الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من خوف شديد من الموت، ما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعاني منذ أسبوع تقريباً من خوف شديد من الموت، حتى إني لا أستطيع ممارسة حياتي بشكل طبيعي، وأحس أن ذلك سيؤثر على دراستي، وأحس بقلق شديد دائماً حتى إني لا أستطيع النوم بالليل.

أرجو منكم المساعدة، وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

الذين يخافون من الموت بصورة مرضية دائمًا لديهم مفاهيم خاطئة حول الموت، ونحن مقتنعين بأن الخوف المحمود، الخوف الإيجابي من الموت مطلوب، لكن الخوف المرضي مرفوض، الخوف الإيجابي هو أن تكون للإنسان قناعة مطلقة أن الموت حق، وأن الموت آتٍ، وأن أجل الله إذا جاء لا يُؤخّر، وأن النبي صلى الله عليه وسلم وهو أفضل خلق الله قد خُوطب -كما ورد في القرآن-: {إنك ميت وإنهم ميتون}، {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ * كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}، هذه حتمية قاطعة، هذا هو الوعد الحق ولا شك في ذلك.

هذا المفهوم هو المفهوم الصحيح حول الموت، والذي يُشبِّع نفسه بهذا الفكر الإيجابي، الفكر الممتاز عيش الحياة بقوة، ويعيش الحياة برحابة، وبانبساط، ويكون قويًّا وتقيًّا، وعابدًا لربِّه، ومُنتجًا في حياته، ومفيدًا لنفسه ولغيره؛ لأنه يُؤمن بالقناعة الأبدية للموت.

أمَّا الذي يتكلم عن الخوف من الموت ويكون مثلاً مُهملاً في عباداته غير مفيد لنفسه ولا لغيره، غير مجتهد في الحياة، غير مُنتج، هذا قطعًا سوف تُسيطر عليه الوساوس والخوف المرضي هذا ويُعطِّل حياته، فأنا أريدك أن تكوني من المجموعة الأولى.

أريدك أن تعيشي الحياة بقوة، تعيشي الحياة بكل رحابة، بكل سعادة، أنت الحمد لله صغيرة في السّن، أمامك -إن شاء الله- مستقبل رائع، اجتهدي في دراستك، كوني حريصة على واجباتك الدينية، كوني بارَّةً بوالديك، أحسني توزيع وقتك، وتجنبي الفراغ؛ لأن الفراغ هو الذي يُولِّد الوساوس والمخاوف.

حين تُصلِّين صلاتك – ما شاء الله – في وقتها وتحرصين على الأذكار ووردك القرآني لا أعتقد أنك بعد ذلك سوف تخافين خوفًا مرضيًا من الموت، لا، حياتك سوف تتبدّل تمامًا، ويجب أن تكون لك تطلُّعات وآمال حول المستقبل: مَن أنتِ بعد ست أو سبع سنوات من الآن؟ خرِّيجة، تحصَّلتِ على درجة الماجستير، شرعتِ في الدكتوراه، تزوجت إن شاء الله تعالى زواجًا صالحًا، العمل إن كان لديك رغبة في ذلك.

هذا كلُّه يجب أن يكون أمام مخيلتك، وهذا ليس خداعًا للنفس أو أوهام، هكذا الإنسان يستطيع أن يُشبِّع نفسه بالطاقات الإيجابية التي تدفعه نحو الإنتاجية والتفاؤل والإنجاز.

أمَّا أن يشغل الإنسان نفسه بهذه الوساوس سوف يُعطّل حياته تمامًا، فأرجو أن تُصححي مفهومك، وأتمنى لك التوفيق والسداد، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً