الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف تتصرف المدرسة مع أسئلة الطالبات المحرجة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أود طرح سؤال لإحدى صديقاتي، السؤال كالآتي:

أعمل مدرسة خصوصية بالمنزل وأدرس بعض التلميذات من الصف السادس الابتدائي مع ابنتي التي من نفس العمر، كنت أدرسهن درساً في كتاب العلوم عن التكاثر الجنسي عند الإنسان، وبدأن يسألنني أسئلة محرجة وبعضهن يتبسمن وكأنهن يعرفن شيئاً ما، ويصررن أن يعرفن الجواب، فعندما شرحت لهن أن الحمل يحدث بالتقاء نطفة من الرجل مع البويضة من الأنثى سألن وكيف تنتقل من الرجل للمرأة، وما هي النطف؟ وأسئلة كثيرة محرجة من هذا النوع، ويصررن على أن أجيبهن، والمشكلة أن هذا الموضوع أشغل بالهن، وأصبح عندهن فضول لمعرفة أجوبة أسئلتهن. أجبتهن: اسألن معلمتكن بالمدرسة وهي سوف تجيبكن، لكنها أجابتهن: اسألن أمهاتكن!

كيف أجيبهن عن هذه الأسئلة خصوصاً أنهن يردن جوابا مقنعًا، لأني حاولت إجابتهن بأجوبة كاذبة لكن لم يقتنعن، وهن مصرات أن يعرفن كيف تنتقل النطف من الرجل للمرأة، وأخشى إن لمحت لهن أن تزيد أسئلتهن أكثر!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ام محمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك –أيتها المعلِّمة الفاضلة– وشكرًا لك على هذا السؤال الرائع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يهدينا لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو، وأن يصرف عنَّا سيئ الأخلاق والأعمال، فإنه لا يصرفُ سيئُها إلَّا هو.

يُؤسفنا أن نقول: نحن في زمانٍ يعرفُ فيه الصِّغار أشياء لم نكن نعرفُها ونحن في عمر الكِبار، وهذا كلُّه لهذا الانفتاح الإعلامي وانتشار الإنترنت وهذه الوسائل ومواقع التواصل –إلى غير ذلك من الأمور– بالإضافة إلى غفلة بعض الآباء والأمهات عن آداب الاستئذان أو عن ممارسة الحياة الخاصة تحت سمع وربما بصر هؤلاء الصِّغار، وهم يظنُّوا أنهم لا يعرفون، وكان ابن عمر –رضي الله عنه– لا يُعاشر أهله في حجرةٍ فيها طفلٌ رضيع.

الإشكال الوارد في السؤال يَرِدُ كثيرًا، وأعتقد أن البنات في الصفِّ السادس –يعني على أقلِّ تقدير– هم على أبواب المرحلة المهمَّة، 12 سنة، 11 سنة، يعني في هذه الحدود، وعليه أرجو أن تُوضَّح لهن المسألة بعيدًا عن الضحك في إطار علمي، ونُقرِّبُ لهم الصورة كما يحدث بين الحيوانات في طرائق تكاثرها، والمسألة تُطرح في إطار علمي إيماني.

ونحن دائمًا نريد لمن يُعلِّم هذه الأمور أن يكون صاحب خبرة، وأن يكون محبوبًا، وأن يكون ثقة، أن يكون أمينًا، أن يكون جادًّا، أن يكون ذلك في إطار علمي، طالما جاء في إطار الدرس، أو درس الشرعية، أو درس العلوم والتكاثر بين الثدييَّات وعند الإنسان أو غيره، فلا مانع من الشرح، مع التركيز على أهمية أن العلاقة التي ينتج منها الأبناء والبنات هي العلاقة الشرعية التي تكون وُفق الضوابط الشرعية، وبعد ذلك نصرفهم في أمور أخرى، بأن الطبيب هو الذي يُخرجُ الطفل بقدرة الله تبارك وتعالى، ونحو ذلك من الأمور التي نحتاج أن نذكرها لهم.

من المهم أيضًا في مثل هذه الأحوال أن نعرف المعلومات التي عند بناتنا، فما ينبغي أن نُعطيهنَّ معلومات متواضعة وهنَّ يعلمنَ أكثر، ولذلك من المهم أن نطرح عليهم السؤال، نقول: ماذا تعرفوا؟ ماذا سمعتم؟ ماذا عندكم؟ ... ثم بعد ذلك نُصحح ونُصوِّب، وهذه مسألة مهمة. بعض الناس أراد أن يشرح لولده بعض الأمور فقال: أودُّ أن أعرفُ كذا وكذا، فأُحْرِجَ الأب. نحن نقول: البداية الصحيحة نحاول أن نعرف ماذا عندهم، ثم نعرف من أين جاءوا بالمعلومات التي عندهم، ثم يكون التوجيه.

فأرجو ألَّا يظهر عليك الحرج، واعلمي أنك إذا لم تُجيبي على هؤلاء البنات فإنهنَّ سيسألنَ جهاتٍ أخرى، وقد يدخلن إلى مواقع الإنترنت، إلى غير ذلك من الأمور التي لن تكون في مصلحتهنَّ. بل ينبغي أن نستفيد من الموقف فنعلِّمُ بالطريقة الصحيحة الشرعية، وبالمعلومة الكافية المناسبة لهنَّ في هذه السِّنّ، ونتخذ هذه فرصة إلى ضرورة أن يعرفوا أن الشريعة لا تُجيز هذه العلاقة إلَّا وُفق ضوابط شرعية وفي عمرٍ مُعيَّن، وعلى كتاب الله، وعلى سُنَّة النبي صلى الله عليه وسلم. إلى غير ذلك من المسائل المهمَّة.

نسأل الله تبارك وتعالى لنا ولك التوفيق والسداد، ونسعد بالتواصل مع الموقع، ونسأل الله أن يُلهمنا جميعًا رُشدنا، وأن يُعيذنا من شرور أنفسنا، وأرجو أن تتابعي مادة على الإنترنت بعنوان (التربية على الألفة)، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات