الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي حالات نفسية متعددة ولا أستطيع النوم.

السؤال

السلام عليكم.

أنا أعاني من نوباتلهلع منذ سنتين، وتشافيت منه بنسبة 70%، ولكن رجعت الآن بقوة شديدة مع ألم في القولون، وأيضا أعاني من وسواس الموت.

ذهبت إلى دكتور نفسي قبل سنتين، ولكني لم أستفيد أي شيء، ولم يصف لي أي دواء، فقط علاج سلوكي، وأهلي غير موافقين على تناول الأدوية، فأنا أتناولها بالخفاء، وأتألم لوحدي، وعندي وساوس كثيرة من ضمنها وسواس الأمراض، أريد حلا؛ فأنا تعبت، ولا أستطيع النوم جيدا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ وسن حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية.

ما دام لديك تاريخ لنوبات الهلع والآن تعانين من مخاوف وسواسية حول الموت، ولديك اضطراب القولون العصبي؛ فهذا يُشير إلى أنه لديك درجة إن شاء الله بسيطة ممَّا يُعرف بقلق المخاوف الوسواسي، وهذه حالة بسيطة.

يجب أن تقاومي الأفكار الوسواسية وتُحقّريها وتصرفي انتباهك عنها تمامًا، وتعيشي حياة إيجابية، تُحسني إدارة وقتك، وتتجنبي الفراغ الزمني والذهني، وحُسن إدارة الوقت تتطلب تجنُّب السهر، والنوم الليلي المبكّر فيه فوائد كثيرة، يؤدي إلى ترميم كامل في جسد الإنسان وفي نفسه، وتستيقظين مبكِّرًا وأنت نشطة، ومستقبلة يومك بهمة ونفس طيبة، وتصلين صلاة الفجر، وتؤدّين الأذكار، ومن ثم تُجهّزي نفسك وتدرسي لمدة ساعة، هذا وقت جميل جدًّا للاستيعاب، والإنسان يكون في قمّة مقدراته الاستيعابية، والإنسان الذي ينجز في فترة البكور – وهو وقت مبارك، بُورك لأمتي في بكورها، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم – الإنسان الذي ينجز في هذا الوقت الجميل يجد أن بقية اليوم أيضًا أصبح جميلاً وسلسًا، ويكون الإنسان في معنويات عالية جدًّا وروح ونفس طيبة.

فأرجو أن تغتنمي هذا الوقت من البكور، وأرجو أن تكون لك هذه المنهجية في إدارة الوقت، فهي مفيدة جدًّا، وسوف تصرف انتباهك عن القلق والتوتر والخوف والوسوسة، وعيشي حياة صحية: مارسي الرياضة، اجعلي غذائك غذاءً جيدًا ومرتَّبًا وصحيًّا. تفاعلي اجتماعيًّا مع أسرتك ومع صديقاتك، عيشي تفكير إيجابي حول المستقبل، تصوّري نفسك بعد أربع أو خمس سنوات من الآن، أين أنت؟ ما هو مستواك العلمي؟ طبعًا من المفترض أن يكون التخرُّج المتميّز، بعد ذلك الدخول في دراسات عُليا، والعمل، والزواج بحول الله تعالى ... إذًا عيشي الحياة بهذه الكيفية، حياة إيجابية، وتطلُّعات للمستقبل بأملٍ ورجاء.

ويجب أن تستفيدي من قوة الآن، الآن دائمًا أقوى من الماضي وأقوى من المستقبل، أنت الله تعالى حباك بطاقات ممتازة، طاقات فاعلة، يجب أن تستفيدي منها.

وأنا أيضًا أؤيد تناولك لأحد الأدوية البسيطة، الأدوية السليمة، الفاعلة، والمعروف بفعاليتها الممتازة ضد قلق المخاوف الوسواسي. من أفضل الأدوية التي يمكن أن تتناوليها عقار يُسمَّى تجاريًا (زولفت) واسمه العلمي (سيرترالين)، الجرعة في حالتك: تبدئي بجرعة بسيطة، تتناولي نصف حبة يوميًا – أي خمسة وعشرين مليجرامًا – لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك اجعلي الجرعة حبة كاملة، تناوليها يوميًا لمدة شهرٍ، ثم اجعليها حبتين يوميًا لمدة شهرين، ثم بعد ذلك خفضي الجرعة إلى حبة واحدة يوميًا لمدة شهرين، ثم اجعليها نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول الدواء.

يتميز السيرترالين بسلامته وفعاليته، وهو لا يُسبِّب الإدمان، ولا يُؤثِّرُ أبدًا على الهرمونات النسائية، فقط ربما يفتح شهيتك قليلاً نحو الطعام، فأرجو أن تتخذي المحاذير اللازمة إذا كان لديك تخوف من زيادة الوزن.

توجد أدوية كثيرة أخرى، مثل الـ (سيبرالكس) والـ (زيروكسات)، لكن أعتقد أن السيرترالين هو الأفضل في حالتك، وإن شاء الله تعالى بعد ثلاث إلى أربع أسابيع من بداية العلاج سوف تحسين بالفائدة منه، وأرجو أن تحرصي على التطبيقات السلوكية والاجتماعية التي تحدثنا عنها.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً