الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أرتكب المعاصي رغم قراءتي للقرآن، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أعاني من الوسواس القهري، ومتابعة نفسي في كل شيء، حيث يقودني إلى ارتكاب المعاصي.

قرأت سورة البقرة لمدة سنة، وخلال هذه المدة ارتكبت بعض المعاصي، مثلا: مشاهدة الأفلام، وشرب الشيشة، ماذا أفعل فأنا أقرأ القرآن وأرتكب المعاصي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أخي الكريم-، ونسأل الله أن يمنّ عليك بالصحة والعافية، والجواب على ما ذكرت:

- مسألة الوسواس القهري إذا كنت متأكد من وجوده في نفسك، لأن الوقوع في المعاصي ليس سببها الوحيد الوسواس، بل لها أسباب كثيرة منها ضعف الإيمان بالله، وضعف الخوف والمراقبة لله، والتقصير في الطاعات، والغفلة عن ذكر الله، والرفقة السيئة، ونحو ذلك، ولعلك إذا نظرت في هذه الأسباب وتبت إلى الله تعالى واستعنت به في معالجة الأسباب الموجودة لديك، يصلح حالك إن شاء الله.

- ومع وجود احتمال وجود الوسواس القهري لديك، فيمكن الخلاص منه، ومما يمكن أن ندلك عليه للخلاص من هذا الوسواس أن تعلم أن للخلاص منه طريقان: طريق عام: وطريق خاص:
1- أما الطريق العام فيكون: بكثرة الذكر، وقراءة القرآن، والاستغفار، وحضور مجالس العلم، فإن الذاكر لله تعالى ينصرف عنه الشيطان؛ وتزول عنه الوسوسة.
قال ابن تيمية: "والوسواس يعرض لكل مَن توجَّه إلى الله، فينبغي للعبد أن يَثبُت ويصبر ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة، ولا يضجر، لأنه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان، قال تعالى: ﴿ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ﴾ [النساء: 76]، وكلما أراد العبد توجهًا إلى الله بقلبه، جاء الوسواس من أمور أخرى، فإن الشيطان بمنزلة قاطع الطريق، كلما أراد العبد أن يسير إلى الله أراد قطْعَ الطريق عليه".

وأما الطريق الخاص للخلاص من الوسواس، فكلما طرأ في نفسك، فقل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم عندما يطرأ عليك الوسواس وأكثر من قراءة سورة الناس.

وإذا كان الوسواس في تصورات خاطئة، فقل آمنت بالله ورسوله، أو قل آمنت بالله ورسله.

اترك الاستطراد في الوسواس فلا تفكر فيه ولا تلتف لما جاء فيه، ولا تعطيه أي اهتمام، وكن حازما في الأمر.

قال ابن حجر الهيتمي: "للوسواس دواء نافع هو الإعراض عنه جملة، وإن كان في النفس من التردُّد ما كان، فإنه متى لم يلتفتْ لذلك، لم يثبت، بل يَذهَب بعد زمن قليل، كما جرَّب ذلك الموفَّقون، وأما مَن أصغى إليها، فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين، بل وأقبح منهم، كما شاهدناه في كثير ممن ابتلوا بها، وأصغوا إليها وإلى شيطانها".

- وينبغي أن تعلم أيضا أن الوسواس قد يكون من مشاكل أو قلق نفسي، فلابد أن تعالج هذا الأمر وتتخلص من هذا بتقوية الإيمان بالقضاء والقدر وأن تكون إيجابيا وتترك التفكير السلبي، وأن من أسباب الوسواس مرض العين أو الحسد أو المس، فعليك بالملازمة للذكر والرقية الشرعية.

- لقد أحسنت بالمدوامة على قراءة سورة البقرة، وأوصيك بأن يكون لك أيضا ورد يومي من القرآن الكريم، وكونك تقع في المعصية، مع أنك تقرأ القرآن، فهذا شيء طبيعي لأنك من البشر وكلهم يخطئون، ولكن عليك كلما وقعت في المعصية أن تتوب إلى الله تعالى، وكونك تشعر بالحزن لأن تعصي الله فهذه خطوة أولى في طريق التوبة، والواجب عليك أن تتوب إلى الله، وتعزم أن لا تعود إلى الذنب، وأكثر من الدعاء بسؤال الله أن يثبتك على الحق، وأبشر بالخير بإذن الله تعالى.

وفقك الله لمرضاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً