الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من قلق وتوتر شديد يؤثر عليّ في أداء امتحاناتي.. ماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالب في السنة الثانية في كلية الهندسة، وأنا من الطلاب الثلاثة الأوائل، عند اقتراب موعد أي امتحان حتى لو كان بسيطاً جداً، أو موعد تسليم أي شيء مطلوب مني أشعر بتوتر شديد جدا، وشعور ورغبة كبيرة بالبكاء، وألم في الصدر وعضلات الصدر، أنا أعاني من قلق وتوتر شديد، وهذا يؤثر عليّ في أداء امتحاناتي، وحياتي عامة بدون داعي، مع العلم أن هذا الشعور لم يراودني أبداً قبل سنتين، الموضوع متعب جدا.

أنا لا أستطيع مذاكرة دروسي؛ لذلك أحب السهر، فأنا أنام العاشرة صباحا، وأستيقظ في السادسة مساء.

المزعج في الأمر تركي للصلاة، ماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

وصلتني رسالة مشابهة جدًّا لرسالتك هذه قبل أيام قليلة، وقد قمت بالإجابة عنها، فقد ذكر أيضًا أحد الطلاب أنه من الثلاثة الأوائل في كليتهم، ويُعاني من نفس المشاكل التي تعاني منها، وأنا أقول لك: بما أنك من المتميزين فهذا يجب أن يكون حافزًا لك بأن تتخطى كل عقبات التوتر والقلق، ويجب أن نعرف أن القلق في حد ذاته طاقة وجدانية إنسانية مهمّة، فالذي لا يقلق لا ينجح، لكن يجب أن نوجّه القلق توجيهًا صحيحًا.

أولاً: لا بد أن تتجنب السهر، هذا أمر ضروري، وضروري جدًّا؛ لأن تجنب السهر من الأساسيات التي تُنظّم الساعة البيولوجية عند الإنسان، حيث إن النوم الليلي المبكّر يؤدي إلى ترميم كامل في خلايا الدماغ، ويستيقظ الإنسان مبكِّرًا ويصلّي الفجر، ثم يكون الاستحمام وتناول الشاي، وبعد ذلك يدرس الإنسان لمدة ساعة في الصباح.

هذه الساعة التي يدرس فيها الإنسان في هذا الوقت المبارك تعتبر من الأوقات الغالية جدًّا والمفيدة جدًّا، وهي تُعادل ساعتين إلى ثلاث في بقية اليوم، حيث إن درجة الاستيعاب تكون في أفضل حالاتها، كما أن الذي ينجز في البكور –والبكور فيه خيرٌ كثير، كما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بورك لأمتي في بكورها) ودعا فقال: (اللهم بارك لأمتي في بكورها) – الذي ينجز في هذا الوقت لا شك أنه سوف يحس بطاقات إيجابية، طاقات جسدية، طاقات نفسية، طاقات فكريّة، كلُّها تكون في المسارات الصحيحة، وهذا يُحسِّنُ الدافعية عند الإنسان ليُنجز في بقية اليوم.

فأرجو أن تركز على هذا الأمر، حُسن إدارة الوقت والذي يجب أن يبدأ بالنوم الليلي المبكّر.

الأمر الثاني هو: يجب أن تمارس الرياضة، أي نوع من الرياضة، رياضة المشي، الجري، السباحة، كرة القدم، كلها فيها خير كثير.

ألم الصدر وعضلات الصدر: هذا كلُّه ناتج من التوتر، لأن التوتر النفسي دائمًا يتحوّل إلى توتر جسدي، وأكثر عضلات الجسد التي تتأثّر هي عضلات القفص الصدري، تعقبها عضلات القولون، ولذا يشتكي كثير من الناس ممَّا يُسمَّى بالقولون العُصابي.

أيضًا طبِّق تمارين استرخائية، وهذه التمارين يمكن الاطلاع عليها من خلال الاطلاع على البرامج الموجودة والكثيرة على اليوتيوب، توضح كيفية ممارسة هذه التمارين، كما أن إسلام ويب أعدت استشارة رقمها (2136015) أوضحنا فيها كيفية ممارسة هذه التمارين، فأرجو الاطلاع عليها والاستفادة منها.

حاول أن تتفاعل مع أسرتك تفاعلات إيجابية، رفّه عن نفسك بما هو طيب وجميل، ويمكن أن أصف لك أحد الأدوية البسيطة التي تُساعدك في تخطي هذه المرحلة، الدواء يُسمَّى (دوجماتيل) واسمه العلمي (سولبرايد)، يمكنك أن تتناوله بجرعة خمسين مليجرامًا صباحًا ومساءً لمدة شهرٍ، ثم خمسين مليجرامًا صباحًا لمدة شهرٍ آخر، ثم تتوقف عن تناوله.

طبعًا تركك للصلاة مصيبة كبيرة، ولا شك في ذلك، فأنت مسلم، وأنت مُدرك، وأنت في كامل الوعي والشعور والإدراك، والصلاة هي عماد الدِّين، من أقامها فقد أقام الدِّين، ومن تركها فقد هدم الدّين، وهي أوَّلُ ما يُحاسب عليه العبد يوم القيامة، ولا أعتقد أبدًا أن الإنسان الذي يترك الصلاة سوف تتيسر وتتسهل أموره في الدنيا، إلَّا أن يكون هذا نوع من الاستدراج له.

فيا أيها الفاضل الكريم: استغفر ربَّك، وعُد إلى صلاتك، ولا تجعل للشيطان عليك سلطانًا أبدًا، سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول لبلال: (أرحنا بها يا بلال)، وكان يقول: (وجعلت قرة عيني في الصلاة)، وكان من دعاء إبراهيم عليه السلام: {رب اجعلني مُقيم الصلاة ومن ذريتي}.

كل هذه التوترات وهذا القلق وعدم الشعور بالطمأنينة يمكنك القضاء عليها إذا صليت صلاة خاشعة ومتأنّية.

هذه نصائحي لك، وأسأل الله لك التوفيق والسداد.
++++++++++++++++
انتهت إجابة د. محمد عبد العليم استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان
وتليها إجابة د. أحمد الفرجابي مستشار الشؤون الأسرية والتربوية
++++++++++++++++
مرحبًا بك ابننا الفاضل في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والتواصل، ونسأل الله أن يُديم عليك النعم، وأن يُعيننا وإياك على ذكره وشكره وحسن عبادته.

بعد هذه الإجابة الرائعة من الدكتور محمد نوصيك بالإكثار من ذكر الله، فإن الطمأنينة لا تنال إلَّا بذكر الله، {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب}. قد بحث الناس عن الطمأنينة هنا وهناك، لكن يجدها المؤمن الذَّاكرُ لله تبارك وتعالى.

ثانيًا: لكي تنال الطمأنينة وراحة البال وتستقر عندك الاضطرابات النفسية ويذهب القلق الزائد عليك أن تسجد لله تبارك وتعالى، فإن في السجود خيراً كثيراً، قال الله لنبيه: {ولقد نعلم أنك يضيقُ صدرك بما يقولون} وما هو العلاج؟ العلاج في التسبيح والسجود لله تعالى، قال: {فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين}.

لذلك أرجو أن تحافظ على الصلوات، فالنوم عن الصلوات فيه ذم لا ينبغي للمسلم أن يقع فيه، فقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (وإلَّا أصبح خبيث النفس كسلان)، فالذي لا يصلي الفجر، الذي ينام عن الفجر يُصبح خبيث النفس كسلان، فاحرص على أداء الصلاة في أوقاتها، وتعوّذ بالله من شيطانٍ لا يُريد لك الخير، وقم بما عليك من المذاكرة، ونظم وقتك، والحمد لله أنت متميز، فاشكر الله على نعمه لتنال بشكرك لربك المزيد، وانتبه كما ذكرنا للإجابة التي وصلتك من الدكتور، واستكمل هذا الجزء الهام، فإن فلاحنا وحياتنا هي أن نبدأ بالسجود لربِّنا فالق الإصباح سبحانه، ثم بالمواظبة على الصلوات الخمس.

ونسأل الله لنا ولك التوفيق والهداية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر اسلام

    جزاكم الله خير

  • الجزائر ام الياس

    اجابة مقنعة

  • ألمانيا عبد القادر

    جزاكم الله خير الجزاء

  • الجزائر زينب

    الحمد لله بارك الله فيكم

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً