الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من اضطراب ووساوس وأنتف شعر حاجبي

السؤال

السلام عليكم
وشكراً لقراءة رسالتي.

أنا فتاة بعمر 23 سنة، صار لي نحو 10 سنين وأكثر وأنا مصابة باضطراب نفسي اسمه: Trichotillomania، هو اضطراب نتف الشعر، وفي حالتي أنا هو نتف شعر الحواجب بسبب التوتر والقلق.

يعني أنا واعية حين أنزع شعر حاجبي بأصابعي ويصعب لدي التحكم في نفسي، وتهدأ نفسي في الحين والآخر، كما أني أشعر بالضغط كثيراً، وحين أخرج طاقتي السلبية أشعر بندم شديد، وهذا منذ أن كنت في الثانوية.

سؤالي هو: هل أنا آثمة وآخذ ذنوباً بسبب أني أنتف حاجبي؟ علماً أني تابعت عند طبيبة نفسية، ووجهتني عند طبيبة نفسية أخرى، لكن بسبب كورونا توقف كل شيء، ولم أكمل عندها إلى الآن.

كما أني أداوم على الأذكار، وأصلي، لكن دوماً أشعر بداخلي بضغط مكبوت يخرج عن طريق هذا الاضطراب، وفي الأحيان القليلة التي أستطيع التحكم في نفسي لدي بعض من مشاكل جلدية تظهر على يدي Psoriasis أو Eczema.

أريد التحكم في وساوس الطهارة والصلاة، لدي صعوبة الخشوع في الصلاة، مع أني أستعيذ بالله من الشيطان، كما أني كثيرة الخوف، ما يجعلني أفضل البقاء في المنزل بدل العمل أو تجربة شيء جديد.

أرجو منكم الإجابة عن سؤالي، لأني أعتذر لربي كثيراً، وأستغفر، لكني أبدا ما استطعت التوقف عنه، وأسأل نفسي ماذا لو أخذت ذنوباً على كل السنوات التي نتفت فيها حاجبي؟ قد لا يكون لدي نصيب من الجنة.

شكراً وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ كوثر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك -أختنا الكريمة- ورداً على استشارتك أقول:

هنالك أسباب لهذا الاضطراب، فإن عولجت زال وأظن أن من جملة الأسباب القلق والتوتر، مما سيحدث أو يتوقع، وعلاج ذلك من وجهة نظري يكمن في تقوية الإيمان بالله تعالى، من خلال كثرة العمل الصالح، فقوة الإيمان تجعل العبد يرضى بما قضاه الله وقدره، ويكون حاله كما قال عليه الصلاة والسلام: (عَجَبًا لأمرِ المؤمنِ إِنَّ أمْرَه كُلَّهُ لهُ خَيرٌ وليسَ ذلكَ لأحَدٍ إلا للمُؤْمنِ إِنْ أصَابتهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فكان خَيرًا لهُ وإنْ أصَابتهُ ضَرَّاءُ صَبرَ فكان خَيرًا لهُ).

عليك أن توقني أن توترك وقلقك لا يقدم ولا يؤخر ولا يؤثر في الأحداث، لأن كل شيء في هذه الحياة يسير وفق القضاء والقدر، وإن كان على العبد أن يعمل بالأسباب الشرعية التي توصله لأهدافه فلكل شيء جعل الله سبباً، والعمل بالأسباب مشروع وترك العمل بالأسباب سفه.

قوة الإيمان والعمل الصالح من أسباب جلب الحياة الطيبة الهادئة والمطمئنة، كما قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

أكثري من تلاوة القرآن الكريم واستماعه، ففي ذلك طمأنينة لقلبك، كما قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) فإن حصلت الطمأنينة للقلب زال القلق والتوتر.

من العلاج لهذه الحالة لزوم الاستغفار والإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فقد ورد في الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).

عليك بالالتجاء إلى الله من خلال كثرة التضرع بالدعاء بين يديه سبحانه أثناء السجود، مع تحين أوقات الإجابة، فاطلبي من الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يذهب عنك ما تجدين، وأكثري من دعاء ذي ذي النون: (لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَاْنَكَ إِنِّيْ كُنْتُ مِنَ الْظَّاْلِمِيْنَ) فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).

حافظي على أذكار اليوم والليلة كاملة، ويمكن الاستعانة بتطبيق أذكار المسلم، أو كتيب حصن المسلم للقحطاني، فالذكر يدفع الله به البلاء والشرور.

مارسي حياتك بشكل اعتيادي كأفراد أسرتك، ولا داعي للقلق، واعلمي أن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وأن أقدار الله كلها خير للمسلم، سواء ظهر ذلك في الحال أو سيظهر في المستقبل.

هذه خطوات سلوكية والعمل بها أولى من استعمال العقاقير الطبية لما لها من الآثار لكن إن عجزت ولا أظنك إلا قادرة على ذلك فمراجعة الطبيب النفساني تكون ضرورة مع أني آمل ألا تصلي إلى هذا الحد.

نسعد بتواصلك ونسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً