الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد الزواج من فتاة، وأهلي يريدون ابنة عمي.

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب عمري 25 عاما، خطبت ابنة عمي منذ 3 سنوات، وإلى الآن لم يحصل شيء رسمي بيننا، غير أننا نتواصل على الواتس آب، بالإضافة أن كل الأقارب والمعارف يعلمون أنها خطيبتي، وأنا ليس لدي أي مشاعر حب اتجاهها أبدًا، ولكن الأهل يريدون أن أتزوجها بشدة.

منذ سنة أحببت فتاة، وهي تبادلني نفس مشاعر الحب والاهتمام، وأريدها زوجة لي، ولكن مشكلتي مع ابنة عمي وأهلي -بشكل خاص- تمنعني من ذلك.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله تعالى أن يسهل أمرك، وأن يشرح صدرك للذي هو خير.

وبخصوص هذه المشكلة؛ فكم كنا نتمنى لو أنك لم تدخل نفسك في علاقة حب؛ أولاً: لأن هذه العلاقات محرمة، فلا توجد علاقة حب بين شاب وفتاة خارج إطار الزوجية، وثانياً: لأنك مرتبط بعلاقة خطبة مع ابنة عمك، حتى وإن كانت الأمور لم تكن رسمية، لكنك تعلم أن الأهل والأقارب قد اختاروها لك، وأهلك يريدونها لك بشدة كما ذكرت.

لذلك أخي الكريم، إننا ننصحك أولاً بأن تتوب إلى الله تعالى من هذه العلاقة الأخيرة، فتتوقف عن التواصل مع هذه الفتاة، وتخبرها بأنك سألت أهل العلم وأفادوك بأن عليكما الاثنين التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، والتوقف عن هذه العلاقة. ولا تعدها بشيء، وإنما أخبرها بأن ما سيقدره الله بعد ذلك سيكون.

ثانياً: ما ذكرته من برود لديك تجاه ابنة عمك؛ ربما يكون بسبب معرفتك بها منذ الصغر، وربما بسبب طول فترة الخطوبة، وربما بسبب أن الشيطان يريد أن يفسد علاقتكم ببيت عمكم، وربما لأسباب أخرى؛ لذلك انتبه، واجلس مع نفسك جلسة مراجعة لمواصفات وإيجابيات ابنة عمك، هل هي ذات دين وخلق؟ هل هي عاقلة ومتفهمة وهادئة؟ ولديها من الجمال النسبي الموجود عند غالب الفتيات؟

إذا كانت كذلك؛ فإننا نشير عليك بالإقدام على الزواج منها؛ لأن في الزواج منها فوائد كثيرة:

أولاً: أنت تعرف عمك وبيت عمك فيسهل عليك التفاهم معهم.

ثانياً: أرضيت أهلك وأقاربك وأولهم الوالدين فتكون كسبت رضا الله، فرضا الله من رضا الوالدين.

ثالثاً: أسعدت عمك وبيت عملك؛ فتكون أيضاً كسبت أجراً بسبب هذه الصلة، واعلم أن عم الرجل صنو أبيه، وبنت العم بأرفع المنازل، وبنات الناس لسن لعبة، فكيف تتكلم ثم بعد سنوات ثلاث تحاول التنصل من العلاقة؟!!

رابعاً: حفظت لهذه الفتاة مشاعرها؛ فهي تؤمل أنها ستجتمع بك يوماً ما؛ لذلك لا تجرح قلبها؛ فمن حق كل خاطب ومخطوبة إيقاف العلاقة، لكن ليس من حق أي طرف أن يجرح المشاعر، وعليه نكرر لك الوصية بالنظر للأمر بالمعيار الشرعي، واعلم أن النقص يطارنا جميعا رجالا ونساء، والنبي يوجهنا بقوله: "لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر".

وبالنسبة للحب؛ فسيأتي بعد ذلك بإذن الله تعالى، عندما تراها في بيتك، وتسكن إليها وتسكن إليك، وترزق منها بأولاد صالحين بإذن الله تعالى، واعلم أن تركك للعلاقة المحرمة هو ما سوف يعيد لك التوازن العاطفي فللمعصية شؤمها، والشيطان لا يريد للناس الخير ولا الحلال.

أما إذا كانت ابنة عمك لا تحمل المواصفات المطلوبة، وترى أنها غير مناسبة؛ فهنا تلجأ للحلول الأخرى المتدرجة التي لا تفجع البنت وتفاجئها، وفي نفس الوقت يقدرها أهلك وأقاربك.

وقبل ذلك: صل صلاة الاستخارة لمن بيده الخير، واطلب منه وتضرع إليه أن يختار لك الخير، ثم اكتم أمر علاقتك الأخيرة، ثم كلم أول شيء من تظن أنه سيتفهم موقفك، كالوالدة مثلاً أو الأخ أو الأخت أو غيرهم، واشرح له الأسباب بشكل واضح، وانظر بماذا يشير عليك؟ ويمكن أن تضع معه خطة مناسبة تعتذر بها لبيت عمك عن إتمام هذه الخطوبة، كأن تتواصل أختك بأخت خطيبتك وتقيس النبض، فتسألها عن شعور أختها تجاه خطيبها، وهل يتواصل معها بشكل جيد وتشعر أنه ينجذب إليها؟ فإنها إن أجابت بمشاعر ضعيفة، فهذا قد يسهل عليك الاعتذار.

أو مثلاً: تكلم ابن عمك إن كان متعقلاً، وتخبره بأنك لا تجد أي مشاعر تجاه أخته، وتخشى أن تظلمها، لكنك لا تريد أن تؤلم قلب عمك وعمتك وخطيبتك.

إن لم تجد من يتفهمك من أهلك؛ فانتقل إلى من يستطيع أن يؤثر عليهم، لا شك أن هناك من له كلمة مسموعة لديهم يحترمونه ويقدرونه، يمكنك الاستعانة به، ومن هؤلاء إمام المسجد مثلاً.

إن لم توفق في كل ذلك، وكان رأي أهلك صلبا؛ فاحتسب أجرك عند الله سبحانه وتعالى في مراعاة أهلك وحفظ الود لبيت عمك.

ونؤكد عليك مرة أخرى -أخي الكريم- بأن تكون عادلاً في حكمك ونظرتك تجاه خطيبتك، فلا تنجرف وراء العواطف، وإنما حكم عقلك، ولا تقارن خطيبتك بهذه الفتاة التي تعرفت عليها مؤخراً؛ فإن الإعجاب المتبادل بينكما يغطي على كثير من الأمور، ولا شك أنك لا تعرف هذه الفتاة كمعرفتك بابنة عمك.

نسأل الله تعالى أن يدبر لك، وأن يختار لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً