الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أبي لم يرني منذ خمسة أعوام.. هل أنا عاق ومقصر؟

السؤال

السلام عليكم

لدي أطفال صغار، وزوجتي دائماً تصفني بأني مقصر معهم؛ لأني أقضي الوقت في العمل، وأرجع لأساعدها في البيت، وأرتب المنزل، ولا أعطي وقتا كبيرا للأطفال للمذاكرة أو القراءة، أو اللعب معهم، ماذا أفعل؟ وبما تنصحني؟

لدي مشكلة أخرى وهي أن والدي كان قاسيا، ومغتربا لمدة عشرين عاما، وكانت الإجازة السنوية جحيما ومشاكل مع أمي ومعنا.

أنا الآن مغترب، وأتحدث إليه في الهاتف، ولكن ليس بشكل منتظم، أحس أنني عاق وبعيد عنه، حتى أنه لا يسأل عني، ولكن ليس بيننا أي خلاف، والحمد لله، ولكني أشعر من داخلي أني بعيد عنه، فلم يرني منذ خمسة أعوام لظروف ما، ولم يتسن لي الإجازة.

ماذا أفعل لكي لا أكون عاقا؟ هل أنا في هذه الحالة مقصر؟ وماذا علي أن أفعل إن كنت مقصرا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك أيها الأخ الكريم في الموقع، ونشكر لك هذه الأسئلة الرائعة، ونسأل الله أن يُعينك على الخير، وأن يُلهمك السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

سعدنا جدًّا؛ لأنك تُساعد زوجتك، وتقوم ببعض الوظائف التي تُعينها بها، وأنت تشكو من بُعدك عن الصغار، ونحن نُحبُّ أن نركّز على هذه المسألة، ونؤكد لك أن الإنسان مهما كان مشغولاً لكن العبرة بالوقت النوعي، فتخصيص وقت لكل طفل حتى ولو كان وقتًا قصيرًا يُرضيه.

احرص دائمًا على حُسن وداعهم إذا خرجتَ، وحسن استقبالهم إذا رجعتَ، والمسح على رؤوسهم والدعاء لهم وإعطائهم قصة قبل أن يناموا، إذا نجحت في عمل هذه الوصفة عند خروجك في الصباح – حتى لو كانوا نائمين – تمسح على رؤوسهم وتدعو لهم إذا كانوا صغار جدًّا، فإذا رجعت تحضنهم، وإذا وجدت فرصة تلعب معهم ولو زمنا قليلا.

ثم إذا أردتَّ أن تخرج إلى الصلاة - وكانوا كبارًا - يخرجوا معك، أو يخرجوا معك إلى المتجر.

فنريد أن نقول: المهم هو الوقت النوعي، ليس طول الوقت أو قصر الوقت الذي يقضيه الإنسان مع أطفاله.

أمَّا بالنسبة للجزء الثاني وهو شعورك بأنك مُقصِّرٌ تجاه الوالد، فأرجو أن تزيد الاهتمام والاتصال، ولا تُقصّر من الناحية المادية إذا كان يحتاج للدعم، حتى ولو لم يكن محتاجًا عليك أن تخصُّه بالهدايا والعطايا، الأمور التي تُدخلُ السرور عليه، والحمد لله أنه ليس بينكم خلاف، ولكن أرجو ألَّا تُقصّر في حق الوالد؛ لأنه قصّر لمَّا كنتم صغارًا، فالبِرُّ عبادة، والله تبارك وتعالى لم يُوصي الآباء على الأبناء لأن هذه فطرة، وإنما أوصانا نحن ببرِّهم والإحسان إليهم، ومهما كان تقصير الوالد معكم في أيام الصغر فإن هذا لا يُبيح لك التقصير، وعندما تجتهد في بِرِّ والدك والإحسان إليه والتواصل معه والسؤال عنه والاهتمام به، فإنك تعمل خيرًا لنفسك، وتكسب حسنات لنفسك، وأيضًا هذه بشارة لك بأبناء بررة؛ لأن البِرّ يتوارث.

نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً