الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مصاب بشعور نفسي أنني غريب عن هذه الحياة!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شكرا لجميع القائمين على هذا الموقع المفيد.
معاناتي بدأت منذ الصغر، وأنا الآن عمري ١٦ سنة تقريبا، كنت أحس أنني أريد البكاء من دون سبب، وعند الوضوء للصلاة كنت أعيد الوضوء لأكثر من مرة ظنا مني أنني نسيت أنفي وهكذا، وعند الصلاة أنسى عدد الركعات، وبعد فترة ذهبت هذه الأعراض، ولكن عادت من جديد.

حاليا معاناتي أنني لا أشعر بالسعادة، ولا أشعر أنني أحب أحدا، وأحس أنني غريب، أو لا أعلم ما هذا الشعور، وأشعر بأنه لا يوجد لي عواطف أو مشاعر، وأشعر بصعوبة كبيرة بالتفكير أو التركيز على شيء، وأشعر أنني مشتت، لا أعلم لماذا أعيش أصلا.

لا أجد متعة في مشاهدة التلفاز، وأمل بسرعة من كل شيء، وعند الصلاة أصلي من دون وعي، وأشعر دائما أنني مريض، وعند أي مرض أشعر أنني سأموت، أصبحت من جديد لا أحب دخول المسجد؛ لأنه حدث معي موقف في صلاة الفجر بأنني سأموت، وشعرت وقتها بضيق في النفس، ومن وقتها لا أحب الدخول إلى المسجد، وعند حدوث أي موقف أفسره أنه علامة الموت.

وأشعر أنني لا أتحكم بكلامي، وأن الكلام يخرج من تلقاء نفسه، وأنني في حلم، أو لا أعلم ما هذا الشعور، وأحيانا أشعر أنني استيقظت، ولا يوجد شيء من هذا الكلام، وأني بصحة جيدة، المهم تعبت كثيرا، ولا أعلم ماذا أفعل؟ أرجو مساعدتي، أعلم أن الكلام غير مترابط، ولكن هذا الذي استطعت كتابته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Omar حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسدد.

أخي: لديك مجموعة من الأعراض تتمثل في وجود قلق، وتوتر، ومخاوف، وشيء من الوسوسة، عُسر المزاج، الشعور بالتغرُّب عن الذات، أو ما نسمّيه باضطراب الأنية، وهذه كلها تأتي تحت مسمَّى (الاضطرابات الوجدانية) البسيطة، لا أريدك أن تعتبر نفسك أنك تعاني من علل مرضية نفسية متعددة، أو أنه لديك تشخيصات نفسية مختلفة ومتعددة، لا، هي كلها في بوتقة واحدة، وبعض علماء النفس يضعونها تحت بند القلق الاكتئابي البسيط. فإذًا هذا هو من حيث التشخيص.

طبعًا أنت الآن في فترة الشباب، وهذه الفترة حقيقة فيها طاقة عظيمة، يجب على الإنسان أن يستفيد منها، وألَّا يُضيِّعها أبدًا فيما لا يفيد. أريدك أن تجعل من هذا القلق قلق إيجابي، أريدك أن تُحرّكه، أريدك أن تجعله مفيدًا لك ولأسرتك، وذلك بأن تكون حازمًا مع نفسك جدًّا في إدارة الوقت، هذا أمرٌ مهمٌ جدًّا، ما هي المهام التي يجب أن تقوم بها في أثناء اليوم؟ ما هي الصِّلات الاجتماعية والواجبات الاجتماعية التي يجب أن تنفذها؟ وما هو العمل الذي يجب أن تقوم به؟ الخروج من أجل الترفيه عن النفس، القراءة، الاطلاع، تحديد الأهداف ووضع الآليات التي توصلك إليها ... فهذه كلها أشياء مهمة جدًّا. الاكتئاب والقلق لا يُهزم إلَّا من خلال توظيف الطاقات النفسية وتحويلها من طاقات سلبية إلى طاقات إيجابية، والله تعالى أعطانا القدرة على التغيُّر، وأعطان القدرة على التطوّر، {إن الله لا يُغيِّرُ ما بقومٍ حتى يُغيروا ما بأنفسهم}.

ويا أخي الكريم: الإنسان حين تكون لديه أهداف ويعقد النية على تنفيذها يستطيع أن يُنفذها، ويستطيع أن يشعر أن حياته ذات قيمة. فأرجو أن يكون هذا هو منهجك، ولا تكن متشائمًا أبدًا، الفكر السلبي تخلّص منه من خلال استبداله بالفكر الإيجابي، وكذلك الأفعال، وكذلك المشاعر، لا بد أن تكون هنالك أهداف، أهداف قصيرة المدى، وأهداف متوسطة المدى، وأهداف بعيدة المدى، والإنسان يضع الآليات التي توصله إلى أهدافه، مهما كان شعورك سلبيا، مهما كانت أفكارك غير مُجدية، لا تنقد بها، انقد بأفعالك، وحين تُنجز أي فعل هذا سوف ينعكس إيجابًا على أفكارك وعلى مشاعرك، وسوف تتحول إلى طاقات نفسية إيجابية جدًّا، ممَّا يشجّعك على المزيد من الإنتاجية والفعاليات العملية في حياتك.

أيها الفاضل الكريم: سيكون من الجيد أن تجري فحوصات طبية عامّة للتأكد من صحتك الجسدية، هذا لمجرد الاطمئنان، وهذه الأفكار والمخاوف التي تأتيك حول دخول المسجد: هذه يجب أن تحقّرها يا أخي، المسجد هو مكان الأمان، المسجد هو المكان الذي تحفّ فيه الملائكة الجماعات، المسجد هو المكان الذي يُعبد الله فيه على حق، المسجد هو المكان الذي تلتقي فيه بالصالحين من الناس. فهذا الفكر السلبي لا تعطيه أي فرصة، أنا أعرف أن الاكتئاب والقلق والتوتر يصدّ الإنسان من كل شيء، خاصة الحياة الجميلة.

طبعًا – يا أخي – أنت محتاج لعلاج دوائي، ودواء الـ (سبرالكس) والذي يُسمَّى علميًا (استالوبرام) سيكون هو الدواء الأنسب والدواء الأسلم، والدواء الفاعل بالنسبة لك، تبدأ في تناوله بجرعة خمسة مليجرام، أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام، تتناولها لمدة عشرة أيام، ثم اجعل الجرعة عشرة مليجرام يوميًا لمدة شهرٍ، ثم عشرين مليجرامًا يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم عشرة مليجرام يوميًا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم اجعلها خمسة مليجرام يوميًا لمدة شهرٍ، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً