الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تنفع كثرة الأدوية النفسية أم العكس؟

السؤال

السلام عليكم.

أريد استشارتكم في مشكلتي فقد سمعت عنكم كثيرا وعن خبرتكم، مشكلتي هي الاكتئاب، ذهبت لطبيب نفسي فوصف لي سيروكسات 60 مج، وإبليفاي 30 مج، وإفكسور 300 مج، ولوسترال 200 مج، في البداية أحسست بالتفاؤل لأني ظننت أن كثرة الأدوية مفيدة، لكن ما حدث هو تبلد مشاعر ونوم طوال اليوم، وأصبحت أشعر بالغباء في أمور الحياة واتخاذ القرارات.

قررت بعد شهرين من الوصفة مراجعة طبيب آخر، فوصف لي لورازيبام 0.5 مج، وبروزاك 60 mg، وليثيوم 400 مج، وبوسبار 15 mg، هنا لم يحدث لي تبلد في المشاعر، ولكن لم أستفد كثيرا من ناحية الاكتئاب، ثم إنني لا أعاني من أي قلق أو قطبية، فلماذا البوسبار والليثيوم؟ وقد أصبت وأنا على هذه الوصفة بنوبة صرع، ولا أدري إن كان للأدوية علاقة بها.

أتمنى نصحي وتوجيهي للأدوية المناسبة، وأي من الوصفتين أفضل؟ علما أني لا أعاني من مشاكل في النوم والأكل، وإنما اكتئاب ظلامي وعدم الرغبة في أي شيء إلا الأكل، وأنا من سوريا حيث لا يوجد الكثير من الأطباء النفسيين في منطقتي.

شكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ahmad حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

طبعًا نحن لا نفضّل أن نُعلِّق أو ننتقد مناهج الأطباء الآخرين، لكن في مثل هذه الحالة – ومع احترامي الشديد للطبيب الذي وصف لك هذه الأدوية – أقولُ لك أن هذه الأدوية كثيرة وكثيرة جدًّا، وقد تصل لدرجة السّمِّيَّة، وهي تأكلُ بعضها البعض، فالـ (زيروكسات) جرعته القصوى ستين مليجرامًا، هذا يعني ألَّا تتناول أي مضاد اكتئاب آخر معه، وأنت تتناول في نفس الوقت الـ (إفيكسور) بجرعة ثلاثمائة مليجرام وهي الجرعة القصوى جدًّا، والـ (لوسترال) مائتين مليجرام.

أنا لا أعتقد أن هذه الوصفة كُتبت لك مرة واحدة، ربما الذي قصده الطبيب، أو قام الطبيب بوصف طبيب واحد لك، وبعد ذلك لم تتحسَّن عليه فنصحك بأن تتوقف عنه وتتناول الدواء الآخر، والله أعلم. عمومًا هذه الوصفة وصفة سمِّيَّة خطيرة، دون انتقاد للطبيب أو انتقاصٍ لأي أحد، وهي قطعًا لن تفيدك، إنما فيها شيء من الضرر، فالحمد لله أنك قد توقفت عنها.

الآن أنت تتناول الـ (لورازيبام) واللورازيبام هو دواء جيد على المدى القصير، بمعنى أنه قد يُسبِّبُ التعوّد لبعض الناس، لكن استعماله لفترة قصيرة لتحسين النوم لا تُوجد مشكلة في ذلك، وبما أنه ليست لديك مشكلة حقيقية في النوم فلا تستمر على اللورازيبام، إن كنت تتناوله الآن بجرعة حبة واحدة ليلاً فاستمر على ذلك لمدة أسبوع، ثم اجعلها حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوع آخر، ثم توقف عن تناوله.

الـ (بروزاك): ستين مليجرامًا هي الجرعة العلاجية، لكن قطعًا الإنسان لا يبدأ بستين مليجرامًا، يجب أن يكون هنالك تدرُّج في بناء الجرعة، وقد تصل إلى ستين مليجرامًا. والـ (ليثيوم) يُعطى كدواء تدعيمي لعلاج الاكتئاب، لكن هذا أيضًا خيار لا نلجأ له إلَّا تحت ظروف معينة وبطرقٍ مُعينة. والـ (بوسبار) دواء يُعالج القلق، وقد يُدعِّم فعالية البروزاك.

هذه الوصفة طبعًا أفضل من الوصفة السابقة من ناحية السلامة، والأدوية التي في هذه الوصفة أدوية فعّالة، وذكرتَ أنه قد حدث لك نوبة صرع، فهذا قد يكون من الأدوية، فيجب أن تُراجع الطبيب مباشرة، وإن كان اللورازيبام من المفترض أن يمنع أي نوبات صرعية، لكن يجوز، لأنك قد بدأت البروزاك بجرعة ستين مليجرامًا – وهي جرعة كبيرة – ربما يكون قد حدث لك نوعًا من التغيير في كهرباء الدماغ.

هذه نصيحتي لك، وأن تُراجع الطبيب، وأن تواصل العلاج، وأن تستعمل أقلَّ عددًا من الأدوية، مضاد للاكتئاب واحد يكفي، مع تدعيماتٍ بسيطة، وأهم علاج طبعًا هو العلاج غير الدوائي، من تنظيم للوقت، تجنب السهر، الاجتهاد في التواصل الاجتماعي، الاجتهاد في الدراسة، الحرص على العبادات، خاصة الصلاة في وقتها، الترفيه عن النفس بما هو طيب وجميل، هذه هي السُّبل العلاجية الصحيحة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً