الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أتخيل مواقف وأعيشها كأنها حقيقية، فما تفسير حالتي؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا طالبة عمري 16 سنة، مشكتي أني أخترع موقفا وأعيش فيه وأتألم منه، مثلا أتخيل أن أمي ماتت أو والديّ انفصلا، أو فقدت أخوتي، وأعيش الموقف كأنه حقيقة، وهذا يؤثر على دراستي وحياتي، وصرت أخبر الناس عن هذه المواقف وكأنها حقيقية، متضايقة من هذه المشكلة، أرجو الإفادة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ثقتي بربي تكفيني حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

بالفعل هذه وساوس، ووساوس اليفاعة كثيرة، حيث إن هذا العمر فيه الكثير من التأثيرات النفسية والبيولوجية والفسيولوجية والوجدانية.

علاج الوساوس يُقسّم إلى ثلاث خطوات:
أولاً: التحليل الوسواسي، بمعنى أن تكتبي هذه الأفكار، ابدئي بأقلّها قوّة، ثم تدرّجي حتى تصل إلى أشدِّ هذه الأفكار قوة. وبعد ذلك خذي الفكرة الأولى، ثم ابدئي في تحقيرها، لا تُناقشيها، لا تُحاوريها، إنما تخاطبيها قائلة: (قف، قف، قف، أنتِ فكرة حقيرة، أنت تحت قدمي، ...) وهكذا، تحقير الفكرة دون الخوض فيها، دون أن يُثار لديك الفضول لتُحلِّلي الفكرة، يجب أن يتمَّ الإغلاق الفوري للفكرة، ومخاطبة الفكرة مباشرة أمرٌ جيد.

ثانيًا: صرف الانتباه، فكّري في شيء آخر تمامًا، قد يكون ذو أهمية أكثر، فكّري مثلاً في أحوالك بعد عشر سنوات من الآن، طبعًا تكونين قد تخرّجت من الجامعة، وحصلت -إن شاء الله- على الماجستير، الزواج، وخلافه، إذًا الإنسان يمكن أن ينقل نفسه إلى أفكارٍ حيادية جدًّا، ليست ذات طابع وسواسي.

ثالثًا: الاستغراق الذهني والتأمُّل الذهني. تأمّلي مثلاً التنفُّس لديك، وقومي بعدِّ التنفُّس لمدة دقيقتين، وتأمّلي كيف هذا الهواء يدخل، ونسبة الأكسجين، وسبحان الله يتمُّ ضخَّ الدِّم بآليات وميكانيزمات مُعيَّنة جدًّا، وكيف أن الدَّمُ يحمل الأكسجين وينتشر في الجسم. إذًا هذا الاستغراق الذهني يصرف عن الوساوس.

رابعًا: تنفير الفكرة الوسواسية، أو ما يُسمَّى بـ (تمرين التنفير) أن تربطي الفكرة الوسواسية بشيء مرفوض للنفس، بشيء مكروه للنفس، مثلاً: اجلسي أمام الطاولة واستجلبي هذه الفكرة الوسواسية الأولى، دون الخوض في تفاصيلها، ثم قومي بالضرب على يدك بقوة وشدة على سطح الطاولة، ومن الضروري أن تحسّي بألمٍ شديد. اربطي ما بين الألم وما بين الوسواس. كرّري هذا التمرين على الأقل عشرين مرة متتالية بمعدل مرة في الصباح ومرة في المساء.

إذًا هذه التمارين التي تُعالج الوساوس القهرية، يُضاف إلى ذلك:

خامسًا: حُسن إدارة الوقت، لا تتركي مجالاً للفراغ، الوساوس دائمًا تُهيمن وتُسيطر على الناس من خلال الفراغ، لكنّ الإنسان الذي يشغل نفسه بما هو أهم، مثلاً المذاكرة، أن تأخذي قسطًا من الراحة، أن ترفّهي عن نفسك بما هو طيب وجميل، أن تقرئي يوميًا جزءًا من القرآن على الأقل، تُحافظي على صلاتك، تجلسي مع أسرتك، هذه كلها تعطيك مجالاً وفرصة كبيرة لحسن إدارة الوقت.

واحرصي على النوم الليلي المبكّر، وتجنبي السهر، هذا أيضًا من الأشياء المهمة.

طبعًا هنالك علاج دوائي، لكن حالتك هذه حالة بسيطة، و-إن شاء الله تعالى- هي عرضية أصلاً، يعني بمعنى أنها لا تستمر، فليس هنالك ما يدعو للحاجة للعلاج الدوائي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً