الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من نوبات الهلع والخوف من الموت

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا بعمر 18 سنة، قبل سنة ونصف تقريباً كنت أصلي فشعرت باختناق وألم في الصدر، وتسارع النبضات، وخوف شديد، وبدأت أردد أني سأموت، كنت أحس أن روحي تنسحب من جسدي، ظننت أني سأموت.

منذ تلك النوبة بدأت معاناتي مع نوبات الهلع المتكررة، والبكاء الشديد بدون سبب! وازدادت الأعراض سوءاً، وأصبت بوساوس كثيرة منها وسواس العبادة ووسواس المرض.

ظننت أني أعاني من مرض في القلب، لأن قلبي معظم الأوقات يؤلمني، ومنطقة الصدر والرقبة أيضاً، وقمت بعمل ثلاثة تخطيطات، وإيكو، وكلها سليمة، حتى إني في بعض الأحيان لا أستطيع الخروج والنظر في الناس، لأني أختنق وتتسارع دقات قلبي.

إذا آلمني رأسي أقول: إني أعاني من مرض خبيث وأخاف جداً من أي ألم في جسدي، وأشعر أني سأموت قريباً، إذا أحسست بشيء في حلقي أقول إنه الموت، أو قمت بشيء جيد أقول إني سأموت قريباً؛ لهذا أقوم بهذا العمل، فكل شيء حولي أربطه بالموت، وإذا تكلم شخص في هذا الموضوع أشعر باختناق وتوتر شديد أصبحت أخاف أن يرن الهاتف، فمجرد ما أسمعه أخاف خوفاً شديداً من أن أسمع شيئاً سيئاً.

قبل فترة قمت بعملية جراحية دقيقة لتقوس الأرجل، وكنت مقتنعة تماماً أني سأموت تحت تأثير المخدر، لأنها عملية طويلة، وبدأت أودع الكل لكنها مرت بسلام الحمد لله، وأنا مترددة وخائفة جداً من القيام بالعملية الثانية.

ساعدوني جزاكم الله خيراً، فتفكيري لا يتوقف طول النهار، وهذا مؤثر بشكل كبير على حياتي، وهل يمكنني الشفاء أم أن هذه الحالات صعبة؟

لان الحلول السلوكية لا تجدي نفعا معي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ احلام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية. لديك استشارة سابقة رقمها (2462105) قمتُ بالإجابة عليها منذ ستة أشهر، وتقريبًا المحتويات التي في الرسالتين بينها الكثير من الروابط والتشابه.

فيما يتعلق بالتشخيص: أنت تعانين من قلق المخاوف الوسواسي من الدرجة البسيطة إلى المتوسطة، وموضوع الخوف من الموت: أوضحناه لك فيما سبق، وهذا نوع من الخوف يجب أن يُحقّر تمامًا، والخوف الشرعي هو الخوف الأفضل، وليس الخوف المرضي، والإنسان لا يعرف أجله ولا يعرف عمره، وهو من المفترض أن يعيش الحياة بقوة وبانشراح وانبساط، وأن يكون الإنسان نافعًا لنفسه ولغيره، وألَّا يكون عائش في غفلة. هذا هو المهم والضروري، فالخوف من الموت يجب أن يكون محفّزًا لنا لأن نجني خيري الدنيا والآخرة.

أيتها الفاضلة الكريمة: حقّري الروابط السلبية التي تجعلك تخافين من الموت، وعزّزي الروابط الإيجابية التي تقوم على مبدأ الاعتقاد القاطع بأن الموت حق، وأن أجل الله إذا جاء لا يُؤخّر، وأن الإنسان لا يعرف وقت أو لحظة موته، وأن الأعمار بيد الله، وأن نسعى في الحياة دائبين مجتهدين مفيدين لأنفسنا ولغيرنا.

أنت أيضًا تحتاجين لتطبيق تمارين الاسترخاء، لأن الاسترخاء فيه متنفس جيد للنفس، ويُقلِّل من الخوف ومن التوتر ومن العصبية.

حُسن إدارة الوقت والتواصل مع الآخرين أيضًا كثيرًا من الخوف والوسوسة. وأعتقد أنك أيضًا سوف تحتاجين للعلاج الدوائي، وأنا ذكرتُ لك فيما سبق أن العقار الذي يُسمَّى باسم (سيرترالين) والعقار الآخر الذي يُعرف باسم (اسيتالوبرام) هي أدوية مفيدة، وكنت أرى في تلك الاستشارة أنك لست في حاجة لأيٍ من هذه الأدوية، لكن الآن أراك في حاجة لعقار (اسيتالوبرام) والذي يُعرف تجاريًا باسم (سيبرالكس) دواء رائع جدًّا لعلاج قلق المخاوف الوسواسي، وهو غير إدماني، ولا يؤثّر على الهرمونات النسائية، لكن نسبةً لسنّك يجب أن تتناولي الدواء تحت إشراف طبيب – الطبيب النفسي أو طبيب الأسرة – فيمكن أن تتحدثي مع أسرتك في هذا السياق.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً