الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من قلق وخوف وتوتر ووساوس، ما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في البداية أود أن أشكركم على هذا الموقع الرائع وعلى مساعدتكم للناس.

أنا إنسان -الحمد لله- مؤمن صريح صادق، ومتلزم بصلاتي، ومنذ نحو السنتين، وأنا أعاني من نوبات هلع وقلق مرضي.

مشكتلي ليست بالقلق بحد ذاته، ولكن مشكلتي في الأعراض الجسدية التي يظهرها القلق لي، أنا عالم بكل أمور القلق، والحمد لله، أنا شخص مثقف في أمور الأمراض النفسية، وأنا فاهم لمرضي جيداً.

المشكلة أنني لا أخاف من أعراضي الجسدية، أحياناً أشعر بصعوبة في بلع ريقي، وأحياناً أشعر بغصة دائمة في حلقي، وضيق تنفس، وشد مستمر في عضلات رقبتي، وأشعر بخوف دائم كأني سأختنق من حلقي، أو شيء ما، لا أعلم كيف أفسره! فقط فكرة تأتيني بقوة مع أعراض جسدية أقوى، فأقتنع أني سأموت، ويبدأ الذعر.

علماً أن نوبات الهلع جاءتني خمس مرات فقط منذ سنتين، لكن الأعراض هذه مستمرة حيث تأتي وتختفي فترة ثم تعود، وأيضاً أعاني من خوف غير مبرر من الخروج من المنزل، والذي يغذي خوفي أنه عندما أخرج من المنزل أشعر بأعراض قوية وأكاد أموت فأخاف أكثر، ولا أستطيع إكمال طريقي، وأسرع للعودة إلى المنزل لأحبس أنفاسي مجدداً، ثم أتشجع لأخرج ثانية من المنزل، وهكذا.

أرجوكم ما الحل؟ أريد أن أعيش مثل بقية الناس من غير خوف أو ذعر، مشكلتي فقط أني أريد أن لا أخاف من الأعراض أبداً.

أنا أحتاج لأي كلمة ممكنة منكم لكي تطمئنوني على حالي، ولكي لا أخاف من أعراضي، وأكون متيقناً أن كل هذه الأعراض لا تهدد الحياة، أو أنها تكون سبباً في الوفاة (علمياً).

أرجوكم، ما الحل؟ وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عامر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكرك على التواصل مع إسلام ويب، والثقة في هذا الموقع.

لقد قمت بشرح حالتك بصورة واضحة وجليّة، وأنا أقول لك – وإن شاء الله بيقين تام – إن الذي لديك هو حالة بسيطة جدًّا، لديك مخاوف قلقية ذات طابع وسواسي من الدرجة البسيطة، والطاقات النفسية السلبية من قلق ومخاوف تجسَّدتْ في بعض الأحيان في شكل أعراض جسدية، وهذه نسمِّها بالأعراض النفسوجسدية.

هنالك أسباب كثيرة لمثل هذه الحالات، مثلاً الشخصية الحسَّاسة، الشخصية الكتومة، الإنسان إذا كان قد تعرَّض لشيء من المخاوف في الصّغر – وهكذا – وربما لا توجد أسباب واضحة.

عمومًا علاجك يتمثل في علاج دوائي وعلاج نفسي اجتماعي وعلاج إسلامي، العلاج الدوائي: أنت تحتاج لأحد مضادات قلق المخاوف، والحمد لله تعالى لدينا الآن أدوية سليمة جدًّا، وفاعلة جدًّا، وغير إدمانية.

هنالك دواء يُسمَّى (سيرترالين) هذا اسمه العلمي، ويُسمَّى تجاريًا (زولفت) أو (لوسترال)، أريدك أن تبدأ في تناوله بجرعة نصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجرامًا – من الحبة التي تحتوي على خمسين مليجرامًا، وبعد عشرة أيام اجعلها حبة كاملة، استمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفض الجرعة واجعلها نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول الدواء.

هذه جرعة صغيرة جدًّا، حيث إن الجرعة الكليّة للسيرترالين هي أربع حبات في اليوم، أي مائتين مليجرام، لكنّك لا تحتاج لأكثر من الجرعة التي وصفتها لك، وحالتك -إن شاء الله- حالة بسيطة.

أيضًا أنصحك بتناول عقار آخر ممتاز لعلاج الأعراض النفسوجسدية، الدواء يُسمَّى علميًا (سولبرايد) ويُسمَّى تجاريًا (دوجماتيل) وربما تجده تحت مسميات تجارية أخرى، أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة خمسين مليجرامًا صباحًا ومساءً لمدة شهرٍ، ثم خمسين مليجرامًا صباحًا لمدة شهرٍ ونصف، ثم خمسين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم تتوقف عن تناوله.

كلا الدواءين من الأدوية السليمة والفاعلة وغير الإدمانية كما ذكرتُ لك.

على النطاق الإسلامي: بفضلٍ من الله تعالى أنت رجلٌ ملتزم، ومحافظٌ على صلواتك، وعليك بالأذكار وتلاوة القرآن، وصلة الرحم...هذا كله إن شاء الله تعالى يكون داعمًا نفسيًّا قويًّا لك.

من الناحية النفسية: دائمًا حقّر الأفكار السلبية، ولا تخض في تفاصيلها أبدًا، أغلق على هذه الأفكار تمامًا، واستبدلها بأفكارٍ أخرى، واجتهد في دراستك، وأحسن إدارة وقتك، وعليك بالرياضة، فالرياضة مهمّة جدًّا ومفيدة جدًّا في الأعراض النفسوجسدية.

تجنب السهر، النوم الليلي المبكّر ممتاز، يؤدي إلى ترميم كامل في خلايا الجسم والطاقات النفسية، يستيقظ الإنسان مبكِّرًا، يُؤدي صلاة الفجر في وقتها، ومن ثمَّ تبدأ يومك، وهذا في حدِّ ذاته – أي الإنجاز في الصباح وفي البكور والذي فيه خير كثير جدًّا – يُحسِّنُ من الدافعية عند الإنسان، ويمثّلُ مكافأة نفسية عظيمة تجعل بقية اليوم لديك إيجابيًّا وسلِسًا ومُفرحًا.

إذًا – أخي الكريم – هذه هي الخطة العلاجية، وأريدك أيضًا أن تعيش حياة صحية: أن تهتمَّ بالرياضة – كما ذكرتُ لك – تهتمّ بغذائك، تتجنَّب السهر، وأحسبُ أنك لست من المدخنين أبدًا.

سيكون من الجميل أيضًا أن تُجري فحوصات طبية عامَّة مرة كل ستة أشهر، فحوصات روتينية، تتأكد من مستوى الدم، ومستوى الدهنيات، ووظائف الكبد، والكلى، ووظائف الغدة الدرقية، وفيتامين ب12، وفيتامين (د)، وقوة الدم (الهيموجلوبين)، وهذا كله -إن شاء الله تعالى- يجعلك في حالة تامة من الاطمئنان.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً