الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاستمرار في التخصص ضرر علي فكيف أقنع والدي بالتغيير؟

السؤال

السلام عليكم.

قال ابن تيمية: يلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية وإن كانا فاسقين، وهو ظاهر إطلاق أحمد، وهذا فيما فيه منفعة لهما ولا ضرر عليه، فإن شق عليه ولم يضره وجب، وإلا فلا. 

أنا تخصصت في الجامعة، ولم أستطع إكمال تخصصي، وأريد تغييره إلى تخصص أحبه، أبي وأمي سيحزنهم هذا التغيير، وخصوصا أن أبي دفع علي المال في تخصصي الحالي، فتركي للتخصص يعتبر ضررا لهم (بحزنهم وضياع مالهم).

وبقائي في التخصص ضرر لي؛ لأتني حاولت ثلاث سنوات للدراسة فيه ولم أستطع، وأنا الآن في ضغط نفسي، وقلق كبير، وحالتي النفسية سيئة جدا (وهذا ضرر لي)، فماذا أفعل كي لا أكون عاقة لوالدي
بما أن ترك التخصص ضرر لهم والبقاء فيه ضرر لي؟

مع العمل أتني لم أخبرهم بعد؛ لأني أعلم أنهم حتى لو وافقو سيضرهم ذلك في نفسهم ويحزنهم فماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة-، ونشكر لك هذا الاهتمام وهذا الحرص على بر الوالدين، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقك برّهم في حياتهم وبعد الممات، وأن يُبارك لك بهذا البرّ في حياتك وفي علمك، وأن يُلهمك السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

حقيقة نحن سعدنا جدًّا لهذا الفقه ولهذا الكلام الرائع الذي ذكرتِه من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية والإمام أحمد – رحمة الله عليهم أجمعين – وهذا يدلُّ أولاً على أهمية برّ الوالدين، وحقيقة دائمًا برّ الوالدين ارتبط بعبادة الله، حتى قال ابن عباس: (لا يقبل الله عبادة مَن لا يُطيع والديه).

وسعدنا جدًّا لحرصك على هذا الخير، وكنّا نتمنَّى حقيقة أن تذكري لنا نوع التخصص الذي أنت فيه، والصعوبات التي تواجهك، والتخصص الذي تريدي أن تذهبي إليه، حتى يكون نحن أيضًا – في مقام الآباء والأمهات بالنسبة لكم – في مقام الترجيح، فإن من التخصصات ما هو نافع ومفيد ومناسب للفتاة، ومن التخصصات ما هو أيضًا فيه المصالح المادية، ومن التخصصات أيضًا ما تجد فيه المرأة نفسها لقلّة وجود الرجال، فهو أقربُ للوضع الشرعي، سواء كان في حياة الدراسة أو بعد الدراسة، فهناك اعتبارات كثيرة ستكون مُرجِّحة لهذا أو ذاك.

كما أننا كنا نريد أن نعرف نوع الصعوبة التي تواجهك حتى نساعدك ببرامج تستطيعي أن تُكملي بها، والواضح أنك قرأت ثلاث سنوات، لم يبقَ إلَّا اليسير، فماذا لو أكملت في هذا التخصص، ثم بعد ذلك رجعتِ إلى التخصص الذي تجدين نفسك فيه، تكوني قد أرضيتِ والديك، والفرصة أمامك كبيرة، وطلب العلم ليس له عمر محدد.

على كل حال: إذا كان في الأمر ضرر بالغ، وإذا كانت المسألة صعبة؛ نتمنَّى قبل ذلك أن تُهيئي الوالدين، وأن تعرضي عليهم هذه الفكرة، وتُشعريهم بما عندك من صعوبات، عندها أرجو أن يتفهموا هذا الوضع، وإن لم يتفهموا فننصح بالدخول عن طريق الأعمام والعمَّات والأخوال والخالات، أو مَن يستطيع أن يُؤثر عليهم، حتى يكون القرار صحيحًا، ونرحب بك في الموقع، ونسأل الله أن يلهمك السداد، والإنسان إذا احتار فإنه يستشير ويستخير، فالاستخارة أيضًا مطلوبة، وهي: طلب الدلالة إلى الخير ممَّن بيده الخير.

نسأل الله أن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً