الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يُضيّق علي وعلى عملي بعد اكتشافي وإقالتي لمختلسين ورفضي لرشوتهم!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أخي الكريم: أنا أعمل مسيرا بشركة منذ ما يقارب العام، قبل تولي المهمة اكتشفت اختلاسات على مستوى الشركة من بعض الأشخاص، فقررت الاستغناء عن خدماتهم، فعرضوا علي مبلغا ماليا كرشوة للإبقاء عليهم إلا أني رفضت رفضا قاطعا، ومنذ ذلك الحين بدأت مشاكلي، حيث إنهم اتفقوا مع بعض الأعوان من الضرائب والتجارة على تعطيلي ومصالح الشركة وتلقوا مبالغ مالية هامة مقابل ذلك، وفعلا كان الأمر كذلك فقد تم تلفيق تهم زائفة لي، وعطلت تماما الشركة، وأنا الآن محل متابعة قضائية، ومهدد بالسجن بسبب هذه المظلمة.

لي قناعة أني حين اختيار طريق الحق ورفضي للرشوة وخيانة الأمانة أن الله سينجيني، لكن كما تعلم -أخي الكريم- أحيانا يضعف الإنسان ويكاد يستسلم، فبماذا تنصحني؟

وبارك الله فيك -أخي الكريم-.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حمزة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب.

نسأل الله تعالى أن يُنجّيك من كربك ويدفع عنك شر الأشرار وشر طوارق الليل والنهار، وقد أصبت –أيها الحبيب– حين اعتقدتَّ أن الله تعالى سيُنجِّيك إذا اتقيتَه، وقد قال الله سبحانه في كتابه: {ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب}، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تُجاهك)، فمن كان مع الله كان الله معه، ولن يُضيِّعك الله، فثقْ بالله تعالى وحسِّنْ ظنَّك به، فقد قال الله في الحديث القدسي: (أنا عند ظنّ عبدي بي، فليظُنّ بي ما شاء)، وهو سبحانه وتعالى قدير على أن يُنجِّيك من مكر هؤلاء، بل ما هو أكثر من ذلك.

ولكن مع هذا –أيها الحبيب– خذ بالأسباب المباحة التي شرعها الله تعالى في مثل حالك، فإن الله تعالى قدَّر في هذه الحياة أن تكون النتائج مبنية على المقدمات، والمسبَّبات مبنية على الأسباب، والرسول -صلى الله عليه وسلم- وهو خيرُ خلق الله أخذ بالأسباب في مواطنه كلِّها، فأنت لا بد أن تأخذ بالأسباب المُتاحة لتدفع عن نفسك مكر هؤلاء وشرَّهم.

فنصيحتُنا لك أن تستعين بأحد الحُذَّاق من المحامين، وأن تعلم المداخل والمخارج التي تستطيع بها أن تدفع عن نفسك هذا المكر وهذا الكيد، وتوكّل مع ذلك على الله سبحانه وتعالى، وعلِّقْ قلبك به، وهو سبحانه قديرٌ على أن يُخلِّصك من كل مكروه.

وقد أحسنت كل الإحسان حين رفضت مشاركتهم في فسادهم وإجرامهم، ورفضت أخذ الرشوة على ذلك، ولكن في كيفية دفع الفساد لا بد من أن يكون الإنسان حصيفًا كيِّسًا، ولا بد أن يعلم كيف يدفع المفسدة الكبرى بارتكاب مفاسد صغرى، فيمكن تفريق كلمة هؤلاء المفسدين أولاً فيما بينهم حتى لا يتعاونوا عليك، بأن تدفع المفاسد الأعظم ولو بإبقائهم على مفاسد صغيرة، وهكذا، فلا بد من مراعاة هذا في حال الإنسان المسلم، فهذه أسباب شرعها الله تعالى، وشرع لنا العمل بها لتكون الثمار والنتائج مبنية على ذلك.

نسأل الله تعالى أن يتولّى عونك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً