الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تصيبني نوبات هلع ورهاب تمنعني من الخروج من المنزل أو مقابلة أحد!

السؤال

السلام عليكم

وبارك الله فيكم لما تقدموه من خير، جعله الله في ميزان حسناتكم.

أعاني من أعراض الرهاب منذ ٨ أعوام عندما ألتقي شخصاً أو مديراً في العمل نبضات القلب تكون عالية، وتتغلب علي، لا أعرف التصرف.

منذ عام بدأت أعاني من صداع ودوخة ودوار خاصة، عندما أتواجد خارج البيت وأقابل أشخاصاً أعرفهم، وأيضاً أشخاصاً لا أعرفهم حتى أني لم أصل جماعة بالمسجد منذ تقريبا ١٠ أشهر، لهذا السبب عندما أكون في المسجد يتغلب علي الدوار الشديد، وفي نفس اللحظة أريد أن أنسحب، منذ شهر بدأت حالتي تسوء، أصبحت تصيبني نوبات هلع وقلق شديد حتى أني أحياناً لا أريد الخروج من المنزل أو مقابلة أحد.

زرت الطبيب منذ أسبوع ، ووصف لي سيبرالكس لكني أخشى أن أستخدمه؛ لأني قرأت في موقعكم أن تأثيره مشابه لعقار اللوسترال، مع العلم أني استخدمت لوسترال ٢٥مغ مرة واحدة، ولم يلائمني، انتابني شعور خوف وقلق لمدة يومين كانت من أصعب أيام حياتي، ولم أستخدمه مرة أخرى، أخشى أن أستخدم السيبرالكس، وتصيبني نفس هذه العوارض.

أفيدوني، بارك الله فيكم، مع العلم أني أستخدم عشبة القديسين بجرعة ٦٠٠ملغ، والجابا، وأنا محافظ على الصلاة، والأذكار، وقراءة القرآن، ومتزوج، ويوجد لدي ابن، ويوجد لي أصحاب كثر، وعلاقاتي الاجتماعية كثيرة، وأمارس الرياضة ٣ مرات، بل أسبوعاً.

لا أدري ماذا أفعل! أشعر أن هذه الحالة تؤثر على حياتي جدا، حتى أني من كثرة القلق، أفكر بترك التعليم، في الوقت الحالي بسبب جائحة كورونا نتعلم عن بعد، لا مشكلة لكني أخشى العودة إلى الكلية.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ صلاح حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أيها الفاضل الكريم: أنت بالفعل – كما تفضلتَ وأوضحت – لديك شيء من قلق المخاوف، وهو ذو طابع اجتماعي، ولديك أيضًا ما نسميه برهاب الساحة، حيث إنك تحس بأكثر طمأنينة وأمانًا داخل البيت، وهذه المخاوف متداخلة مع بعضها البعض.

الأمر في غاية البساطة، أولاً: هذه المخاوف يجب أن تُحقّر تمامًا، يجب ألَّا تهتمَّ بها، يجب أن تتجاهلها، وكل الأعراض الجسدية التي تتخوّف منها – كالدَّوَّار في الرأس أو عدم التحكم في الذات أو السقوط أرضًا أو أنك سوف تُحرج أمام الآخرين – كلها مخاوف ليست صحيحة، وطبعًا توقُّفك عن صلاة الجماعة خطأ كبير، فالمسجد هو مكان الاطمئنان والأمان.

فيا أيها الفاضل الكريم: هذه أوّلُ خطوة يجب أن تَقْدِم عليها، أن تذهب إلى المسجد، وحين تدعو دخول المسجد هذا في حدِّ ذاته فيه فتح عظيم جدًّا لك.

ويجب أن تقوم بالواجبات الاجتماعية، لا تتخلف عنها أبدًا، شارك الناس في مناسباتهم، هذا أمرٌ جيدٌ جدًّا.

وأريدك أن تمارس تمارين الاسترخاء بكثافة، تمارين مفيدة جدًّا، توجد برامج كثيرة على اليوتيوب توضح كيفية ممارسة هذه التمارين، وأنت بفضلٍ من الله تعالى لديك علاقات اجتماعية ممتازة، كما أنك تمارس الرياضة، وهذا كلُّه سوف يُساعدك كثيرًا، وبفضلٍ من الله تعالى أنت رجل مُصلّ، وذاكر، ولديك أسرة محترمة، فكلّ الجوانب الإيجابية في حياتك موجودة، نسأل الله تعالى أن يزيدك من الخير.

أمَّا بالنسبة للدواء: فأنا أبشرك أن السبرالكس دواء ممتاز، وأنا سوف أصف لك دواءين مساعدين، حتى نضمن أنه لن تحدث لك أي تفاعلات سلبية مثل النوع الذي حدث لك مع السيرترالين.

تبدأ في تناول السبرالكس بجرعة خمسة مليجرام، أي: تتناول نصف الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام، هذا مهمٌّ جدًّا، تستمر عليها لمدة عشرة أيام، وفي ذات الوقت وفي ذات اليوم تبدأ في تناول دواء يُسمَّى (ديناكسيت)، هذا دواء متميز لعلاج القلق والتوترات، وبالرغم من سلامة السبرالكس المطلقة، لكن الديناكسيت سوف يضمن لنا أنه لن يحدث لك أي نوع من القلق، والذي غالبًا ما يحدث من التهيج الكيميائي الذي يحدث لبعض الناس في بدايات العلاج، ويُعرف أن السيرترالين وكذلك البروزاك لديهما هذه الخاصّية، وهي موجودة، لكن بأقلّ بدرجة أقل كثيرًا بالنسبة للسبرالكس.

إذًا تتناول السبرالكس خمسة مليجرام يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم تجعلها عشرة مليجرام يوميًا لمدة شهرٍ، ثم عشرين مليجرامًا يوميًا، وهذه هي الجرعة العلاجية المطلوبة، والتي يجب أن تستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم تنتقل إلى الجرعة الوقائية، وهي عشرة مليجرام يوميًا لمدة شهرين، ثم خمسة مليجرام يوميًا لمدة شهرٍ، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم تتوقف عن تناول السبرالكس.

أمَّا الديناكسيت فتتناوله بجرعة حبة واحدة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم تتوقف عن تناوله.

ويوجد عقار يُسمَّى (إندرال)، واسمه العلمي (بروبرالانول) ينتمي لمجموعة من الأدوية تُسمَّى بـ (كوابح البيتا)، هذا الدواء يتميز بأنه يعمل على الجهاز العصبي اللاإرادي – أو الجهاز السيمثاوي – ممَّا يجعل الإنسان لا يحس مثلاً بالرعشة أو الرجفة أو تسارع ضربات القلب التي غالبًا ما تكون مصاحبة للهلع والفزع وقلق المخاوف.

تتناول الإندرال بجرعة عشرة مليجرام يوميًا صباحًا ومساءً لمدة شهرين، ثم عشرة مليجرام صباحًا لمدة شهرٍ، ثم تتوقف عن تناوله.

هذه الأدوية أدوية سليمة وفاعلة، وليس لها آثار جانبية، فقط السبرالكس ربما يفتح شهيتك قليلاً نحو الطعام، كما أنه ربما يُؤخِّرُ قليلاً القذف المنوي عند الجماع، لكنه لا يُؤثّر أبدًا على الصحة الذكورية أو الإنجابية عند الرجل.

بالنسبة لهذه الجائحة (كورونا): طبعًا أضرَّت كثيرًا بالناس، نسأل الله تعالى أن يصرفها عن الجميع.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً