دينك لا سيما ما تأمر به أو تنهى عنه، فلابد أن تكون على بصيرة، فقد قال الله تعالى لنبيِّه كما في كتابه العزيز: {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرةٍ أنا ومَن اتبعني}.

أمَّا ما سألت عنه – أيها الحبيب – من كونك تريد أن تُجالس الناس لتتعرَّف إليهم: فهذا عين العقل وهو من الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى، وقد قال الله في كتابه: {ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة}، فالحكمة فعل ما ينبغي في الوقت الذي ينبغي على الوجه الذي ينبغي، وكلُّ ما كان وسيلة لقبول الخلق لكلمة الحق واستجابتهم لها فإنه داخلٌ في الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى.

لا حرج عليك في وجود منكرات لا تستطيع أن تُنكرها، فإن شهود المنكر إذا كان بقصد الإنكار والتغيير فإنه جائز، لأن الحاضر يرتكب مفسدة لتحصيل مصالح أعلى منها، وإنما يحرُم على الإنسان أن يجلس في مكان المنكر إذا كان يخاف ضررًا ولا يرجو مصلحة.

ما دمت تريد بمجالستهم الوصول إلى تغيير المنكر وإزالته فإن هذا مقصود حسن، ولكن ينبغي قبل ذلك أن تتحصَّن أنت وأن تكون قادرًا على حماية نفسك من التأثُّر بهؤلاء الناس والانجرار وراءهم، وهذا نقوله لأنَّا لا ندري ما هو حالُك، وما مدى تأثُّرك بمن تُجالسهم، فينبغي للإنسان أن يكون على حذر من استدراج الشيطان.

نسأل الله تعالى أن يتولى عونك ويوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً