الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أرغب بالتوبة الصادقة من ذنوب ما زلت أمارسها، كيف لي ذلك؟

السؤال

السلام عليكم.

كنت محافظة جدا على قراءة القرآن، لا أشاهد المواقع والصور الإباحية، ولا أستمع للأغاني.

منذ أن توفي ولدي انقلبت وتغيرت، بدأت أشاهد الصور ليس كل يوم، مرة كل عدة أشهر مثلا، وفي كل مرة أشعر بالذنب وأتوب إلى الله توبة نصوح.

ثم تطورت وأصبحت أشاهد أفلاما إباحية أنمي، مع أنني لا أستطيع مشاهدتها كاملة، فقط أجزاء بسيطة منها، وعندما أكمل المشاهدة أشعر بالذنب الكبير وأتوب توبة نصوح، وأبكي من شدة الذنب.

محافظة على صلاتي وعلى قراءة القرآن والصيام، ولكنني أجد نفسي بعد فترة أعود من جديد، مشاهدتي لا تدوم في الغالب نصف يوم أحيانا، أو ساعات فقط بعد شهرين أو ثلاثة من كل توبة.

أصبحت عندما أتوب لا أبكي من شدة ذنبي، أشعر بأنني أصبت بالبرود، ولا أعرف لماذا أعود في كل مرة، في كل صلاة أدعو الله أن يبعدني عن هذه الأفلام، فعلا تعبت من العودة لنفس الذنب، لا أعرف كيف أعود لما كنت عليه في السابق؟

أرجوكم ساعدوني بنصيحة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً ومرحبا بك -عزيزتي نور-، كل ما تعانين منه هو مشكلة العصر في ظل الانفتاح التكنولوجي التي أتاح للجميع استسهال المعلومة، والصور الإباحية، والوقوع في الخيانة البصرية؛ مما يترتب على هذا الابتلاء من أضرار نفسية منها: قلة الشعور بالحياء.

فأهمية غض البصر، والمداومة على تذكير نفسك بالآيات والأحاديث التي تردع، فقد حذرنا رسولنا الكريم من ذلك، حيث قال لنا -عليه الصلاة والسلام- في حديثه: "إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة، فالعين تزني وزناها النظر، واليد تزني وزناها اللمس"، وقال الرحمن: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم)، وهذا الأمر يتطلب منك الصبر لتحافظي على عفة النفس، ومن الوقوع في المحذور، فالإنسان كما قال -عز وجل-: (وخُلق الإنسان ضعيفاً).

والرغبة الجنسية أمر فطري ولا يمكننا التخلص منها، وليس المطلوب ذلك، وإنما المطلوب هو أن نمتنع من صرفها في الحرام، وأن نصرفها فيما أحل الله -سبحانه وتعالى- بالزواج، لذا عليك بالأخذ بالأسباب لتسهيل أمر الزواج، والمبادرة بالزواج عند الإمكان، ولو كان بصورة مبسطة لا إسراف فيها ولا تعقيد، وترضون خلقه ودينه.

واعلمي -عزيزتي- إنّا الله جعل للعبد مخرجاً ممَّا وقع فيه من الذنوب بالتَّوبة والاستغفار، فإن فعل فقد تخلَّص من شرِّ الذنب، وإن أصرَّ على الذنب هلكت نفسه وأتعبته، وجعلته مشتتا فكريا ونفسياً، مما يؤثر على أدائه في الحياة اليومية.

حتى تريحي نفسك وتشعري بالرضا، وتعودي كما كنت سابقاً يجب فوراً إلغاء كافة المواقع التي تبث الأفلام والصور الإباحية من جوالك، وهذا الحل السليم للابتعاد عن مواطن الفتنة مع أهمية استشعار مراقبة الله، ولتصن نظرك عن ابتلاء الصور، وغضُّ البصر عمَّا حرم الله -عز وجل-: (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن)، لذلك ينبغي البعد عن الأماكن التي يوجد فيها ما يغري ويحرك كوامن الشهوة.

تعزيز الإيمان في النفس من خلال العودة والمداومة على: تلاوة القرآن، والتفكر في أسماء الله تعالى وصفاته، فالإيمان يعلو بالنفوس ويسمو بها، كما أنه يجعل صاحبه يقاوم الشهوات والإغراءات الدنيوية.

القيام بعمل تطوعي، مثلًا: أن تتطوعي للعمل في مركز للأيتام، فإن هذا العمل سيكون له أكثر من مردود إيجابي على نفسك؛ والعمل التطوعي له ميزة أخرى أيضًا، وهي: أنه سيشعرك بأن هنالك من هو بحاجة لك؛ مما سيعطيك شعورًا كبيرًا بالرضا والسعادة والثقة.

وفقك الله، ونور بصيرتك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً